يبدو أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين لن تهدأ قريبا، مع إقرار البلدين تعريفة جمركية على المزيد من البضائع القادمة إليها من الطرف الآخر، وأصبح السؤال الآن متى يمكن أن ينتهى هذه الحرب الباردة وإلى أى مدى تستطيع الصين تحمل عقباتها وكيف يمكن أن تواجهها.
كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد فرضت 10% جديدة تعريفة على 200 مليون من البضائع الصينية بعد منتصف ليل أمس الاثنين، ليشمل ذلك آلاف البضائع ما بين منتجات غذائية وقفازات البيسبول وأجهزة راوتر وأجزاء من الماكينات الصناعية. وردت الصين بفرض ضرائب جديدة ما بين 5 إلى 10% على 60 مليار دولار من البضائع الأمريكية مثل اللحوم والكيماويات والملابس وأجزاء السيارات.
وبدأت التعريفة الجمركية بنسبة 10%، قبل أن ترتفع إلى 25% بنهاية العام، وستدخل حيز التنفيذ فى 24 سبتمبر، وسيتم تطبيقها على آلاف البضائع الصينية ما بين مواد غذائية وقفازات البسبول وحتى أجهزة الرواتر والمكونات الصناعية.
أما التعريفة الصينية الجديدة فسترتفع بمعدل 5%، بحسب المنتج، وستبدأ فى نفس الوقت.
وفى محاولة صينية للرد على الموقف الأمريكى، أعلن جاك ما، مؤسس موقع على بابا العملاق للتجارة الإلكترونية عن تخليه عن وعوده السابقة بتأمين مليون وظيفة فى الولايات المتحدة بسبب الحرب التجارية، وهو الوعد الذى كان قد قطعه على نفسه فى حضور دونالد ترامب بعد تنصيب الأخير رئيسا فى يناير 2017.
وقال جاك ما، إن هذا الوعد كان يستند على شرطين مسبقين وهما التعاون الودى بين الصين والولايات المتحدة والتجارة الثنائية العقلانية والموضوعية، وأضاف أن الوضع الراهن يهدد هذين الشرطين المسبقين ويجعل الوفاء بهذا الالتزام مستحيلا. واستطرد قائلا: لكننا لن نوقف جهودنا، بل سنواصلها لتطوير العلاقات التجارية الصينية الأمريكية بشكل صحى".
وسادت أجواء من التشاؤم بين المراقبين مع تطور الأمور. وتقول أنيندا ميترا، المحللة فى شركة إدارة الاستقمار BNY ميلون إننا الآن فى خضم موقف "الأمر سيزداد سوءا قبل أن يتحسن".
وتقول إدارة ترامب أن هذه الإجراءات هدفها معاقبة الصين على ما ترى أنه ممارسات تجارية غير عادلة مقل سرقة الملكية الفكرية.
ويتركز الخوف بدرجة أكبر ليس على ما مضى ولكن على ما هو آت. بحسب ما ذكرت شبكة "سى إن إن" الأمريكية فإن مزيد من التصعيد بين الولايات المتحدة والصين يلوح فى الأفق. فقد هدد ترامب بفرض تعريفة على ما يقدر بـ 267 مليار دولار أخرى من البضائع الصينية. وهو ما يعنى أن الإجراءات الأمريكية ستغطى كل صادرات الصين السنوية من البضائع إلى الولايات المتحدة، وكانت تقدر إجمالا بحوالى 506 مليار دولار العام الماضى.
وتأتى تهديدات على الرغم من الخسائر التى يعانى منها الجانب الأمريكى بسبب التعريفة الجمركية. فقد أشار تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية قبل يومين إلى أن الموانئ الأمريكية قد تكون الخاسر الأكبر فى الخلاف المتصاعد بين بكين وواشنطن. ونقل التقرير عن رئيس الجمعية الأمريكية لسلطات المرافىء، كورت ناجل، قوله إن مجمل الرسوم الجمركية المفروضة وتدابير الرد الدولية يؤثر على ذ0% من إجمالى التبادلات التى تمر عبر المرافىء، أو ما يمثل عائدات بنحو 160 مليار دولار.
من ناحية أخرى، تحدثت صحيفة نيويورك تايمز فى تقرير لها عن الحرب التجارية عن تنامى قوة الصين تحت قيادة رئيسها شى جينبينج، وهو ما أزعج واشنطن. وقالت لصحيفة إن الديمقراطيين والجمهوريين فى الولايات المتحدة اتهموا بمكين بطموح استعمارى فى آسيا وعدوان فى المياه المتنازع عليها واضطهاد للأقليات العرقية. وفى تحول جذرى، وصفت غدارو ترامب الصين بالقوى الرجعية والمنافس الاستراتيجى فى العام الماضى. وكانت الصين تقول أشياء مماثلة عن الولايات المتحدة، لكن مع تدهور العلاقة فى الأشهر الأخيرة أصبح كثير من الصينيين يسألون عما إذا كانت بلادهم مستعدة لمواجهة أقوى دولة فى العالم.
وقامت الصين بالرد على الإجراءات الأمريكية بإلغاء محادثات التجارى التى كانت مخططة وفى واشنطن هذا الأسبوع وأيضا المحادثات العسكرية التى كان من المقرر أن تبدأ غدا. وجاء هذا احتجاجا على العقوبات الأمريكية التى تم فرضها على الجيش الصينى لشراء طائرات حربية وعتاد للصواريخ من روسيا.
وسعت الحكومة الصينية لطمأنة الرأى العام وتعزيز الثقة فى اقتصادها. وقال رئيس تحرير صحيفة جلوبال تايمز الحكومية المعروفة بلهجتها القومية: "ربما يتباطئ معدل النمو 1%. لكننا يمكن أن نقبل بهذا ، فالأمر ليس مروعا لنا"، واضاف أن واشنطن ستدرك قريا أن هاتفها المحمول وقطع السيارات لن تبقى بدون العملاء الصينيين.
لكن يظل هناك البعض الذين يشعرون بالقلق ويطالبون حكومتهم باستغلال الفرصة وتحويل اقتصادهم إلى الأسواق المفتوحة والقطاع الخاص.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة