ألقت تداعيات الهجوم المسلح الذى استهدف عرضا عسكريا فى مدينة الأحواز عاصمة محافظة خوزستان، فى غرب إيران وأوقع نحو 29 قتيلا وأكثر من 50 جريحا بظلالها على المشهد الإيرانى، 24 ساعة مرت على الاعتداء وبينما راح المسئولون الإيرانيون يشيرون أصابع الاتهام إلى الخارج، تناسوا العوامل الداخلية التى ساعدت على تأجيج أوضاع هذا الاقليم الذى دائما ما يشهد قلاقل وانتفاضات على خلفية التمييز العرقى الذى يشعر به مواطنيه ومعانتهم واختناقهم فى هواء ملوث دون إيجاد حلول وفقرهم رغم غنى اقليمهم بالعديد من الثروات.
ورغم ما حمل الحادث التى تبنته جهات مناهضة للنظام من رسائل واضحة لطهران مفادها أن فاتورة التشابك فى ملفات المنطقة والسلوك الاقليمى الذى انتهجته لسنوات وشكّل خطرا على جيرانها حان وقت دفعها، ورغم جرس الانذار الذى منحه مواطنى إقليم الأحواز المتمثل فى انتفاضة أبريل الماضى وكان يستوجب على صانع القرار مراجعة سياسية لسلوكه، واصلت طهران القاء الاتهامات، ومجددا اتّهم الرئيس الإيرانى حسن روحانى مجموعة انفصالية بالوقوف وراء الهجوم، متهما بلدان إقليمية بدعمها.
المنصة بعد الاعتداء
تصريحات الرئيس الإيرانى قبيل توجهه إلى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ترجح أن تستغل طهران الاعتداء وتوجد منصة الأمم المتحدة بهدف إيجاد حشد دولى يساند طهران فى معركتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإجهاض اجتماع مجلس الأمن المقرر عقده برئاسة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والذى سوف يناقش سلوك طهران فى الاقليم.
وتحركت طهران على الصعيد الدبلوماسى إذ استدعت الخارجية سفيري الدنمارك وهولندا والقائم بالأعمال البريطاني لإبلاغهم "احتجاج إيران الشديد على إيواء دولهم لبعض أعضاء المجموعة الإرهابية التي ارتكبت الهجوم كما أبلغت الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال البريطاني أنه من غير المقبول السماح لمعارضيها تبني هذا العمل عبر محطة تلفزيونية مقرها لندن، كما واتّهمت طهران كوبنهاجن ولاهاى بالتعاطف مع هذه المجموعة عبر إيواء عدد من معارضيها.
حسن روحانى
إعلام إيران يوظف الاستعراض العسكرى الدامى سياسيا وصحف متشددة تطالب الانتقام من خصوم طهران
أما الماكينة الإعلامية الإيرانية فلعبت الدور الرئيسى فى الحادث، وتصدر الإعتداء مانشيتات الصحافة الإيرانية، ونشرت أغلفة صفحاتها الأولى، صور القتلى ودماء الضحايا، فيما جاء سفر الرئيس حسن روحانى إلى نيويوك فى المرتبة الثانية من اهتمامات الصحف.
وخلال رصد "اليوم السابع" اليومى للإعلام الإيرانى، فبينما خيم الحزن على مانشيتات الصحف بمختلف توجهاتها الإ"صلاحية والمحافظة والمتشددة، أظهر إعلام طهران براعته المعهودة فى التوظيف السياسى للحادث واستغلاله بشكل احترافى لخدمة أجندة النظام وتتبع أهداف داخلية وخارجية، غير أن الصحف المتشددة واصلت لهجة التهديد تجاه جيران إيران عقب الحادث بعد تلميحات لمسئولين إيرانيين بتورط خصوم طهران الإقليميين فى دعم الجماعات المنفذة للحادث.
وصفت صحيفة آرمان الاصلاحية الحادث بالإرهابى، وكتبت مانشيت "روحى فداء لإيران" ونشرت على غلافها صورة لفرار المدنيين وقت إطلاق النيران أمس، وصدرت الصحيفة صور عناصر الحرس الثورى أثناء إنقاذها لأطفال كانوا متواجدين داخل العرض العسكرى، فى محاولة منها لتوظيف الحادث داخليا وخارجيا.
صورة واحدة صدرتها الصحف الإيرانية على اغلفتها صباح اليوم، لضباط إيرانيين ينقذون مدنيين، وهى نفسها الصورة التى تناقلتها مواقعها الالكترونية، فى توظيف منها للحادث واجتذاب تعاطف العالم تجاه المدنيين، رغم تأكيد الجهات المنفذة للحادث بعدم استهداف سوى عناصر الحرس الثورى.
أما صحيفة "افتاب نيوز" الاصلاحية نشرت على غلافها الصورة ذاتها لضابط الحرس الثورى يحمل بين بديه طفل ممسك ببندقيته وكتبت عليها "وقفنا بصلابة"، ورفعت صحيفة "ابتكار" شارة سوداء على غلافها وكتبت "حكاية الدم وخوزستان"، وصحيفة "بهار" الاصلاحية اتشحت بالسواد وكتبت مانشيتها بالخط الأسود العريض "يوم دامي فى الأحواز".
ورغم اعتراف منفذو الحادث "المقاومة الوطنية الأحوازية" بأن الحادث استهدف فى المقام الأول ضباط الحرس الثورى ونفيها سقوط مدنين فى الحادث، إلا أن التوظيف السياسى للحادث ظهر جليا فى مانشيت صحيفة "دنياى اقتصادى" التى كتبت "الاٍرهاب الأعمى ضد المواطنين".
وفى السياق نفسه واصلت صحيفة "كيهان" المتشددة والمحسوبة على التيار المحافظ، خطها فى إلقاء اتهامات لخضوم طهران الإقليميين والتحريض ضدهم، وتحت عنوان "يتوقع الشعب من المسئولين، توجيه صفعة قوية للرياض انتقاما لدماء شهداء الأحواز"، دعت الصحيفة المقربة من المرشد الأعلى والتى تديرها عناصر من الحرس الثورى، أن ينتقم المسئولين من خصوم طهران، متهمة دولا اقليمية بعينها بتقديم دعم وتدريب للجماعات المناهضة للنظام الإيرانى.
KayhanNews