الروهينجا، أو أكثر الأقليات اضطهادًا فى العالم، كذلك أكثر شعب بلا أصدقاء فى الكرة الأرضية، هذه هى مصطلحات تطلق على المسلمين الذين يعيشون فى ولاية "راخين" التابع لميانمار حاليا، وسابقا مملكة "أراكان".
فى القرن السابع الميلادى دخل الإسلام إلى بورما ( ميانمار حاليًا) عن طريق ولاية "أراكان" فى عهد الخليفة العباسى هارون الرشيد عن طريق التجار والرحالة العرب حتى أصبحت دولة مستقلة حكمها 48 ملكًا مسلمًا على التوالي، وذلك لأكثر من 350 عامًا بدءًا من 1430 ميلاديا وحتى عام 1784.
تقريبًا فى نهاية عام 1784 ميلاديا، احتل ملك بورما حينها الذى يسمى بودابايا مملكة أراكان بعد مساعدات خارجية وأضافها إلى بلاده فصارت منذ ذلك اليوم جزءًا من البلاد وإقليمًا من أقاليمها، ومن ثم عومل المسلمون كالغرباء المهاجرين غير النظاميين، وبدأ بخطة إخلاء المنطقة من الإسلام والمسلمين وتابعه على ذلك خلفاؤه من ملوك والرؤساء حتى يومًا هذا.
وبدء القمع والاضطهاد منذ القرن السابع عشر الميلاد، ضد الروهينجا المسلمة، من قِبل حكام بورما، حتى وقعت مذبحة كبرى لمسلمى الروهينجا سميت بالمذبحة الكبرى وترتب عليها تدمير مئات القرى للمسلمين وقتل سكانها الذين قيل إنهم بلغوا 100 ألف مسلم، وبلغ عدد اللاجئين الذين سُجلت أسماؤهم فى بنجلاديش حينها 80 ألف شخص، وفق ما ذكرت وكالة "أراكان" الإخبارية.
وفى عام 1982 أصدرت الحكومة فى بورما قانونا سمته "قانون المواطنة" وتم بموجبه سحب بطاقة المواطنة (الجنسية) من الآلاف من مسلمى الروهينجا.
وبعد ذلك بسبعة أعوام غيرت السلطة العسكرية الحاكمة فى البلاد، اسم بورما إلى ميانمار وتم اعتماده رسميًا منذ عام 1989 غير أن المعارضة استمرت فى اعتماد الاسم القديم للبلاد، كنوع من المقاومة والتحدي، إضافة إلى بعض الدول الأجنبية والمؤسسات الإعلامية.
واستمر القمع والاضطهاد ضد مسلمى الروهينجا من قبل السلطات الحاكمة فى ميانمار، بين الشديد والمتوسط، حتى وصل لمرحلة خطيرة عام 2012، حيث اندلعت أعمال عنف كبيرة ضدهم، قتل فيها المئات منهم وأحرقت قرى بأكملها، ورصدتها الأقمار الصناعية وفق ما نشرته الأمم المتحدة التى قالت إن الروهنجيا هم الأكثر تعرضا للاضطهاد فى العالم.
وتشير التقارير الإعلامية إلى أن أعمال العنف التى وقعت ضد الروهينجا عام 2012، أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 200 شخص وتشريد نحو 140 ألفا آخرين.
وتقول وسائل إعلام بوذية، إن الأزمة وقعت نتيجة اغتصاب وقتل امرأة بوذية فى أراكان، وهو ما اتهم بها البوذيون رجال من أقلية الروهينجا المتواجدين فى الإقليم.
وفى مايو عام 2015 عثرت الحكومة التايلاندية على 26 جثة للاجئين الروهنجيا على الحدود المتاخمة لماليزيا فشنت حملة على شبكات التهريب مما دفع بالمهربين إلى التخلص من القوارب التى تحمل الفارين الروهنجيا فى عرض البحر لتخلق أزمة إنسانية سميت حينها بـ"أزمة القوارب" واكتشف من بعدها المئات من الجثث فى ماليزيا وتايلاند وغرقت العديد من القوارب.
وبين تعرض الروهينجا للاضطهاد والقتل والاغتصاب والتعذيب المستمر على يد القوات البورمية والبوذيين والقرويين، تجدد الأزمة فى عام 2016، بعد فوز المعارضة التى تتزعمها "أونج سان سوتشي" بالانتخابات الرئاسية وتسلم حزبها الحكم بعد 50 عاما من الحكم العسكري.
وفى أكتوبر من العام ذاته، تعرضت مراكز لقوات الأمن البورمية، فى مدينة "منجدو" بإقليم أراكان، لهجمات من قبل أشخاص قالت السلطات حينها أنهم مسلمون.
ونتيجة لذلك شنت القوات البورمية، حملة عنيفة قتلت خلالها ما لا يقل عن 400 شخص وأحرقت ما لا يقل عن 1500 منزل رصدتها المنظمات العالمية بالأقمار الصناعية وفر أكثر من 65 ألف شخص نحو بنجلاديش ورُصدت مئات الحالات من الاغتصاب بين النساء والأطفال.
"أونج سان سوتشي" التى حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1991، قادة الحملة العسكرية ضد مسلمى الروهينجا، مما أدى إلى أن دعت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" لجنة جائزة نوبل إلى سحب جائزتها للسلام من زعيمة ميانمار.
وشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى حملات لنفس الهدف، بسبب ما وصفوه بمعرفتها وتأييدها لممارسات السلطات هناك ضد أقلية الروهينجا.
وفى نهاية أغسطس 2017، وصلت الحملة العسكرية ذروتها فى شمال ولاية أراكان، مما أسفر عن مقتل ما يزيد عن 6000 شخص، وفرار ما يقرب من 700 ألف شخص نحو بنجلادش.
أما بحسب بيانات منظمة أطباء بلا حدود فقد قُتل 6700 شخص على الأقل، بينهم 730 طفلا أقل من خمسة أعوام، خلال الشهر الأول منذ اندلاع الأزمة فى عام 2017.
ووصفت الأمم المتحدة حملة القمع العسكرية فى راخين بأنها "مثال صارخ على التطهير العرقي"، ودعا محققو الأمم المتحدة إلى ضرورة التحقيق مع قادة كبار فى جيش ميانمار ومقاضاتهم بتهم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب فى محكمة جنائية دولية، لما ارتكبوه ضد سكان أقلية الروهينجا المسلمة فى البلاد.
وقالت رئيسة وزراء بنجلاديش الشيخة حسينة التى تستضيف بلادها أكبر معسكر للاجئين الروهينجا فى العالم، خلال كلمة لها فى اجتماعات الأمم المتحدة العام الماضى، إن بلادها تشعر "بالفزع" لتقارير الأمم المتحدة عن الفظائع التى ارتكبت ضد الروهينجا فى ميانمار المجاورة والتى تعتبر بمثابة "إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية".
وبين رفض نظام "ميانمار" منْح الجنسية لمسلمى الروهينجا، وبين تعرضهم للاضطهاد والقتل والاغتصاب والتعذيب المستمر على يد القوات البورمية والبوذيين والقرويين، استثنتهم الحكومة من الإحصاء السكانى عام 2014، ورفضت الاعتراف بهم كسكان فى البلاد.
ويزداد الوضع سوءًا دون وجود أى بوادر أمل لانفراج الأزمة التى تشنها قوات ميانمار ضد هذه الفئة المضطهدة من المسلمين.
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد
أين المسلمين وبقية العالم الحر
أين المسلمين مما يحدث فى مينامار للمسلمين وامعتصماه . أما عن بقية العالم الحر فلا يتحرك إلا عندما يحدث ضرر لفئات معينة مثل قضية رجينى .