يصرخ الناس فى الأسواق، أين الخضراوات؟ أين الفاكهة؟ ولا أحد يرد عليهم، تتحمل الناس الارتفاع الجنونى للأسعار، يتحملون نقص أنواع كثيرة من الخضر والفاكهة، تظهر مواسم للفاكهة ثم تختفى دون أن يدرى بها أحد، وعلى مدى اليومين السابقين حاولت أن أشير إلى تلك الأزمة لعل وزارة الزراعة تنتبه إلى الأزمة التى يعانى منها الجميع، كما حاولت أن أكتشف أسباب تلك الأزمة متلمسا آليات العلاج، وفى الحقيقة، فإن العنوان العريض الذى نستطيع أن نخرج به من هذه الأزمة هو «غيط المهمل يخرب قبل غيط الظالم»، ولا أريد هنا أن ألقى بمسؤولية الإهمال على وزارة الزراعة الحالية ولا على الوزير الحالى، ذلك لأن مسألة الإهمال هذه لم تأت بناء على تخطيط متعمد أو على تقصير جنائى مباشر، وإنما أتت لتخلف مصر زراعيا، وهو أمر أسهمت الحكومات المتعاقبة فى ترسيخه، كما سمحت به أنظمة حكم كثيرة تعاقبت على مصر، وقد آن الأوان لأن نضع حدا لهذا الإهمال.
بحسب ما كتبه الزميل «عز النوبى» فى تقريره عن ذبابة الفاكهة، فقد أدى التكاسل ورمى المسؤولية بين وزارة الزراعة وصندوق تنمية الصادرات إلى انتشار هذه الذبابة ونقص إنتاجية 1.7 مليون فدان تنتج ما يقرب من 12 مليون طن فاكهة سنويا، وبحسب ما أشرت إليه فى مقال أمس، فقد أدت التغيرات المناخية المفاجئة إلى تدمير الكثير من إنتاجية المزارع، أضف إلى هذا بدائية عملية نقل الفاكهة وتخزينها التى تقضى فى بعض المحاصيل على نصفها، كما فى حال الطماطم والجوافة، وإذا ما وضعنا عشوائية البيع والتغليف الذى يتبع فى الأسواق، سنعرف أن إهمال تنظيم عملية البيع والشراء يسبب ضررا بالغا، ويؤدى إلى هدر أموال الأسرة المصرية التى تتحمل كل هذا العبث.
السؤال الآن هو متى تتوقف أمطار الإهمال هذه، ومتى نتحول إلى دولة تحافظ على مواردها من أجل زيادة التصدير وتوفير عملات صعبة من أجل التخفيف على المواطن المصرى الذى يتحمل تكاليف كل هذا العبث وكل هذا التكاسل وكل هذا التخلف؟
تجرى مصر الآن عملية إصلاح اقتصادى قاسية، ويصبر المواطن على هذه العملية لعلمه بأنها تهدف فى النهاية إلى المصلحة العامة، لكن متى نشرع فى البدء فى عملية الإصلاح الهيكلى لمنظومات الإنتاج فى مصر حتى نكفى أنفسنا على الأقل؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة