تضحيات مستمرة يقدمها رجال الشرطة فى "الأرواح" و"الممتلكات"، بهدف حماية وأمن واستقرار الوطن، فلا تقل تضحيات رجال الشرطة حالياً، عن ما قدمه أبطال ملحمة الإسماعيلية قديماً.
هؤلاء الأشخاص الذين تجدهم يقفون فى الشوارع لا يبالون بقسوة برد الليل فى الشتاء، ولا تزعجهم حرارة الشمس فى نهار الصيف، يداعب النُعاس جفون أعينهم لكنهم خاصموا النوم واختاروا أن يكونوا العيون الساهرة التى تحرس فى سبيل الله، عيونا لا تمسها النار.
من منا يتحمل القلق والخوف كل لحظة على ابن أو زوج أو أخ يعمل فى مواقع شرطية، أو تحت رصاص الإرهاب على أرض الفيروز، من منا يودع ابنه كل صباح ولا يدرى سيراه مرة أخرى أم ينتظره فى جنازة عسكرية بمسجد الشرطة، من منا يستطيع أن ينام أو يأكل أو يشرب أو يمارس حياته بشكل طبيعى وابنه يداهم وكرًا إجراميًا، أو يقف فى كمين تحاصره نيران الإرهاب، من منا يتحمل القلق المميت كل لحظة ويُخطف قلبه من صوت الهاتف ربما كان يحمل خبرًا سيئا عن الابن الغائب.
تضحيات رجال الشرطة كثيرة لو كلفنا القلم بسردها لمل وتعب وما استطاع، فقد قدمت مئات الشهداء في كافة ربوع الجمهورية، حيث خاض الأبطال معركة وجود أثبتوا فيها أن ولاءهم الأول والأخير لهذا الوطن.
بالتأكيد لا أحد ينسى الدور البطولي الذي قام به الرائد مصطفى عبيد ضابط المفرقعات منذ أيام عندما ضحى بنفسه وحياته من أجل انقاذ حياة الالاف في عزبة الهجانة بالقاهرة، حيث سارع لتفكيك قنبلة زرعها أحد الإرهابيين أعلى عقار، ليقدم نفسه شهيداً ضمن صفوف الشهداء.
من منا يستطيع أن ينسى البطل ساطع النعمانى، الذي ضحى بعينيه وتصدى للإخوان بقوة، مؤكداً أنه فقد بصره في سبيل الوطن، ومستعد أن يفقد حياته كلها، ليقف الرجل بصمود يؤدى واجبه المقدس حتى رحل شهيداً فى سبيل الله.
لا أحد يستطيع أن ينسى أبطال ملحمة كرداسة اللواء محمد جبر ومصطفى الخطيب وعامر عبد المقصود وهشام شتا وغيرهم من الشهداء، الذين تصدوا للعناصر المتطرفة في كرداسة وصمدوا في وجه الإرهاب، حتى كانت المذبحة الشهيرة التي راح ضحيتها 11 من شهداء الوطن، جادوا بالأنفس في سبيل الحفاظ على مقدرات الوطن.
تضحيات رجال الشرطة لم تتوقف عند هذا الحد، وإنما سطر رجال الشرطة بطولات كبيرة أثناء فض إعتصامي رابعة العدوية والنهضة المسلحين، وتعاملوا بحزم وحسم مع المسلحين الذين فتحوا الرصاص على قوات الشرطة، حتى سقط الشهداء من رجال الشرطة وهم يحاولون فض الإعتصامين بطرق سلمية.
أرض الفيروز "سيناء الحبيبة" كانت ولا زالت شاهدة على تضحيات بطولات الشرطة، فعلى أرضها سقط العديد من الشهداء، وهم يداهمون أوكار إرهابية أو يدافعون عن مباني ومؤسسات الدولة، وقفوا رجال صامدين لا يهابون الموت، ومازال زملائهم مرابطون صامدون يثأرون لدماء الشهداء ويقدمون قصص جديدة في الضحية والفداء.
ولا أحد يستطيع أن ينسى دور أبطال ملحمة الواحات الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن، وخاضوا معركة عنيفة ضد الإرهابيين في الصحراء ومنعوا تحركهم نحو القاهرة.
وفي كل شبر من ربوع مصر، تجد قصة شهيد وبطولة جديدة لرجل شرطة، تؤكد أن هؤلاء الأبطال لديهم يقين وإصرار على حماية الوطن، وأنهم جميعاً يبحثون عن الرتبة الأسمى في وزارة الداخلية وهي رتبة "شهيد".
وزارة الداخلية لم تقدم الشهداء فقط، وإنما قدمت خسائر في الممتلكات، وذلك بعدما هاجم الإخوان وبعض المندسين وسط المتظاهرين في 2011 أقسام الشرطة والسجون وحرقوا المركبات الشرطية وأوقعوا بالبلاد خسائر مادية فادحة.
وتكبدت البلاد خسائر بالملايين نتيجة حرق المنشآت والمركبات الشرطية والإستيلاء على الأسلحة الميري فيما عرف باسم جمعة الغضب، ولم يمضي كثيراً حتى نجحت وزارة الداخلية في إعادة البناء والتطوير كأفضل مما كان.