فيما يبدو تصاعد الأزمة التى تشنها بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ضد العملاق الصينى هواوى للتقنية، لاتهامهما بالتجسس لصالح بكين، فقد أعلن الرئيس التنفيذى لفودافون العالمية نيك ريد، أن الشركة "أوقفت" استخدام معدات هواوى فى شبكاتها الأساسية إلى حين توصل الحكومات الغربية لحل بشأن المخاوف ذات الصلة بأنشطة الشركة الصينية.
وتأتى التطورات الأخيرة لتثير التساؤلات بشأن ما إذا كانت الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من بعض الدول الغربية من جهة والصين من جهة أخرى تجارية أم سياسية، حيث أعلن إيريك شو، الرئيس الدورى لشركة هواوى، إن الشركة خلصت إلى أن الخلاف مع الولايات المتحدة "قضية سياسية"، فيما شهد عام 2008 نزاع تجارى بين بكين وواشنطن فيما يعرف بأزمة الرسوم الجمركية.
وتعود أزمة هواوى لنهاية ديسمبر 2018، بعدما ذكرت تقارير أمريكية أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يعتزم إصدار أمر تنفيذى فى العام الجديد، لإعلان حالة طوارئ وطنية يتم بموجبها منع الشركات الوطنية من استخدام معدات اتصالات من إنتاج شركتى "هواوى" ZTE" الصينيتين.
فيما توالت ردود الفعل من جانب عدد من الدول الغربية وبعض حلفاء الولايات المتحدة، ومنهم نيوزيلندا وبريطانيا وألمانيا وكندا، حيث اعتقلت الأخيرة منج وانزو، المديرة المالية لشركة هواوى لتكنولوجيا الاتصالات فى كندا بناء على طلب من السلطات الأمريكية للاشتباه فى انتهاك العقوبات الأمريكية على إيران فى مزاعم بأن هواوى شحنت منتجات أمريكية المنشأ إلى إيران ودول أخرى.
ولم تكن هى الأزمة الأولى بين الولايات المتحدة والصين فقد شهد عام 2018 أزمة تجارية كبرى بين الدولتين بدأت بعد إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى 22 مارس الماضى عن وجود نية لفرض رسوم جمركية تبلغ 50 مليار دولار أمريكى على السلع الصينية بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974 التى تسرد تاريخ "الممارسات التجارية غير العادلة" وسرقات الملكية الفكرية وعلى إثر ذلك قامت الحكومة الصينية بفرض رسوم جمركية على أكثر من 128 منتج أمريكى أشهرها فول الصويا.
وأصبحت الرسوم الأمريكية فعالة فى السادس من يوليو، وقامت الصين بتفعيلها أيضا وتمثل ما قيمته 0.1% من إجمالى الناتج المحلى.
واليوم الجمعة قال رئيس فودافون العالمية وهى شركة بريطانية، إن هواوى لاعب مهم فى سوق المعدات، مشيرا إلى أن معداتها كانت تُستخدم فى شبكات فودافون الأساسية فى جزء من إسبانيا وأسواق أخرى أصغر حجما.
وفودافون ثانى أكبر مشغل اتصالات فى العالم، هى شركة بريطانية متعددة الجنسيات ومقرها الرسمى فى مدينة نيوبرى بالمملكة المتحدة وتعمل فى نحو 30 دولة حول العالم إضافة إلى شراكتها فى شبكات فى 40 دولة أخرى.
و أضاف نيك ريد "قررنا وقف (استخدام معدات) هواوى فى شبكاتنا الأساسية بينما نعمل مع الهيئات والحكومات المختلفة وهواوى من أجل وضع نهاية للموقف، وأشعر أن هواوى منفتحة فعلا بهذا الشأن وتعمل بجدية".
وتأتى تصريحات الرئيس التنفيذى لشركة فودافون بعد نحو شهر من تصريحات أدلى بها وزير الدفاع البريطانى جافن ويليامسون و الذى عبر خلالها عن مخاوف بلاده من تورط الشركة الصينية فى التجسس ببلاده.
وقال إنه كان لديه قلق بشأن الشركة الصينية التى توفر التكنولوجيا لتحديث خدمات بريطانيا إلى الجيل الخامس فائق السرعة. وأشار إلى أنه سيلزم إجراء استعراض كامل للمخاطر الأمنية.
فيما قال مسؤول بشركة فودافون مصر، إن الشركة ليس لديها تعقيب عما صرحه نيك ريد الرئيس التنفيذى للمجموعة العالمية، كونه يرجع إلى توجه شركة فودافون الام، فهواوى شريك أساسى كمورد للشبكة.
وأضاف المسئول، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، إن فودافون مصر ليس لديها معدات خاصة بشركة هواوى فى مكونات الشبكة الأساسية فى الوقت الحالى، ولكن ندرس مع المجموعة العالمية وهواوى الصينية ما سيحدث لاحقا فى المستقبل ولكن فى الوقت الحالى لا نرى اى شيء يدعو للقلق فى هذا المجال.
ونفى مؤسس شركة هواوى رن جينجفاى للاتصالات الادعاءات الأمريكية بأن شركته تتجسس على عملائها لصالح الحكومة الصينية و أشاد بالرئيس الأمريكى دونالد ترامب، باعتباره "رئيسا عظيما"، متجاهلا ادعاءات واشنطن بأن شركة هواواى تشكل تهديدا للأمن القومى الأمريكى، مضيفا أنه يفتقد ابنته التى تحتجزها السلطات الكندية.
وفصلت الشركة الصينية موظفا احتجزته السلطات البولندية فى قضية تجسس وقالت هواوى آنذاك أن التصرفات المزعومة لموظفها أضر بسمعة الشركة، و كانت نيوزلندا رفضت فى وقت سابق، استخدام معدات البنية التحتية من هواوى فى بناء شبكة للجيل الخامس، بسبب محاذير أمنية.
واقترحت شركة "هواوى" إثر تلك التطورات مؤخرا فتح مختبرات التطوير لتهدئة مخاوف التجسس والمخاوف بشأن المخاطر الأمنية لمنتجاتها، ردا على مزاعم تتهم منتجاتها بالقدرة على التجسس.
وأعلنت هواوى خلال المنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس إنها ترحب بالطلبات المقدمة من قبل الدول الغربية لرؤية عملية تطوير منتجاتها، مؤكدة أن الشركة تتوافق بشكل كامل مع القوانين واللوائح المحلية، كما أنها ستسمح للمراقبين بمشاهدة مختبرات المنتجات الخاصة بهم.
وتحاول الشركة الصينية وضع حد للاتهامات التى تقول بأن تقنياتها تشكل خطرًا أمنيًا، إذ صرحت وكالات الاستخبارات الأمريكية سابقًا حول مخاوفها من احتمال أن تشكل هواوى تهديدًا للأمن القومى عبر تسهيلها للتجسس الصيني، فيما نفت الشركة بشكل مستمر هذه المزاعم.
وقال خالد شريف مساعد وزير الاتصالات السابق، إن الأزمة بين الولايات المتحدة والصين تعود إلى الأزمة التجارية بينهما والتى ظهرت العام الماضى، التى تعرف بأزمة الرسوم الجمركية ثم اتهام أمريكا للصين بالتجسس عبر شبكات هواوى واعتقال مسؤول بالشركة فى كندا، فالأمر لا يتعلق بشركات التكنولوجيا فقط ذلك على الرغم من إزاحة هواوى للهواتف لابل الأمريكية من عرش التربع على مبيعات الهواتف المحمولة من الفئة العليا.
وأضاف شريف، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الصين أكبر سوق استهلاكى فى العالم، لذلك فإن جميع الشركات التى تهيمن عليها الولايات المتحدة ستحاول استغلال الأمر للضغط على الجانب الصينى ولكنها لن تصمد كثيرا فى الغالب لجودة وتقدم المنتجات الصينية و أسعارها التنافسية فضلا عن صيانة تلك الشبكات والمعدات لشركات الاتصالات العالمية المعاملة معها وهو ما يجعل هناك صعوبة للتخلى عن أجهزة ومعدات هواوى فى هذا الاتجاه فضلا عن هيمنة الأخيرة على السوق العالمى و الاستحواذ على الحصة الأكبر فى سوق الشبكات .
وتأسست شركة هواوى عام 1987 ومقرها مدينة شنزن، وتعمل فى تصنيع وتصدير أنظمة الاتصالات المحمولة و الأرضية فى العديد من دول العالمية ودخلت منذ عدة أعوام فى تصنيع الهواتف المحمولة وتستحوذ على المرتبة الأولى من حيث المبيعات فى العالم بعد نجاحها فى إزاحة آبل الأمريكية و العملاق الكورى سامسونج.
وتعد هواوى من بين أكبر 4 شركات تهيمن على تصنيع معدات أجهزة الاتصالات فى العالم، وهم إريكسون وزد تى اى ونوكيا ولكنها تستحوذ على النسبة الأكبر عالميا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة