تخيل، مجرد التخيل، أن انتوى الاتحاد المصرى لكرة القدم بيع «استاد القاهرة» إلى مستثمر هندى، يا داهية دقى، ويا أرض انشقى، ويا سماء أقلعى، وملطمة، وشق جيوب، واتهامات، وملاسنات، وجمهور يهتف فى المدرجات، احنا هنادوة ولا إيه.
سيكون حدثًا جلل، فضيحة بجلاجل، وزعران «الفيس بوك» يطلعون علينا من الشقوق الإلكترونية فى حملة تقبيح عاتية، وإخوان الشيطان يشنون حملة ممنهجة للتوسيخ السياسى، ناهيك عن كباتن الاستديوهات التحليلية الذين سيرفعون شعار «لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى تراق على مدرجاته الدم».
حشا وكلا، هذه ليست دعوة مقنعة للبيع، إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ على قلبها لطالون، قاعدين على الحيطة ونسمع زيطة الاتحاد الإنجليزى لكرة القدم الذى وافق مبدئيًا على بيع استاد «ويمبلى» الشهير، درة التاج البريطانى الكروية، سيبيعونه إلى «شهيد خان» الملياردير الباكستانى مالك نادى «فولام» الإنجليزى.
وحسب تقرير نشرته شبكة «سكاى سبورتس» فالاتحاد الإنجليزى يعقد حاليًا جلسات متواصلة لدراسة العرض، سيحصل الاتحاد على مبلغ 600 مليون جنيه إسترلينى قيمة بيع الاستاد، ووضع شرطًا جزائيًا لإعادة الشراء فى عقد بيع الاستاد بقيمة 100 مليون جنيه إسترلينى، وذلك فى حالة إذا ما فشل «خان» فى الحفاظ على مكانة الاستاد وسط الصفوة.
أقول قولى هذا وأنا أسمع فى الجوار جلبة عاتية مصاحبة لأول محاولة استثمارية خليجية فى الملاعب المصرية، عبثيات كروية لم تر لها الكرة الأرضية مثيلًا، فضائح، واتهامات مخجلة، وملاسنات بذيئة، واحتراب كروى بلغ المدرجات فصارت الهتافات المؤذية تصم الآذان، صرنا فرجة الملاعب العالمية.
المشكلة ليست فى المدرجات التى عادت تصدح بهتافات مخجلة، ولكن فى العبث الذى ترى فيه كرة القدم المصرية على أيدى نفر من السماسرة، والوسطاء، والمنتفعين، يعبثون فى مناخ احترافى وهمى موهوم، لاتنظمه لوائح، ولا ضوابط، ولا قانون يحتكمون إليه، ولا مستقبل يسعون إليه، ولا خارطة طريق لإنقاذ الكرة المصرية من سقطتها المدوية فى نهائيات كأس العالم، عشوائية، وتخبط، بلغ استقدام مدير فنى للمنتخب القومى متورط فى فضيحة كروية مخجلة يحققها الاتحاد الأوروبى، خلاصته عبث بمقدرات اقتصاديات لعبة شعبية تنهار على أعيننا ونحن لها متفرجون.
وهكذا، كيف يثمر استثمار حقيقى فى هذه المنظومة العبثية، كيف يقدم مستثمر جاد على خوض غمار الاستثمار الرياضى والشعار المرفوع «ادفع بالتى هى أحسن»، وإلا سلاح المدرجات جاهز للعصف بكل من يجرؤ أو يتجرأ على الهيمنة الثنائية التاريخية على القمة الكروية الوهمية.
الدرس الإنجليزى، انظر إلى ما فعله الاتحاد الإنجليزى فى احترافية وبثقة واحترام جبلوا عليه، وحسب صحيفة «فاينانشيال تايمز» الأمريكية: الاتحاد الإنجليزى وافق من حيث المبدأ على بيع الاستاد لمالك نادى «فولام». وسيتم تقديم العرض الأول بقيمة 600 مليون جنيه إسترلينى فى اجتماع مع 10 أعضاء من مجلس إدارة الاتحاد الإنجليزى يوم الخميس المقبل، وسيتخذون القرار النهائى. وفى حالة اختيار القرار النهائى بقبول العرض، فسيتم تقديمه فى اجتماع مجلس الإدارة خلال الشهر أمام 127 عضوًا للموافقة على البيع.
وينص شرط إعادة الشراء الذى يرغب الاتحاد الإنجليزى فى وضعه أن يتم تفعيله فى حالة إذا ما تدنى تقييم الملعب من الاتحاد الأوروبى لكرة القدم «يويفا»، وكشف الاتحاد الإنجليزى فى وقت سابق لشبكة «سكاى سبورت» أن الأموال ستستخدم لتعزيز شعبية كرة القدم.. عندنا تستخدم الأموال للإثراء الحرام، والعبث بمقدرات الأندية، خلاصته فى قتل كرة القدم، وتشييعها إلى مثواها الأخير.. خلص الكلام.