أكرم القصاص

تعليم «الميس والمستر والباج».. والمضاربة على جيوب أولياء الأمور

الأحد، 16 سبتمبر 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يكفى تحويل أسماء الحاجات من العربى إلى الإنجليزى ليصبح التعليم متطورا وعصريا؟ وبعد أن دخل التعليم من مرحلة «اللانش بوكس واللانش باج»، و«سبلايز ليست supplies list» تتحقق المنظومة المأمولة للانتقال بالتعليم من المانيوال إلى الديجيتال. القصة وما فيها أن المصريين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية يهتمون بالتعليم، وعلى استعداد للاستدانة والحرمان من الطعام والملابس ليوفروا لأبنائهم التعليم. فى مدارس حكومية أو تجريبية، أو معاهد قومية، خاصة عادية، أو بريطانية فرنسية أو أمريكية، أو «إنترناشيونالية». وكل حسب إمكانياته.
 
لكن لأن السادة تجار التعليم يعرفون ذلك، يحاولون انتزاع أى أموال من جيوب وقلوب أولياء الأمور، ولا يمكن لوم أسرة تدفع نصف دخلها من أجل أن يحظى أبناؤها بتعليم يؤهلهم ويطور مهاراتهم ويفجر طاقاتهم، حتى يصلوا إلى سوق عمل محترم.. واللوم هنا على غياب الرقابة وترك التعليم ليتحول إلى نوع من المضاربة والتجارة، وأصحاب المدارس الخاصة أو أغلبهم يمارسون الاتجار بشكل علنى، ولا يكتفون بمصروفات تتضاعف بلا منطق، لكنهم يخترعون مطالب لا منطقية وطلبات خرافية، بدءا من «سبلايز ليست» وصولا إلى أتوبيس المدرسة، مرورا بباقى التفاصيل التى يحولونها من الاختيار للإجبار.
 
ولا توجد أى مؤشرات على أن الأموال التى تجمعها المدارس ولا نصفها ولا حتى ربعها تذهب إلى التعليم، ثم إن مصير «السبلايز» مجهول ولا أحد يعلم إن كانت تذهب إلى المخازن أو إلى مسارات أخرى خارج نطاق التربية والتعليم وداخل نطاق «الاستنفاع اللامنطقى». وقد توسعت المدارس فى طلباتها لأنها لم تجد جهة تسأل أو تمثل أولياء الأمور بوصفهم مواطنين لهم طاقة وحقوق، ولا توجد قواعد للمدارس وحدود للمطالب الخرافية التى تطلبها، وهو ما يضطر بعض أولياء الأمور للشكوى لكنهم لا يجدون آذانا صاغية وربما بعضهم لا يملك أن ينقل أولاده إلى مكان أرخص هربا من المطالب الخرافية. ومن حق أصحاب المدارس أن يحققوا توازنا ماليا، لكن بعضهم يكدس ثروات ولا يدفع ضرائب رهانا على أن القانون غير موجود، وإذا كانت الدروس الخصوصية مستمرة لا يمكن الحديث عن تعليم حديث أو قديم.
 
وقد يرد أصحاب المدارس «وانتوا مالكم» والأسر تدفع باختيارها ولا أحد يجبرهم، ومن حق الأغنى أن يدفع أكثر ليضمن لأبنائه تعليما جيدا، وهو أمر منطقى شكلا وفى المضمون هناك مبالغة فى أسعار المدارس تمثل نوعا من المضاربة أشبه بالمضاربة فى سوق العقارات، تحول التعليم إلى تجارة وليس خدمة، ثم إن ترتيب التعليم فى مصر يعنى أن التعليم الخاص والعام معا بعيد عن الجودة والمعايير المتبعة دوليا، بما يشير إلى تحويل المدارس إلى سوبر ماركت يسوق بضاعة خالية من الضمانات.
 
وإذا كان هناك حديث عن تطوير للتعليم يفترض أن يتضمن كل المؤسسات التعليمية ولا يفترض أن تبقى المدارس الخاصة خارج ما يجرى وكأنها جزر ذات امتيازات، تحصل على إعفاءات وحوافز، وفى النهاية تتاجر فى التعليم. ثم إنها تمثل نوعا من التفرقة بين المواطنين، ومن الصعب الثقة فى تعليم كل ما يقدمه أن يحول «الأبلة» إلى «ميس»، والأستاذ إلى «مستر» والأدوات المدرسية إلى «سبلايز ليست».






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة