تقف المملكة العربية السعودية بمؤسساتها المتخصصة على ثغور الإسلام لتعمل بجوار الأزهر الشريف على نشر الإسلام وتتجه بقوة إلى ترسيخ التعايش وخاصة فى الفترة الأخيرة لتوسيع نطاق الرحابة بالمسلمين وخلق مجتمعات آمنة بعيدا عن جماعة القتل بالمعتقد التى تنسب نفسها زورا للإسلام.
وفى حوار خاص أجراه "اليوم السابع"، مع الشيخ الدكتور عبدالله بن على بصفر الامين العام للهيئة العالمية للكتاب والسنة، الكائن مقرها فى مكة المكرمة، وتعمل حول العالم، كشف فيه عن جوانب النجاح فى رسالة الهيئة واستشرافه لمستقبل العمل والذى جاء فيه تفاصيل تضمنها الحوار التالى..
. ما رؤية ورسالة الهيئة العالمية للكتاب والسنة؟
- الهيئة العالمية للكتاب والسنة هيئة منبثقة من رابطة العالم الإسلامى، عالمية الأداء ذات شخصية اعتبارية مستقلة، تقوم بخدمة القرآن الكريم وتعميم تحفيظه وتجويد أدائه، وتسعى لإظهار أوجه الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة والعمل على نشرها فى العالم، والتعريف برسول الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم وسُنَّته ونصرته وتصحيح المغالطات التى تستهدفه، حيث أن رسالة الهيئة، هى العناية بالقرآن الكريم والسنة النبوية للارتقاء بالإنسانية أفراداً ومؤسسات من خلال كوادر مؤهَّلة وعمل مؤسسى متميز مستدام بمنهج الوسطية والاعتدال مستخدمين أحدث النظم والتقنيات، ملتزمين مع شركائنا بالقوانين حيث نعمل.
. ما الدعم الذى تجدونه من ولاة الأمر فى المملكة العربية السعودية؟
- من فَضل الله تعالى على المملكة العربية السعودية - منذ عهد مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله رحمةً واسعة - وجميع من خَلَفه من أبنائه جعلوا خدمة القرآن الكريم والعناية به من أسمى الغايات وأنبل الأهداف، وبذلوا لتحقيق تلك الغايات شتى الوسائل والسبل، ومن ثمرات هذه العناية المباركة إنشاء رابطة العالم الإسلامى فى أرض الرسالة ومهبط الوحى لتقوم بالدعوة إلى الإسلام وشرح مبادئه وتعاليمه مستمدة ذلك من كتاب الله وسنة نبيه "محمد" صلى الله عليه وسلم، والهيئة العالمية للكتاب والسنة دُرَّة مضيئة تتوسط هذا العقد الفريد الذى يضم هيئات رابطة العالم الإسلامى، وقد لاقت الهيئة كل الدعم والمؤازرة من ولاة الامر فى هذه البلاد المباركة والتى تمثلت فى رعايتهم وحضورهم لاحتفالات الهيئة السنوية لتكريم حَفَظة القرآن الكريم الفائزين فى مسابقة أصغر حافظ حول العالم وغيرها من البرامج والمسابقات، وكذلك حضور سفراء خادم الحرمين الشريفين لمناسبات الهيئة فى حفلات تخريج الحفاظ فى معاهد الهيئة القرآنية فى مختلف الدول العالم، ورعايتهم لأنشطتها.
. تعمل الهيئة وفق خطط ورؤى رابطة العالم الإسلامى، كيف تجدون الدعم من قبل الرابطة؟
- تحظى الهيئة بدعم كبير ومؤازرة مستمرة من قِبل رابطة العالم الإسلامى ممثلة بأمينها العام معالى الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى الذى يشرِّف اجتماعات ومناسبات الهيئة بحضوره الكريم وبتوجيهاته الكريمة وإرشاداته البنَّاءة التى لها الأثر الكبير فى تطوير العمل والارتقاء به، وكذلك نلمس التعاون والتقدير من منسوبى الرابطة فى متابعة أعمال الهيئة فى مختلف الدوائر الحكومية والخاصة فى داخل المملكة وخارجها.
خلال ما يقارب 17 عاما عمر الهيئة، ما هى أهم الإنجازات التى حققت، ولماذا تطمحون فى القادم؟
- بفضل من الله تعالى أولاً ثم بدعم ولاة الأمر فى المملكة العربية السعودية فقد توسعت أنشطتها وأعمالها فشملت أكثر من (70) دولة حول العالم، وبلغ عدد الكليات والمعاهد القرآنية (68) كلية ومعهداً، تخرج منها أكثر من (61.275) حافظاً وحافظة، فـللَّه الحمد والمنّة، وأقامت الهيئة أكثر من (573) مسابقة، وقدمت أكثر من (2868) منحة دراسة لحفاظ كتاب الله تعالى فى مختلف التخصصات العلمية والدراسات الإسلامية، وتسعى الهيئة العالمية للكتاب والسنة سعياً جاداً إلى نشر تحفيظ القرآن الكريم وتجويده، وتأهيل الحفاظ لأداء دورهم الريادى فى مجتمعاتهم، وترسيخ الأسس والقواعد التى تضبط الاجتهاد فى مجال الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة، والكشف عن دقائق معانى القرآن الكريم والسنة النبوية المتعلقة بالعلوم وربط هذه العلوم بالحقائق الإيمانية، وتوجيه برامج الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة لتصبح وسيلة من وسائل الدعوة، والتعريف برسول الرحمة صلى الله عليه وسلم وسنته وأخلاقه والدفاع عنه، وتصحيح المفاهيم والأفكار الخاطئة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته.
ما الأسس العلمية التى تتخذونها فى معاهدكم ؟
- حرصت الهيئة على تأسيس عمل قرآنى يتخرَّج منه حمَلةٌ للقرآن الكريم يتقنون حِفظه وتجويده، فأنشأت لذلك معاهد قرآنية فى دول شتى، بلغ عددها (72) معهداً. يدرس الحافظ أهم العلوم الشرعيّة، والإعجاز العلمى فى القرآن والسنة، والسيرة النبوية المشرفة، وللعلم المعهد القرآنى عبارة عن مدرسة نموذجية تضمُّ مجموعة من الطلاب المتفرِّغين بنظام السكن الداخلى، يتم اختيارهم من أبرز المرشحين من مختلف المدن والقرى فى البلد، ومن بلدان أخرى مجاورة لذلك البلد. يدرسون المناهج العلمية المعتمدة من قبل إدارة البحوث والمناهج بالهيئة حسب الجدول الزمنى الذى أعدته إدارة المعهد، ومدة الدراسة فيه ثلاث سنوات، وقد تصبح سنتين - حسب حاجة البلد-، يتخرَّج الطالب منه حافظاً متقناً، مؤهلاً لتعليم القرآن الكريم والسنة النبوية.
. ما الأهداف التى تسعون لتحقيقها من خلال معاهدكم المنتشرة ؟
-نستهدف من خلال معاهدنا حفظ الدين وغرسه فى نفوس الناشئة وترسيخ التعايش والوسطية وحب الناس، من خلال عدة عناصر، هى..
1.تربية الطلاب على العقيدة الصحيحة والسلوك النبوى القويم، وتفقيههم فى أمور دينهم بما يؤهِّلهم ليكونوا موضع القدوة والأسوة الحسنة فى مجتمعاتهم.
2.إكمال الطالب حفظ القرآن الكريم مع إتقان تجويده، وتمكين الحافظ المتقن من الحصول على الإجازة القرآنية بإحدى الروايات المتواترة.
3.إتقان الحافظ للغة العربية قراءةً وكتابةً ومحادثةً، وتأهيله للإمامة والخطابة والدعوة إلى الله عزَّ وجل.
4.تأهيل الحافظ لتعليم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فى الحلقات والمعاهد.
5.المساهمة فى دَمْج الطالب داخل مجتمعه ؛ بحيث يصبح عنصراً إيجابياً وفعَّالاً فيه.
ما أهمية إقامة المسابقات القرآنية للحفاظ والحافظات؟
- حثَّ ديننا الحنيف إلى التنافس الشريف فى مجالات الخير والبر، وحضَّ على ذلك لعظيم النتائج الإيجابية المترتبة على ذلك من صلاح الدِّين والدنيا معاً، قال تعالى: (وَفِى ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)، ولا شكَّ أن من أعظم هذه المجالات التنافسيّة هو مجال التنافس على حفظ وترتيل كلام الحقِّ تبارك وتعالى وسنة نبيه "محمد" صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ أو أعظم من كلام الله عز وجل، لذا كان التنافس فى الإقبال على تعلُّمه وتعليمه من أجلِّ القربات إلى الله، والهيئة العالمية للكتاب والسنة تقيم المسابقات القرآنية للطلاب والطالبات فى كثير من دول العالم؛ لتشجيع أبناء المسلمين على الإقبال على كتاب الله حفظاً وعنايةً وتدبراً، وربط الأمة بكتاب ربها، وتقام مسابقات محلية على مستوى الدولة، ومسابقات دولية على مستوى القارة.
خرجت فى بعض الدول بعض الآراء التى تطالب بحذف بعض آيات القرآن ؟ ما رد فضيلتكم؟
- القرآن الكريم كتاب مقدس له جلالته وكل ما ذُكر فيها لا يقبل المساس أو أى تطاول أو نقاش فى كل ما ورد فى القران الكريم، والسبب فى هذا التطاول هو الفهم الخاطئ لآيات الجهاد فى القرآن الكريم، حيث تدعو كثير من الجماعات التكفيرية والإرهابية المتطرفة إلى جهاد المشركين وقتالهم على إطلاق الأمر، وكما هو معلوم أن تفسير كتاب الله يجب الرجوع فيه إلى أهل العلم الثقات لتفسيره وفهم المراد الصحيح منه، وليس التفسير حسب الأهواء والأفهام المغلوطة، وأن الإسلام ليس مسؤولاً عن عدم فهم الآخرين لمعانى الآيات وأخذهم بظاهرها.
. كيف تلمسون تفاعل الشباب العربى والإسلامى مع برامجكم فى تحفيظ وتعليم القرآن الكريم؟
- بتوفيق من الله تعالى تحظى معاهد ومراكز الهيئة إقبالا كبيراً من الشباب المسلم للالتحاق والاستفادة البرامج القرآنية والعلمية فى هذه المعاهد والتى لها الأثر المبارك فى تعاهد القرآن الكريم بالتلاوة والترتيل والحفظ والتجويد والتفسير وتعلم أحكام الإسلام وأخلاقه الكريمة، مما يؤهل إلى خروج أجيال صالحة تكون عناصر خير وعوامل برٍّ لأمتها ولدينها ومجتمعها، فالقرآن شفاء من الأفكار المنحرفة ويرسخ المنهج السليم القويم ويدعو إلى الوسطية والاعتدال وينشر المحبة والألفة بين الناس.