أحمد إبراهيم الشريف

بعد 30 سنة.. آيات سلمان رشدى القبيحة

الأحد، 30 سبتمبر 2018 07:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن الكاتب الهندى سلمان رشدى، فى سنة 1988، أى منذ ثلاثين عاما بالتمام والكمال، يعرف ما الذى ينتظره، فبينما كانت ماكينات الطباعة تدور طابعة روايته «آيات شيطانية» لم يتخيل أنه سوف يصبح حديث العالم، ربما كانت آخر أحلامه أن تنتهى الطبعة الأولى من الرواية فى السنوات القليلة المقبلة، لكن الخمينى الذى أراد أن يؤكد للعالم أن ثورته الإسلامية تجاوزت الحدود، أهدر دم الكاتب بعد شهور من صدور روايته ومنحه «فرصة العمر».
بالتأكيد عندما كان سلمان رشدى يحمل مخطوط روايته «آيات شيطانية» متحركا بها بين دور النشر المختلفة، باحثا عن ناشر، كان يعرف أنها رواية ضعيفة فنيا، وحتما قالها له ناقد أو قارئ أمين، قرأ النص ووجد به الكثير من الخلل والملل، وحينها رد عليه سلمان رشدى: إنها ستصبح رواية «مثيرة» لو تنبه لها رجال الدين المتعصبون» وابتسم، وهنا وجب علىَّ القول «إننى دائما أرى ابتسامة سلمان رشدى ماكرة».
المهم طالت ابتسامة سلمان رشدى بفضل فعل الخمينى وتحولت إلى ضحكة طويلة، بعدما بنى حياته ووجوده العالمى على حس هذه الرواية التى أهدرت دمه، مع أن رأيى فيها أنها رواية «سخيفة» وقد قرأت ترجمتها بعد سنوات من صدورها ولم أفهم ما الذى يريده، ولم أستطع أن أظل منجذبا لأحداثها أو شخصياتها، فحواراتها طويلة ومملة وخيالها ضعيف وصبيانى والهجوم على الدين «مباشر وطفولى» والفن غائب تماما ولا وجود للجمال أصلا.
بعد سنوات من الغضب الذى صرت أكنه للخمينى، لأنه منح هذه الرواية شهرة لا تستحقها، بدأت أفهم بعض الشىء، لقد كانت الثورة الإسلامية فى إيران ثورة خالية تماما من الجمال وكانت ثورة ضد الشعر والفن التشكيلى والموسيقى، فقد أرادت أن تعود بالدولة لصورة ثابتة فى التاريخ، لذا من الطبيعى أن يكون مفهومها عن الأدب والكتابة هو المفهوم المباشر، القائم على الرسالة السطحية التى تخلو من الإبداع كيف يفهمها العامة.
ما زاد غضبى أنه بعد هذه السنوات الطويلة، لا يزال النظام هناك يرتكب نفس الخطيئة، ويمنح سلمان رشدى كثيرا من «المجد» لأنه منذ عام واحد جدد رجال الدين هناك فتوى إهدار دم «سلمان» وفى الوقت نفسه لا تزال أوروبا تعتبر حمايتها لسلمان رشدى واحدة من الشهادة على نفسها بالتنوير وعلى الآخرين بالتخلف والرجعية.
وعن نفسى أحزن لأن ثلاثين عاما مرت على الترسيخ للقبح فى عالم الكتابة، ربما كتب سلمان رشدى بعد ذلك ما يثبت أنه كاتب جيد، أنا للأسف لم أتابعه كما يجب أن أفعل، لكننى متأكد أن «آيات شيطانية» لا تستحق أن تفرض نفسها علينا كل هذه السنوات ولا حتى سنة واحدة منها.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة