أجريت حوارًا صحفيًا منذ فترة مع شخصية جدلية، لا داعى لذكر الاسم - الآن على الأقل - وبعدما هيأت الحوار للنشر واخترت له أفضل العناوين الساخنة تراجعت عن نشره برغبة داخلية منى، وبعد تشاور مع أساتذتى فى صالة التحرير.
الحوار مع الشخصية الجدلية ـ التى سأذكر لك اسمها نهاية الكلام ـ تحدثت عن أمور تعتبرها أنت مسلمات وبديهيات وإنجازات، بينما يعتبرها هو جرائم وتخلفا ورجعية، فقد وصف مصدرى "الشخصية الجدلية" الفتوحات الإسلامية بجرائم السلب والنهب فى حق الإنسانية، ووصف الجهاد بالنظرية المرفوضة، وأن التاريخ الإسلامى ملىء بالجرائم التى مارسها المسلمون فى حق الآخرين.
ليس عند هذا الحد توقفت الشخصية الجدلية، بل قالت من ضمن ما قالت فى حوارى معها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس خطاً أحمر، وأن الصحابة رضوان الله عليهم فيهم المنافق والسارق والكاذب، وأن التراث الإسلامى ملىء بالأساطير والتاريخ الإسلامى أغلبه كذب وخيال ودماء وفتن وحروب.
كل ما سبق تلقيته من الشخصية الجدلية، وجلست أفكر فيه وأتدارسه، لا أخفيك سرًا فقد شغل حيزًا كبيرًا من تفكيرى، فالرجل تكلم معى بما هو مؤمن به، واستشهد على كلامه بأدلة ومواقف موجودة فى كتب التراث - حقًا موجودة - لكن هل هذا ينتقص من الدين الإسلامى؟.. الإجابة يقينا لا.
منذ نعومة أظافرى وأنا أميل لعدم الخوض فى الأحداث الجسام، التى حدثت على مر التاريخ، وعلى رأسها "الفتنة الكبرى" أو "القتلة الأوائل" كما سماها الكاتب إبراهيم عيسى فى روايته، وأعلل منطقى بأن مثل هذه الأشياء تضر ولا تفيد، تحزن القلب لا تسره، تضل العقل لا تهديه.
وقلت ذلك صراحة لرئيس التحرير خالد صلاح، عندما تطرقنا للحديث فى إحدى المرات عن التاريخ الإسلامى، فالرجل رسخ لدى قاعدة بسيطة منطقية تساعدك على مواجهة أى شكوك قد تثير بداخلك حال خوضك فى تاريخ المسلمين والفتن الكبرى، القاعدة التى لخصها خالد صلاح فى كلمتين تقول "هناك فارق بين رسالة الإسلام وتاريخ المسلمين".. فرسالة الإسلام السماوية تحث على كل ما هو راقٍ وجميل وعبادة الله وبالولدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين، كما تحث على العدل وإيتاء الأمانة لأهلها، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، فهل التاريخ الإسلامى ينتقص من رسالة الله السماوية؟.. شتان ما بين رسالة من صنع الله وتاريخ من صنع البشر، شتان بين دين يهدى البشرية ويخرجهم من الظلمات إلى النور وصراعات بشرية لا تمت للدين بصلة، شتان بين رسالة الله "الإسلام" الراقية وتاريخ البشر المسلم الدموى.
والآن أذكر لك اسم الشخصية الجدلية التى حاورتها لأفى ما وعدتك به بداية السطور، ولمعرف اسم الشخص الذى حاورته اقرأ ما بين القوسين (سيد القمنى).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة