أولاد الأفاعى مسخوا كل شىء، فرغوا الأمور من مضمونها والكلمات من معانيها والأشياء من مسمياتها وحولوا المبادئ العظيمة إلى مجرد شعارات جوفاء فارغة أو مناديل كلينيكس، يستعملونها ثم يلقونها فى سلة المهملات.
الخبر المدوى الذى يكشف كل الادعاءات حول ما جرى ويجرى فى سوريا، نشرته مجلة فورين بوليسى الأمريكية وفحواه أن حكومة الاحتلال الإسرائيلى سلحت ومولت أكثر من 12 جماعة تصف نفسها بالمعارضة، وذلك فى الفترة من 2013 وحتى يوليو من العام الجارى.
الخبر الفضيحة يوضح بالتفصيل كيف قدمت تل أبيب بنادق هجومية ومدافع رشاشة ومنصات لإطلاق قذائف الهاون وعربات مدرعة فضلا عن دفع رواتب بالدولار للسادة المعارضين والجنود، ليحرسوا لها الحدود المصطنعة على الأراضى المحتلة فى الجولان، وليهاجموا القوات الحكومية وعناصر الجيش العربى السورى، وطبعا الشعار العريض جاهز، الأشاوس فى ثورة ورافضون لحكم الاستبداد ويريدون تحرير التراب الثورى من الغاصبين وإقامة ديمقراطيات حديثة.
الشعار الزائف الأشبه بقميص عثمان، جاهز طوال الوقت تحت أقدام الخونة والمرتزقة وداعرى السياسة الدولية وأذناب أجهزة الاستخبارات الغربية وصبيان الفوضى الخلاقة، تجد الواحد منهم يرتدى الملابس شبه العسكرية وارد إسرائيل ويحمل الرشاش الإسرائيلى ويدخن التبغ الإسرائيلى ويأكل من زراعة المستوطنات، ثم يتحدث عن ضرورة فرض الديمقراطية بالقوة ولو تكلف الأمر قتل مليون سورى مدنى أعزل وتشريد عشرة ملايين آخرين.
ما هذا القبح والتشوه؟ قادة وجنود الجماعات التابعة لنتانياهو وحكومته فى سوريا، هم الذين كشفوا لمجلة فورين بوليسى قصة عمالتهم ونذالتهم ودعارتهم الثورية، وهم لم يفعلوا إلا بعد توقف التمويل الإسرائيلى، فقد كانوا يأملون أن يظلوا طوال حياتهم تحت جناح الدولة العبرية يستظلون بظلها ويأكلون من أموالها ويقاتلون فى سبيلها، لكنها هى من قالت كفى، لقد أديتم مهمتكم بالنسبة لنا ولم يعد بنا حاجة لأمثالكم.
هؤلاء العملاء يسحون الدموع لمراسل فورين بوليسى حزنا وكمدا بعد أن رفضت إسرائيل استمرارهم على ذمتها كما رفضت دخولهم الأراضى التى تسيطر عليها واعتبرتهم «كروت» محروقة، العملاء يقتلهم الغضب من سادتهم فى تل أبيب ولذلك يشكون لسيد أجنبى آخر فى الولايات المتحدة، ربما تجد حلا لمشكلتهم مثلما فعلت فرنسا مع الجزائريين الذين قاتلوا إلى جوارها ضد أبناء بلدهم الثائرين من أجل التحرر منتصف القرن الماضى، فأسكنتهم بعض قرى الجنوب الفرنسى ومنحتهم جنسيتها وأسبغت عليهم نعمتها فى صورة معاشات مدى الحياة.
ولكن ما هى تلك الحياة التى يؤجرها العملاء للأعداء مقابل حفنة من الدولارات؟ أى قيمة يقدمها لنا من يسمون أنفسهم بالمعارضة السورية الممولة من إسرائيل؟ أى أخلاق أو مبادئ يعتنقونها؟ وما الذى يدافعون عنه إلا مصالحهم الشخصية الوضيعة؟ إن هى إلا عدمية بهيمية خالصة، وعودة إلى العصور البربرية عندما كان القوى يؤجر قوته لمن يدفع وصاحب السيف يقاتل إلى جوار من يقدم المنافع! لكن ما هو الوطن هنا؟ ما موقعه من الإعراب إذا كان هؤلاء الثوار المعارضون يسمون أنفسهم ثوارا ومعارضين وأصحاب فكرة تحررية، ثم يطلبون اللجوء إلى إسرائيل والقتال تحت رايتها، بل ويلومون المحتل الغاصب أراضيهم أنه تخلى عنهم ولم يسمح لهم بالعيش تحت راياته!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة