على هامش تطورات وتقاطعات الأحداث فى الشرق الأوسط، وتحديدًا سوريا والعراق، هناك تقارير متضاربة عن مصير تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية التى صعدت خلال السنوات الأخير وتراجعت خلال العامين الأخيرين، وهو ما يراه محللون مجرد تراجع تكتيكى، وأن هذه التنظيمات مثل فتح الإسلام والنصرة المرتبطة بالقاعدة غيرت من اسمها لكنها ماتزال قادرة على العودة وتنظيم صفوفها.
وفى الوقت الذى أعلن فيه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، عن سحب القوات الأمريكية من سوريا وتأكيده هزيمة داعش، نشرت شبكة «سى.إن. إن» تقريرًا أكدت فيه أن «داعش» أبعد ما يكون عن الهزيمة، وأن هناك عشرات الآلاف من الدواعش يتحركون بحرية فى سوريا والعراق، أو يختبئون ضمن خلايا نائمة، وبعضها نشطة فى الرقة.
وتشير تقارير متعددة منها ما عرضته «سى إن إن»، إلى أن داعش مايزال يحتفظ بمئات الملايين من الدولارات وله ستار من شركات بتركيا. كما أن هناك دولًا إقليمية ماتزال تمول داعش، وتمنحها دعمًا فى سوريا والعراق، كما تم الكشف عن مصانع ومخازن سلاح تابعة لداعش فى ليبيا. ويتوقع أن تحتفظ تركيا ببعض الخطوط مع داعش، تحسبًا لمعاركها ضد الأكراد، خاصة فى ظل أزمتها مع الولايات المتحدة وتهديدات ترامب لتركيا حال عدوانها على الأكراد.وهو ما قد يدفع تركيا لاستعمال ورقة داعش ضد الأكراد لخوض حرب بالوكالة، وهو أمر سبق لها وفعلته مع النصرة وداعش عندما قدمت الأراضى التركية ممرات لدخول وخروج وعلاج الإرهابيين.
وتزامنًا مع تقارير تتوقع إعادة تنظيم داعش، ظهرت تقارير أخرى تتساءل عن مكان أعضاء التنظيمات الأخرى مثل النصرة وفتح الإسلام وغيرها والتى ترتبط بالقاعدة، وإن كانت غيرت اسمها، فهناك مئات وربما آلاف المقاتلين فى صفوفها، ولم يغادروا الأراضى السورية والعراقية، وربما يتجهون إلى عقد تحالفات أو صفقات لاستعادة الوجود.
اللافت للنظر أن هناك محللين ومفكرين يتوقعون استمرار داعش وغيره، أو تحولها إلى أشكال أخرى من العمل الإرهابى ومن هؤلاء المفكر الأمريكى نعوم تشومسكى، فى كتاب «العالم.. إلى أين؟»، وهو عبارة عن حوار مطول مع تشومسكى، أجراه الباحث السياسى سى جى بوليكرونيو، وتناول قضايا العالم ومنها «الحرب على الإرهاب».
يرى تشومسكى أن الإرهاب كان منذ بدايته نتاجًا لسياسات أمريكا التدخلية، ويقول إن الولايات المتحدة ساهمت بشكل كبير فى إنتاج الإرهاب فى العالم، ويرى أن الحرب التى بدأها رونالد ريجان منذ نهاية السبعينيات من القرن العشرين فى مواجهة السوفيت فى أفغانستان، ويقصد كيف دعمت أمريكا القاعدة. لتتحول إلى حروب منتجة للإرهاب، كان لها نتائج خطيرة، على أمريكا الوسطى، وأفريقيا، والشرق الأوسط.
ويرى تشومسكى أن المرحلة الثانية التى أعاد جورج بوش الابن إعلانها بعد عشرين عامًا، فى 2001، بعد 11 سبتمبر، وغزا فيها أفغانستان والعراق مارس عدوانًا مباشرًا دمر مناطق كثيرة، وأنتج صورًا جديدة من الإرهاب. وتتوافق رؤية تشومسكى مع كثيرين منهم جون نيكسون رجل المخابرات المركزية الذى أكد أن داعش كان نتيجة مباشرة لغزو العراق وإسقاط صدام حسين.
ويشير تشومسكى وغيره من محللى الإرهاب إلى أن اعتماد بوش الابن على القوة العسكرية ساهم فى نشر الإرهاب فى أفغانستان، والعراق، وحتى سياسة باراك أوباما التى اعتمد فيها على تكتيكات مختلفة فى محاربته الإرهاب، أهمها حملة الاغتيالات العالمية بواسطة الطائرات من دون طيار، وعمليات القوات الخاصة أدت لفراغات خدمت الإرهاب.
ويخلص تشومسكى إلى أن حروب أمريكا لمواجهة الإرهاب هى التى أدت بشكل مباشر وغير مباشر إلى تنامى الأشكال الجديدة من الإرهاب وعلى رأسها تنظيم داعش، والذى يرى تشومسكى أنه الأعنف من بين التنظيمات الإرهابية خلال أربعة عقود، لكنه لايخرج عن كونه نتاجا لسياسات تمت بشكل واضح فى المطبخ الأمريكى.
وهذه الرؤية تدعم تحليلات تتوقع أن تتراجع داعش من دون أن تنتهى، لكنها يمكن أن تتخذ أشكالا جديدة، من خلال تزاوج وتحالف مع فلول تنظيمات أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة