- وثائق قديمة بخط يد القرضاوى يتهم فيها الإخوان بعد الاختلاف معهم فى الخمسينيات بأنهم أهل غدر متشددين يخالفون منهج النبى والصحابة ومضحوك عليهم
- كيف نجحت ملايين قطر فى إعادة القرضاوى إلى مشهد الشهرة فى منتصف التسعينيات تجهيزا لاستخدامه ضد مصر وتعزيز دور الإمارة فى الوطن العربى؟
- لعبة تيسير الفقه كانت سلاح القرضاوى لتحقيق الشعبية بتقديم نفسه شيخا مستنيرا ثم بدأ استغلال حصاد تلك الشهرة فى دعم الإرهاب والإخوان بعد ثورة 25 يناير
لا فرق بينهما، ولكن لم ندرك ذلك وقتها..
الأول دفعوا الأموال لتسويقه إعلانيا بين الناس، والثانى دفعت له إمارة ملايين لتسويق أفكاره فى عقول الناس..
الأول مبيد حشرى سام، والثانى حامل وموزع ومروج لأفكار مسمومة، الأول كانت شهرته بأنه يزحف ويتوغل ويتسرب ويقتل، والثانى حظى بالشهرة بسبب قدرته على التوغل والانتشار والتسرب بأفكاره إلى حياة الناس، الأول يقتل ومفعوله مستمر، والثانى يحرض على القتل ومنهجه يستمر ويستمر ويستمر ويتوغل ويتسرب..
أما الأول فهو «فليت» الأصلى مبيد حشرى تمتع بأشهر إعلانات منتصف التسعينيات عبر رجل أنيق يردد ميزته الكبرى: «يزحف ويتوغل وينتشر ويتسرب ويقتل ومفعوله يستمر ويستمر ويستمر..».
أما الثانى فهو يوسف القرضاوى شيخ ورجل دين مصرى إخوانى تمتع برعاية قطرية فى منتصف التسعينيات عبر أمير يكره مصر، منحه الحضانة والمال، وخطط له بأن يتوغل وينتشر ويتسرب إلى المجتمع المصرى بأفكار وفتاوى وخطاب دينى، ظاهره الوسطية والاعتدال، وباطنه التحريض، ولكن الزمن أثبت أن باطنه كان التحريض على القتل والخراب حينما تحين الفرصة المناسبة.
كنا صغارا نعانى من الخطاب الدينى الكلاسيكى لرجال الأزهر، وننفر من الخطاب الدينى المتطرف لرجال التيار السلفى، وظهر هو بثوب المعتدل، يطرق أبواب جذب انبهارنا بكتابات بسيطة وفتاوى مستنيرة ضمنها فى كتابه «الحلال والحرام فى الإسلام»، قدمته لنا الصحافة وأهل الاستنارة فى النخبة المصرية بأنه صاحب خط دينى وسطى، وهاجمه السلفيون بصفته مفرطا، فبدأ يحصد شعبية وشهرة تأخرت لسنوات طويلة بدأها يوسف القرضاوى منذ الخمسينيات، وفهم هو أن لعبة تبسيط أمور الفقه أعجبت الجمهور وأراحت أهل التيار المدنى والدولة بعد أن أزعجتهم فتاوى السلفيين المتشددة، فطرق على الحديد وهو ساخن وأصدر مجلد «فتاوى معاصرة»، ثم قدم سلسلة تيسير الفقه، وصدرت ضمنها عناوين مثل أصول الفقه الميسر، ثم الصيام، ثم الطهارة وغيرها من العناوين الأخرى، بجانب برامجه التليفزيونية «الشريعة والحياة» و«هدى الإسلام».
استكمل القرضاوى تموضعه وحظى بشهرة فى الوطن العربى صدرته لكى يكون وجها معتدلا بعد أن ملأ فراغ الرغبة العامة فى مصر والوطن العربى فى وجود خطاب دينى سهل وبسيط ومفهوم بدلا من خطاب الأزهر الكلاسيكى وخطاب السلفيين المنفر بإرهابه وصوته الزاعق، ثم بدأ وجهه الإخوانى يظهر رويدا رويدا، ويتكشف للناس أن عملية إعادة إنتاج الرجل كانت لهدف واضح هو دعم ومساندة الإخوان المسلمين والترويج للإمارة القطرية التى كانت تؤويه وتملأ حياته بالمال مقابل دعمها وتمرير مخططها فى المنطقة.
ومع سنوات التعرية فى مرحلة الثورتين لم تنجح ألاعيب القرضاوى ومراوغته فى التحايل على سرعة الأحداث والمواقف، وظهر وجهه الإخوانى المتطرف، يحرض على القتل لصالح جماعته، يهاجم أنظمة حكم تنازعها قطر النفوذ فى المنطقة، حتى بات واضحا أن القرضاوى ما هو إلا رأس أفعى التلاعب بالدين لصالح جماعته ومن يدفع لها أكثر.
فى الحقيقة كانت الخدعة كبرى، لأن اسم القرضاوى كان كبيرا فى نفوس عدد كبير من المواطنين فى المنطقة العربية، ولكن لا مجال هنا للدهشة ولا الصدمة ولا حتى التعجب، تاريخ شيوخ الإخوان وعلى رأسهم القرضاوى مع اللعب بالدين طويل وزاخر بالرقص على الحبال ولى عنق الآيات والأحاديث للوصول إلى النتيجة التى تخدم وجهة نظره أو مصلحة من يتبعه أو من يدفع له أكثر.
المفاجأة هنا أن تاريخ القرضاوى فى التلون والتناقض والتلاعب بالدين لصالح خدمة السياسة كان قديما، بل يمكنك القول إن يوسف القرضاوى أسس ونشأ وتربى وكبر بهذه الطريقة ولا شىء غيرها، فلا أحد يحتاج إلى دليل أو برهان يؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين تشكل المادة الخام للانتهازية، وإعلاء قيمة المصلحة فوق سقف كل الأشياء، بدءا بالدين ومرورا بالوطن وانتهاء ببنى البشر الذين لا يحملون فوق أجسادهم ختم تنظيم الإخوان المسلمين.
ومن الجماعة إلى أفراد الجماعة انتقل فيروس الانتهازية، وتجلى وتجسد فى أبشع صوره فى قلوب وعقول أفراد جماعة الإخوان، وحولهم إلى نوع متطور من مصاصى الدعم والدماء، إن وجدوا فى شرايين أحدهم بعضا من التعاطف سحبوها وامتصوها حتى آخر قطرة، وجعلوا منه شهيدا فى محراب مديحهم، ومع سقوط قطرة التعاطف الأخيرة فى جوف دعم تنظيمهم، أو مع انصراف الشخص المقصود عن دعمهم، سرعان ما يصبح فى عيونهم جثة لا فائدة منها، وهدفا لكل سهام التشويه والتجريح.
والبحث عن نموذج واضح لانتهازية الإخوان كتنظيم، أو انتهازية أفرادها لا يحتاج إلى جهد مضنٍ، وأشهر النماذج المطروحة فى السوق الإخوانى الآن هو شيخ الجماعة وكبيرها الدكتور يوسف القرضاوى الرجل الذى يقول ويفتى اليوم بعكس كل ما قاله وكتبه فى الأيام الماضية، والماضى كما تعلمون حينما يكون موثقا بقلم صاحبه، يتحول إلى قاض وشاهد على تحولات الرجال، وفاضحا لكل محاولة تغليب المصلحة على حساب المبدأ.
الماضى حينما يكون موثقا بيد الشيخ يوسف القرضاوى يتحول إلى أداة مهمة فى تعرية صاحبه، خاصة حينما تتشابه المواقف والمعطيات التى دفعت الشيخ لإقرار مبدأ بعينه، مع المواقف والمعطيات الجديدة التى يمنحها الشيخ تأويلا مختلفا، وهو يتصرف مع نفس ذات المواقف بمبدأ مختلف ومعاكس تماما عن تلك المبادئ التى أقرها قبل 50 عاما من الآن.
أنت تعلم قطعا أن المشهد الدائر على الساحة السياسية المصرية الآن يتشابه مع الأحداث التى دارت على نفس الأرض فى الخمسينيات وأوائل الستينيات، فيما يخص الحرب المعلنة والخلاف الواضح بين تنظيم الإخوان والجيش، فى المرة الأولى اتهم الإخوان الجيش ممثلا فى عبدالناصر والضباط الأحرار بالسطو على الثورة وسرقتها، والآن ينسخ الإخوان نفس الاتهام، ويوجهون للجيش ممثلا فى المجلس العسكرى فى الرئيس السيسى تهمة القفز على ثورة 25 يناير وسرقة السلطة من أول رئيس مدنى منتخب. فى مشهد ما بعد ثورة 23 يوليو، ارتفعت حدة المعارك بين الإخوان والسلطة، الإخوان يتظاهرون ويهاجمون وينشرون العنف، والسلطة ترد بحماية ثورة الشعب وحماية الأرض بمواجهات أمنية ضد عنف الإخوان، وبعض من عقلاء الجانبين يبحثون عن التصالح، وفى مشهد ما بعد 30 يونيو، الإخوان يتظاهرون وينشرون الفوضى والعنف ويكذبون وينشرون شائعات حول الجيش ومصر، والسلطة تواجه أمنيا إرهابا وعنفا إخوانيا ذروته كانت فى سيناء، وفى المنتصف بعض الراغبين فى بؤرة ضوء يتحدثون عن ضرورة إخضاع الإخوان لاتفاق ما يهدئ الأوضاع، فماذا فعل القرضاوى بعد 23 يوليو وماذا يفعل الآن؟!
قرضاوى ما بعد 23 يوليو:
- فى مشهد ما بعد 23 يوليو كان يوسف القرضاوى واحدا من هؤلاء الذين يشجعون على إيجاد صيغة للهدنة والتصالح وتصفية الأجواء بين الإخوان والجيش تحت شعار الحفاظ على الوطن، والخوف على انهيار التنظيم من أثر الضربات الأمنية، وقتها ووفقا لما ذكره القرضاوى فى مذكراته المطبوعة والمنشورة على موقعه الرسمى، اعترف بأنه كان واحدا من الذين صاغوا ودعموا مفاوضات الصلح مع الجيش، ونقل نصا ما جرى فى أحد لقاءات التفاوض مع أحد ضباط الثورة: «الهدف المباشر الآن سيكون مقدمة للصلح، وإذا استطعتم أن تقوموا بأعباء الهدف المباشر انتقلنا إلى الصلح. قلنا: وما هو الهدف المباشر؟، قال: كل الذى أستطيع أن أبذله لكم الآن، أن أعقد معكم هدنة، فإذا نجحتم فيها كان لكم أن تطالبوا بصلح، قلنا: وما شروط هذه الهدنة؟ قال: هما شرطان:
1 - أن توقفوا حملتكم على اتفاقية الجلاء.
2 - أن توقفوا إصدار النشرات.
قلنا: ولنا شرطان مقابلان هما:
1 - أن توقف الاعتقالات.
2 - أن توقف الحملة الصحفية.
قال: أنا موافق على شروطكم إذا وافقتم على شروطى، قلنا: «إننا موافقون. وهنا ختمت الجلسة وخرجنا وكلنا أمل فى الوفاء بما اشترط علينا لنخرج بالدعوة من هذا المأزق الخطير الذى وضعت فيه».
ثم أضاف القرضاوى وبسطور تفوح منها رائحة الأسى أسباب فشل الصلح قائلا: ويبدو من سير الأحداث أن الأمور جرت فى مسار آخر غير المسار الذى كان ينشده الأخ محمود عبدالحليم، ومن وافقه من الإخوان فيما سماه «محاولة للإنقاذ».
كان الجو فى داخل الإخوان متوترا ومشحونا ضد الثورة وعبدالناصر، ولهذا باءت هذه المحاولة للتقريب أو المصالحة أو الهدنة- التى قد تؤدى إلى مصالحة- بالإخفاق والفشل، نتيجة لتصلب القيادات فى مواقفها، وتغليب التشدد على المرونة، وكانت الأغلبية ضد عرض مذكرة التصالح أو نقاشها، وكان هذا الانقسام فى الصفوف العليا للإخوان، أما قواعد الإخوان بصفة عامة، فكانت مع المرشد، وذلك بسبب: أنها لا تدرى شيئا عما يدور وراء الكواليس، ولا تعرف عن العلاقات الخاصة بين الإخوان والثورة، ما يمكنها من الحكم، فالحكم على الشىء فرع عن تصوره. ولأن النشرات السرية التى كانت تصدر فى تلك الأيام كانت تعبئ الإخوان تعبئة شعورية عدائية للثورة ورجالها، ولا تسمح بأى تقارب أو مهادنة.
قرضاوى ما بعد 30 يونيو:
فى مشهد ما بعد 30 يونيو، ورغم تشابه المعطيات والأسباب، ورغم تطابق حالة الاحتقان بين الإخوان والسلطة، نجد أنفسنا أمام قرضاوى مختلف، قرضاوى جديد غيرته المصالح والتعليمات العليا، وعلى عكس القرضاوى القديم الذى كان يؤمن بأن الصلح هو الطريق الوحيد لاستقرار مصر والحفاظ على الدعوة، يظهر القرضاوى الجديد كواحد من أهم أعمدة الدعوة للتصعيد، واستخدام العنف ضد الدولة المصرية، وواحد من أهم لاعبى فريق نشر الفوضى ورفض المصالحة، وهو الفريق الذى وصفه القرضاوى نفسه قبل عشرات السنين من الآن بالمتشددين والمتصلبين والمضحوك عليهم وغير القادرين على إصدار أحكام صحيحة.
وبنص كلامه هاجم القرضاوى الرافضين للصلح مع السلطة بعد ثورة يوليو 1952، مؤكدا مخالفتهم لمنهج حسن البنا، والمنهج النبوى، وأخلاق عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قائلا: «المتأثرون بالأستاذ البهى وشيوخ الدعوة المعروفين أمثال الشيخ محمد الغزالى، والشيخ عبدالمعز عبدالستار، والشيخ سيد سابق وأمثالهم، وقد كانت عواطفنا معهم من ناحية، يؤكدها عاطفة الإشفاق على الدعوة ومستقبلها: أن تدخل معركة غير متكافئة مع ثورة عسكرية متجبرة، معركة لا يعلم مصيرها إلا الله. فلو أمكن الصلح بين الجماعة والثورة، واللقاء فى منتصف الطريق، بدل الصدام المجهول النتائج ربما كان ذلك خيرا، وقد حاول حسن البنا بعد حل الإخوان سنة 1948م أن يسلك كل السبل ليجنب الإخوان الصدام الدامى مع الحكومة، ولو تنازل عن بعض الأشياء فى سبيل هذا الهدف، حتى إنه قبل أن يترك السياسة فى تلك الفترة، ويتفرغ للتربية ونشر الدعوة، وكان سيدنا محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول فى غزوة الحديبية: والله لا تدعونى قريش إلى خطة فيها صلة رحم وحقن للدماء إلا أجبتهم إليها. وكان عمر، رضى الله عنه، قبل أن يتهيأ لفتح بلاد الروم، يغريه القواد بما وراءها من مغانم ومكاسب، فيقول: «والله لمسلم واحد أحب إلى من الروم وما حوت».
القرضاوى الذى يدعو الإخوان للتصعيد ضد الدولة ويصف كل من يدعو لمصالحة وتهدئة ورفض للعنف بأنه خائن للدعوة، ويصدر فتاوى تحرم الاستفتاء، هو نفسه القرضاوى الذى كتب فى مذكراته قبل عشرات السنين، مستنكرا ورافضا لموقف قيادات الإخوان الرافضة للمصالحة، وهو نفسه الذى غضب من بيانات الإخوان التى وصفت الراغبين فى المصالحة مع الجيش بأنهم خونة، وكتب نصا فى مذكراته يقول: يُعاب على الإخوان أنهم إذا أحبوا شخصا رفعوه إلى السماء السابعة، وإذا كرهوه هبطوا به إلى الأرض السفلى. والمفروض فى الإنسان المؤمن الاعتدال فى الحكم على الناس، الإخوان نشروا نبأ أن القرضاوى انضم إلى ركب الخونة، وعلى الإخوان أن يحذروا منه، لأنى أيدت الصلح بين الإخوان والثورة حرصا على مستقبل الدعوة»، ثم يتحدث الشيخ بغضب عن النشرة الإخوانية التى وصفته بالخيانة قائلا: «لقد أذاعت هذه النشرة نبأ قالت فيه إن القرضاوى والعسال مرقا من الدعوة، وانضما إلى ركب الخونة، وعلى الإخوان أن يحذروا منهما، وقد استجاب الإخوان لذلك، حتى قابلنى بعض الإخوة الذين كانوا يعتبرون من تلاميذى، فأعرضوا عنى، ونأوا بجانبهم، وبعضهم قال لى: لم يعد بيننا وبينك رباط، وهذا أمر شائع فى الإخوان، أذكر أنه حين صدر أمر بفصل الشيخ الغزالى والأستاذ صالح عشماوى والدكتور محمد سليمان والأستاذ أحمد عبدالعزيز جلال، وكنا فى معتقل العامرية، وكنت أتحدث مع أحد وعاظ الإخوان المعروفين، وجاء ذكر الأخ الشيخ الغزالى، فقال: الغزالى لم يعد أخا لنا، لا هو ولا إخوانه المفصولون من الجماعة، فقلت له: لم يعد أخا لنا فى الجماعة، لكنه بقى أخا لنا فى الإسلام، فرد علىّ بقوله: إن عمله فصل ما بيننا وبينه، فقلت له: وهل يهدم تاريخ الشخص وجهاده كله بزلة واحدة يزلها؟ إن الله سبحانه لو عامل الناس بهذه الطريقة لدخلوا جميعا جهنم»، وفى نفس الموضع قال القرضاوى: «وأقول بأسف: لقد كان رجال المباحث أصدق فى الحكم علينا من إخواننا الذين عرفونا وعرفناهم، وعايشونا وعايشناهم، فلم تخدعهم هذه المعارضة الظاهرة عن قراءة ما تكنه صدورنا من ولاء وعداء، أو حب وكره. ولهذا لم يترددوا فى القبض علينا فى أول فرصة، وتقديمى للمحاكمة».
نفس هذا القرضاوى المتلون هو الذى حمل مشعل التحريض ضد الدولة المصرية وأفتى وحرض على التظاهر وقتل الجنود، ولكن تلك ليست فضيحته الوحيدة، التى تكشفها مقارنة الفترتين، لأن قرضاوى ما بعد 30 يونيو يصف طلاب جامعة الأزهر بالشجعان ويدعوهم للاستمرار فى التظاهر، ومنع الامتحانات وتعطيل الطلاب عن أداء امتحاناتهم، ولا يرفض عنف طلاب الإخوان، ولا يستنكر ضربهم وهجومهم على الأساتذة والمنشآت، بل يعتبر ذلك جهادا ضد السلطة الخائنة والمغتصبة، ويقول بأن مظاهرات الطلاب ثورة جديدة، والله سينصر الله الإسلاميين على الليبراليين وعلى غيرهم من اللادينيين. ولكن يشاء السميع العليم أن يتقدم القرضاوى «القديم» بقلمه وبكلماته الموثقة فى مذكراته ليفضح ويكشف حقيقة قرضاوى ما بعد 30 يونيو، لنكتشف معا أن الرجل الذى لم يظهر أى حرص على مستقبل طلاب الإخوان التعليمى، وشجعهم على التظاهر وترك الامتحانات ومنعها، هو نفس الرجل الذى كتب فى مذكراته يقول: «وقبل أول أيام امتحانى فى تخصص التدريس، حدث حادث مهم بالنسبة لى.
فقد فتشت المباحث شقتنا التى نسكن فيها، بشارع راتب باشا بشبرا، واعتقل زميلى الذى يعيش معى فى حجرتى، وهو الأخ محمود نعمان الأنصارى، الطالب بكلية الآداب، والذى ضبط بحوزته كمية من المنشورات المحظورة، وكانت الشقة تتكون من أربع حجرات، كل حجرة يسكن بها شخصان. وكان محمود زميلى فى الحجرة فلما قبض عليه وسألوه: لمن هذا السرير فى حجرتك؟ فقال: هو لفلان».
فانتظرونى حتى عدت فى المساء، ليسوقونى إلى قسم روض الفرج الذى نتبعه، وأنا لا أعلم شيئا عن المنشورات التى ضبطت عند زميلى محمود، وهذه الأيام فى غاية الأهمية عندى، لأنها أيام الامتحان النهائى لإجازة التدريس، بعد دراسة سنتين، وقد أوصيت بعض زملائى فى الشقة أن يتصلوا بأستاذنا البهى الخولى ليتوسط فى الإفراج عنى لأداء الامتحان، وأن يتم ذلك على وجه السرعة، فالامتحان فى الساعة الثامنة صباحا. وقضيت هذه الليلة الليلاء ساهرا، لم يغمض لى جفن، لا من أجل عشق ليلى وسُعدى، كما قرأنا للشعراء العشاق، ولكن خوفا على الامتحان، الذى لو ضاع، فربما لا أعوضه إلا بعد سنين أو ربما لا أعوضه أبدا». ربما تكون سابقة أن يفضح أحدهم كذبه وتلونه وتجرأه على الدين والفقه والتلاعب بالفتاوى لخدمة أغراض ومصالح جماعات وممولين للفوضى على حساب الدين نفسه وعلى حساب وطنه وشعبه، ولكن القرضاوى فعلها كما هو مبين فى السطور السابقة، ومن هنا كانت رحلة سقوطه التى نستمر معها غدا فى مواقف أخرى تكشف كيف تلاعب القرضاوى بالدين وقال الفتوى وعكسها مرة بهدف تدمير مصر ومرة أخرى بهدف تجميل وجه أسياده فى تركيا وقطر.
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق
انت افضل صحفى وسيكون موضوعك كتاب كبير وتاريخ
والله انت صحفى وكاتب رائع انك تكشف الان حقيقة الدجل والدجالين والمشعوذين والكذابين تجار الدين والافيون والمخدرات..والدم ..هؤلاء قتلوا وخربوا بلادا باكملها للاسف