صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة كتاب "إرث الحجر: سيرة الآثار المنقولة فى عمارة القاهرة الإسلامية" للدكتورة رضوى زكى، الباحثة فى الآثار الإسلامية وتاريخ العمارة المصرية.
الكتاب الذى تقدمه الدكتورة دوريس برنز – أبو سيف، أستاذ الفن والحضارة والعمارة الإسلامية الفخرى، كلية الدراسات الشرقية والإفريقية، جامعة لندن، يعد دراسة فريدة فى مجال فلسفة العمارة الإسلامية من حيث الموضوع والمحتوى، حيث يلقى الضوء على تراث المعمار الإسلامى بالقاهرة من منظور أنثروبولوجى، ويعالج جانب من جوانب علاقتها الوطيدة بوقائع التاريخ الاجتماعى والسياسى فى مصر الإسلامية، ويسعى لتقديم منظورًا تاريخيًا شاملاً للتجربة الإسلامية – المصرية فى البناء عبر توظيف الآثار المنقولة، ترتكز جغرافيًا على مدينة القاهرة، وتتبع الظاهرة زمنيًا على مدار فترة تقارب تسعة قرون، تستهل مع الدخول العربى الإسلامى لمصر، مرورًا ببناء مدينة القاهرة على يد الفاطميين سنة 358هـ/ 969م، وتنتهى بانقضاء العصر المملوكى فى مصر على يد العثمانيين وحكمهم للديار المصرية بدءً من عام 923هـ/1517م، عمرت مدينة القاهرة خلالها بشتى أنواع العمائر التى ظل جانبًا كبيرًا منها شاهدًا على عظمة تلك الحقبة من تاريخ مصر الإسلامية.
تهدف الدارسة إلى الإلمام بمختلف جوانب ظاهرة استخدام العناصر المعمارية والآثار المنقولة فى العصور الإسلامية بمدينة القاهرة، مثل المنابر والمشكوات، وغيرها، مفهومها، تاريخها، أسبابها، وارتباطها بشكل وثيق بما آل إليه المجتمع المصرى خلال العصر الفاطمى والأيوبى والمملوكى من فترات ضعف وقوة، عبر رصد تلك العناصر المعمارية القابعة فى عدد ليس بقليل من المنشآت الإسلامية، على اختلاف أنواعها ومصادرها ووظائفها، والأسباب الداعية لتوظيفها مرة أخرى، ومشروعيته لدى فقهاء المسلمين، وما إلى ذلك من محاولات استقراء تلك الظاهرة الوثيقة الصلة بعمارة القاهرة الإسلامية.
كما تبحث تأثير استخدام الآثار المنقولة فى العمارة الإسلامية بمدينة القاهرة فى الثقافة الشعبية المصرية فى العصر الإسلامى، وتعامل المسلمين مع الآثار القديمة ورؤيتهم لها من منظورين، رسمى وشعبى، عبر البحث فى متون المصادر التاريخية عن الأساطير المرتبطة بتلك الآثار، ذات الجذور الضاربة فى القدم.
يشتمل الكتاب الذى يقع فى 360 صفحة، على تمهيد و3 فصول، ويتميز بأنه يحتوى على عدد هائل من اللوحات القديمة والحديثة الملونة، بالإضافة إلى الخرائط والوثائق التى تفسر ما جاء مدونًا فى متن الكتاب، وهو بذلك يعد مساهمة قيمة فى دراسة مظهر جوهرى من مظاهر العمارة الإسلامية فى مدينة القاهرة بفضل توثيقه الجامع المستفيض والمستند القائم على التأصيل النظرى من مصادر تاريخية رئيسية متعددة، فضلاً عن الاستعانة بالدراسات المعاصرة العربية منها والأجنبية، والأدلة الأثرية المادية تختص بمعالجة ظاهرة الآثار المنقولة فى العمارة الإسلامية بالعاصمة المصرية، وهى الظاهرة التى تحمل في طياتها وجهًا من أوجه التفاعل الحضارى والشعبى بين الحضارة الإسلامية ممثلةً فى عمارتها، وبين التراث الأثرى الذى خلفته الحضارات الأقدم، والذي ورثه المسلمون بأرض مصر.
إرث الحجر سيرة الآثار المنقولة فى عمارة القاهرة الإسلامية