أنتظر طلة المهندس مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، فى مفتتح العام الجديد بحوار على الهواء مباشرة، ليشرح للناس ما خفى عليهم من برنامج الحكومة فى سنوات الشهد والدموع، متوالية البيانات الصحفية التى تصدر يوميا عن مجلس الوزراء لا تسمن ولا تغنى من جوع إلى التفاصيل، نعم الشيطان يكمن فى التفاصيل، ولكن هناك شياطين يستبيحون صمت رئيس الوزراء ليحولوا كل إنجاز هشيما تذروه الرياح.
أعلم ولا يخفى على لبيب، أن المواصفة الشخصية لمدبولى ليست لها الحضور الأخاذ، فهو من مدرسة العمل فى الظل، ولا يبغى ظهورا إلا مضطرا، وإذا ما ظهر ففى بيان قصير أو رد على سؤال عاجل ، ويفضل الصمت فى الفعاليات الرئاسية المذاعة، إلا إذا طلب منه الإجابة، ويعرف الحدود الفاصلة جيدا، ولا يتطوع، ولكنه حاضر دوما بملفاته وأرقامه التى تحفظها ذاكرة قوية يحسد عليها، ممكن يسمع برنامج الحكومة غيبا.
فيما ندر، لم نشاهد بعد رئيس الوزراء فى حوار مباشر مع الشارع بعيدا عن التصريحات المكتوبة، ما ينقص رئيس الوزراء المباشرة مع الشارع، المواجهة مع الناس باتت ضرورة ملحة، أقلها نسبر كشعبيين أغوار فكره الاقتصادى، من أين يمضى وإلى أين، وهل الطريق سالك، وهل الإجراءات الاقتصادية ناجحة، لماذا لا يشاركنا رئيس الوزراء هم البلاد؟!، قد يصادف هذا نفعا.
الناس على المصطبة تفتقد لسان رئيس الوزراء ونادرا ما تنقل عنه، للأسف تنقل عن فضائيات معادية، وحوائط إلكترونية محتلة بكتائب إلكترونية مدفوعة، الناس فى الأتوبيسات ومحطات المترو وعلى المقاهى تفتقد حضور رئيس الوزراء، وعليه يظل الغموض سيد الموقف، والالتباس فى الشارع مخيم، والفجوة بين الحكومة والشارع تتسع بما يسمح بترويج الشائعات والأقاويل، هذا خطير، ويستوجب درء الخطر.
يقينا المهندس مدبولى لديه ما يقوله، والشواهد على الأرض تثبت عمليا قدر نجاحه فى مهمته، وبرنامج الحكومة يحوى أفكارا وسياسات معتبرة، لكنها ملغزة، تحتاج تبسيطا لرجل الشارع المتألم تماماً من وتيرة الزيادة فى الأسعار، للأسف لسان الحكومة متلعثم من ثقل المهمة، كان الله فى العون، حتى الوزراء المتصلين بالشارع تموين وصحة وتعليم يفتقدون إلى الفصاحة والنصاحة والبلاغة.
تخيل كم التصريحات المتقوصة والمغلوطة والمشوهة التى تقتنص من أفواه الوزراء، وتتحول إلى تتويتات وتغريدات وتنتقل بسرعة البرق تقلق الآمنين فى البيوت، وإذا صدر عن أحد الوزراء تصريحا عاجله بنفى، وكما هو معلوم نفى النفى إثبات، ولا تغير بيانات مركز معلومات رئاسة الوزراء الأسبوعية كثيرا من التأثيرات الضارة لجحيم الشائعات الذى يغير نفسية الشارع.
ثقة الرئيس والأجهزة المعاونة فى كفاءة رئيس الوزراء التنفيذية هائلة، ثقة فى محلها، مدبولى أهل للثقة، والإنجاز المتحقق غير منكور، ولكنه يواجه بإنكار المحللين الاقتصاديين والخبراء، واستنكار القطاعات الشعبية للقرارات الاقتصادية، وإحساسها أنها حكومة قليلة الحيلة فى مواجهة غول الأسعار واحتكارات التجار.
أعرف المهندس مدبولى جيدا، من مدرسة العمل الصامت، صموت، هادئ، ثابت الجنان، كلامه بقدر، ع القد، يجيد لغة الأرقام حاضرة يقدمها كوجبة صعبة الهضم للسائلين، ولكنه مهموم دوما، لا تعرف الابتسامة طريقا إليه، تحس إن فوق كتفيه جبال، والمطلوب ضرب من المحال، ولكن وجهه دوما يفيض بالأمل فى غد أفضل.
من يملك مثل طاقة الأمل هذه، عليه أن يفرغها أو بعض منها فى الشارع يعالج به الإحباط العام، دون إحساس عام يغمر الشارع استبشارا بفرجة قريبة فى عام جديد تصبح المهمة صعبة، ودون مباشرة مع الشارع يصبح النقل عن رئيس الوزراء مثل حرث فى البحر المالح، لا يعبر عن رئيس الوزراء جيدا إلا رئيس الوزراء أو هكذا أعتقد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة