بعد سنوات عجاف طويلة، وأزمات غاز مزعجة، قبل يناير 2011 وبعدها، كانت القرارات الجريئة والشجاعة للقيادة السياسية الحالية، بضرورة البحث والتنقيب عن ثروات مصر من الغاز والبترول والمعادن النفيسة، مع الوضع فى الاعتبار أن هذا البحث لم يتحقق إلا بعد توقيع اتفاقيات تقسيم الحدود البحرية من الدول المجاورة، خاصة اليونان وقبرص..!!
ثم بدأت القيادة السياسية، توجه أوامرها بضرورة التعاقد مع شركات البترول العالمية للبحث والتنقيب، وكانت هناك عقبة شديدة، تتمثل فى حجم ديون الحكومة لصالح هذه الشركات، فبدأ الرئيس السيسى، يعيد جدولة هذه الديون، مقدما كل الضمانات للسداد فى المواعيد المحددة، بجانب قدرته التفاوضية المبهرة مع قيادات الشركات العالمية، مما صدر شعورا حينها لقيادة هذه الشركات، بطمأنينة وثقة شديدة، فى شخص الرئيس، والالتزام الشديد بتنفيذ وعوده..!!
وبدأ العمل، فكان جنى ثمار الخير سريعا، باكتشاف حقل «ظهر» الأكبر والأغزر إنتاجا، ثم توالت الاكتشافات، بما حقق الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى خلال النصف الأول من العام المالى الحالى، بل إنه وخلال نهاية يونيو المقبل ستصبح مصر دولة مصدرة للغاز، محققة نجاحات غير مسبوقة، وشبيهة بالمعجزات، لأنه من المتوقع أن إنتاج مصر من الغاز سيصل إلى ما يقرب من 8 مليارات قدم مكعب غاز يوميا خلال العام المالى 2019-2020.
هذا النجاح الكبير، بجانب إنجازات المشروعات القومية الكبرى فى كل القطاعات، والتى كانت بمثابة حقن فى شرايين الاقتصاد المصرى، لإعادة الحياة له، واستعادة قوته، تمهيدا لانطلاقته الكبرى، دفعت صندوق النقد الدولى، إلى إقامة احتفائية إشادة كبرى لنجاح مشروع الإصلاح الاقتصادى..!!
فقد قالت كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولى، أول أمس الجمعة، إنها ستوصى بأن يوافق المجلس التنفيذى للصندوق على المراجعة الرابعة لبرنامج قرض مصر البالغ 12 مليار دولار، ومنحها الشريحة الخامسة وقبل الأخيرة من قرض الصندوق بقيمة 2 مليار دولار خلال الشهر المقبل.
كريستين لاجارد لم تكتف بما أكدته أنها ستوصى المجلس التنفيذى للصندوق، بضرورة صرف الشريحة الخامسة من القرض البالغ 12 مليار دولار لمصر، ولكن أشادت ببرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، ووصفته بالطموح، وأن مصر ومنذ انطلاقة البرنامج عام 2016 حققت تقدمًا كبيرًا يدلل عليه نجاحها فى تحقيق الاستقرار الاقتصادى الكلى، مما انعكس على زيادة معدل النمو، واصفة الزيادة بأنها الأعلى من بين المعدلات المسجلة فى المنطقة، بجانب النجاح فى تقليص عجز الميزانية، وتراجع التضخم الذى يسير وفق الهدف الذى حدده البنك المركزى مع نهاية 2019، كما انخفضت معدلات البطالة إلى %10 تقريبًا، وهو أدنى معدل بلغته مصر منذ عام 2011، وأيضا التوسع فى إجراءات الحماية الاجتماعية.
ولم تكتف «لاجارد» بشهادتها الرائعة والمحايدة عن تطور ونجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، وإنما قالت نصا: «أغتنم هذه الفرصة للإشادة بما يبديه الشعب المصرى من صبر والتزام بعملية الإصلاح، مما سيمهد السبيل لتحقيق نمو أعلى وأكثر شمولاً للجميع على المدى الطويل، وفى هذا السياق، أؤكد مجددًا استعداد الصندوق لمعاونة مصر فى تحقيق مستقبل أكثر رخاءً».
بالطبع، كتائب المشككين فى كل إنجاز ونجاح تحققه مصر، ستخرج علينا، لتهيل التراب على إشادة مدير عام صندوق النقد الدولى، والطعن فى مصداقيتها، ومحاولة التأكيد أن هذه الإشادة، مجاملة لمصر، كون صندوق النقد الدولى مستفيدا بالدرجة الأولى لإقراض الدول، والحصول على فوائد..!!
كتائب التشكيك فى كل إنجاز، والتسخيف من كل قرار، يصابون بالقهر، والحرقة، مع كل خطوة تخطوها مصر فى طريق النجاح، تمثل سدا منيعا أمام الخونة، يَحول دون عودتهم للمشهد العام، والمعادلة السياسية من جديد..!!
لذلك، ومع اقتراب مصر من الحصول على الشريحة الخامسة والبالغة 2 مليار دولار، من شرائح قرض صندوق النقد الدولى، تستفحل أمراض الاكتئاب عند الخونة والمغرضين، وتزداد جرعات اليأس، وإمعانا فى زيادة الكآبة عند هؤلاء، أكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أنه بصرف الشريحة الخامسة تكون مصر قد حصلت على 10 مليارات دولار من القرض، وذلك فى أعقاب مراجعة بعثة صندوق النقد الدولى لبرنامج مصر للإصلاح الاقتصادى، والتى ستدفع بتقرير المراجعة إلى المجلس التنفيذى للصندوق خلال الأسابيع القليلة المقبلة، للموافقة على صرف الشريحة الخامسة. ولفت وزير المالية، إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادى يسير بتقدم ثابت، وسط إشادة من المؤسسات الدولية ومجتمع الاستثمار العالمى، ومؤسسات التصنيف الائتمانى.
الحقيقة أيضا أن فريق وزارة المالية الذى يقود التفاوض مع صندوق النقد الدولى، يتمتع بقدرات مهنية ممتازة، كما أن الحكومة المصرية وبتوجيه الرئيس السيسى، تنفذ خطة إصلاحات هيكلية جريئة بدأت بتحرير سعر الصرف، ثم خفض العجز فى الموازنة العامة للدولة، كنسبة إلى الناتج المحلى الإجمالى، وإعادة هيكلة منظومة الدعم، وتطبيق حزمة من برامج الحماية الاجتماعية تمتص أثر البرنامج الاقتصادى على المواطنين، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، وإصلاح المنظومة الضريبية ورفع كفاءتها والسيطرة على الدين العام، وتقليص نسبة البطالة، وغيرها من النجاحات المذهلة.