كتبت محكمة النقض، صباح اليوم، الإثنين، كلمة النهاية على قضية شغلت الرأى العام، وظلت سنوات تنظرها المحاكم، لكثرة عدد المتهمين بها، وكثرة ضحاياها من رجال الشرطة، الذين تم الغدر بهم فى أحداث وصفها الجميع بالمذبحة، وهى اقتحام قسم شرطة كرداسة بالتزامن مع فض اعتصامى ميدان رابعة العدوية والنهضة.
توقيت المذبحة:
فى الساعة العاشرة من صباح يوم 13 أغسطس لعام 2013 فوجئ ضباط قسم شرطة كرداسة، وهو القسم القابع وسط منطقة سكنية عرف عنها بكثرة تواجد أعضاء جماعة الإخوان فيها منذ زمن بعيد، وكان الغرض من اقتحام القسم هو الانتقام من رجال الشرطة، لأن الواقعة تزامنت مع فض اعتصامى ميدان رابعة العدوية وميدان النضهة بالجيزة، والذى كان يتجمهر به أنصار الإخوان طالبين بعودة الرئيس المعزول محمد مرسى.
وكان عدد من العناصر الإرهابية المسلحة والمدربة على أعلى مستوى قد انطلقت نحو محيط القسم، وبدأوا فى مناوشات مع ضباط القسم، تبعها إطلاق نار كثيف حتى وصل الأمر وتطور إلى إطلاق أسلحة ثقيلة لا تستخدم إلا فى الحروب لاقتحام القسم، ما نتج عنه استشهاد 15 ضابطاً وأمين شرطة وفرد أمن على رأسهم مأمور القسم ونائبه.
المهتمين أمام القضاء:
وفى الثانى من ديسبمر لعام 2014 أحال المستشار محمد ناجى شحاتة، قاضى الدائرة الخامسة إرهاب، والتى كانت تنظر القضية بمحكمة طرة، جميع المتهمين إلى فضيلة المفتى للنظر فى أمرهم إعداهم، وتقدم دفاع المهتمين بطعون على الأحكام الصادرة، لترد محكمة النقض بإلغاء الأحكام الصادرة وتُعيد المحكمة القضية إلى دائرة أخرى لنظرها، وبعد إحالة القضية لمحكمة الاستئناف حددت دائرة أخرى لنظر القضية أمامها.
وكانت الدائرة الثانية هى الدائرة الحادية عشر برئاسة المستشار محمد شرين فهمى، والتى نظرت القضية على مدار عدة جلسات اسمتع خلالها إلى مرافعة الدفاع، وسماع الشهود، ونظر جميع الإجراءات مرة أخرى، ليقضى بحكمه على المتهمين، وكان الحكم فى يوليو 2017، فى إعادة محاكمة 156 بالقضية المعروفة إعلاميا "مذبحة كرداسة"، بالسجن المؤبد لـ80 متهمًا، والسجن المشدد 15 عاما لـ34 متهما، والسجن 10 سنوات لطفل، وبراءة 21 متهما، كما قضت المحكمة بالإعدام شنقا لـ20 متهما بالقضية.
أمام محكمة النقض مرتين:
وفى المرة الأولى ألغت المحكمة الأحكام الصادرة من الدائرة الخامسة برئاسة المستشار محمد ناجى شحانة، وقررت إعادة القضية ليقضى المستشار محمد شرين فهمى بالأحكام السابقة، وصباح اليوم الإثنين، أيدت محكمة النقض أحكام المستشار محمد شرين فهمى جميعها.
شهداء المذبحة:
فى تلك المذبحة راح عدد من رجال الشرطة دفاعاً عن القسم، وهم العميد محمد جبر، مأمور المركز، والعقيد عامر عبد المقصود نائب المأمور، والنقيب هشام شتا، والملازم أول محمد فاروق، معاونا المباحث، و4 من الأمناء و6 مجندين آخرين، إيهاب أنور المرسى، ومحمد السيد أحمد، وأكرم عيد حفنى، ومحمد محمد فهيم بدوى، وهشام إبراهيم بيومى، ومعتمد سلطان عباس، وعماد السيد محسن، وتامر سعيد عبد الرحمن، ورضا عبد الوهاب محمد، وإبراهيم عطية على زيتون، ومصطفى أحمد شيخون، الذين تصادف مرورهم بمحل الواقعة عمدا مع سبق الإصرار، بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل قوات الشرطة المتواجدين بمركز شرطة كرداسة انتقاما لفض اعتصامى رابعة والنهضة.
شهدء المذبحة
الاتهامات الموجهة لمتهمى المذبحة:
وبحسب أمر الإحالة قالت النيابة، إن المتهمين قاموا يوم 14 أغسطس 2013، حال كون المتهم رقم 90 "حدث"، إذ اشترك مع المتهمين من الأول حتى الـ185 وآخرين مجهولين، فى تجمهر مؤلف من أكثر من 5 آلاف شخص، من شأنه أن يجعل السلم العام فى خطر، وكان الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والشروع فيه، والتخريب والسرقة والتأثير على رجال السلطة العامة فى أداء عملهم "ضباط وجنود قسم شرطة كرداسة"، باستعمال القوة حال حملهم أسلحة نارية وبيضاء وأدوات تُستخدم فى الاعتداء على الأشخاص، وقد وقعت تنفيذا للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم به فى الجرائم الآتية:
وفى أحداث منطقة كرداسة وانتقاما لفض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، أعدوا أسلحة نارية وبيضاء وقاذفات صاروخية وأدوات مما تُستخدم فى الاعتداء على الأشخاص، وتوجهوا لمقر المركز وحاصروهم بداخله، وما إن ظفروا بهم حتى أطلق المتهم السادس عيارين ناريين صوب أحد المجنى عليهم، وتعدى عليه آخرون من بينهم بأسلحة بيضاء قاصدين إزهاق روحه، ما أودى بحياته، وكان ذلك تنفيذا لغرض إرهابى.
وأعد المتهمون لذلك الغرض الأسلحة والأدوات وتوجهوا لمقر المركز وقاذفوهم بالحجارة وزجاجات المولوتوف، وأشعلوا إطارات السيارات أمام القسم وحاصروهم، وما إن ظفروا بهم حتى أطلقوا صوبهم وابلا من الأعيرة النارية وقذائف المدفعية، قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم، ما أودى بحياة اثنين منهم، واقتادوا الباقين إلى خارج مركز الشرطة وانهالوا عليهم طعنا بالأسلحة البيضاء، وما إن خارت قواهم وسقطوا مضرجين فى دمائهم حتى عاجلوهم بإطلاق عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتلهم، وأودت بحياتهم، وكان ذلك تنفيذا لغرض إرهابى.
كما شرعوا وآخرون مجهولون فى قتل المجنى عليهم بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتلهم، وأعدوا لذلك الغرض الأسلحة والقذائف، وما إن ظفروا بهم حتى أطلقوا وابلا من الأعيرة النارية والقذائف المدفعية واقتادوهم خارج مركز قسم الشرطة، وانهالوا عليهم طعنا بالأسلحة البيضاء، قاصدين إزهاق أرواحهم، وتم علاجهم، وذلك تنفيذا لغرض إرهابى حال كون أحد المجنى عليهم طفلا.
وكشفت المعاينة، أن المتهمين خربوا عمدا مبانى وأملاكا عامة مخصصة لمصالح حكومية "مبنى مركز قسم شرطة كرداسة"، ومدرعات ومركبات الشرطة، بأن استخدموا معدة ثقيلة "لودر" وقذائف "آر بى جى" وزجاجات مولوتوف، وأضرموا النيران بها تنفيذا لغرضهم الإرهابى، كما سرقوا المنقولات المملوكة للمجنى عليه مصطفى إبراهيم وآخرين، وكان ذلك بالطريق العام حال كون المتهمين حاملين للأسلحة.
وقد حرّزت النيابة الأسلحة النارية التى تبين أن بعضها بغير ترخيص، والبعض الآخر مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه "مدافع - مدافع رشاشة - بنادق آلية - أسلحة نارية مششخنة - مسدسات غير مششخنة - وأفرد الخرطوش" وكان ذلك بأحد أماكن التجمعات، وبقصد استعمالها فى الإخلال بالأمن والنظام العام، كما تبين قيامهم بسرقة الأسلحة والمهمات الشرطية المخصصة لقوات الشرطة من القسم، ومكنوا آخرين مجهولين "مقبوض عليهم" من الهرب.
كما وجهت النيابة تهم الاشتراك بطريق المساعدة مع باقى المتهمين، فى ارتكاب جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، وما اقترن بها من جرائم أخرى، وحيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر، وأنهم أمدوهم بعدة أسلحة نارية وذخائر، مما استخدم فى اقتراف الجريمة، مع علمهم بها.