"الشعب وقيادته على قلب رجل واحد"، كان ذلك هو مشهد العاصمة الإدارية الجديدة، أثناء احتفالات عيد الميلاد التى تعانق فيها الهلال مع الصليب، حيث جسدت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كاتدرائية ميلاد المسيح أسمى معانى الوطنية، وكان مشهد كلمة البابا تواضروس فى مسجد الفتاح العليم وخطبة شيخ الأزهر فى الكنيسة نموذجا لـ"الوحدة الوطنية".
الرئيس عبد الفتاح السيسى، وجه التحية لشهداء مصر، أثناء كلمته فى افتتاح كاتدرائية العاصمة الإدارية الجديدة قائلا:"لا أتحدث عن الجيش والشرطة والمدنيين وإخواتنا المسيحيين بل المصريين جميعاً".
ورحب الرئيس، فى بداية الكلمة، بالرئيس الفلسطينى محمود عباس أبو مازن ، والأشقاء الحضور من الدول العربية ، الذين شاركوا هذه اللحظة التاريخية ، مؤكدا :"هذه اللحظة مهمة فى تاريخ مصر،لأننا منذ عامين فى الكاتدرائية بالعباسية قلت للبابا إننا خلال العام القادم سنحتفل فى الكاتدرائية الجديدة..و احتفلنا بالمرحلة الأولى ..اليوم نحتفل بشكل كامل".
وقال:"لن نسمح لأحد أن يؤثر علينا، ولا أحب تعبير "الفتنة الطائفية " لأننا مش كدا، فنحن جميعًا واحد، وهنفضل واحد، ونسجل اليوم معنى شجرة المحبة التى غرسناها لبعض، ومحبتنا لبعضنا البعض.. هذه الشجرة لازم نحافظ عليها ونخلى بالنا منها ونكبرها حتى تخرج ثمارها من مصر للعالم كله، من خلال المحبة والتسامح والتآخى بين الناس وبعضها" ، وواصل الرئيس قائلًا:"الفتن لن تنتهى، وربنا سبحانه وتعالى حفظ مصر وسيحفظها لأجل وخاطر أهلها".
وأضاف الرئيس : "حفظ الله مصر من أجل خاطر أهلها.. أهلها ناس طيبين.. اللى هو أنتوا.. كل المصريين ناس طيبين.. وبالتالى حفظ البلاد.. أنا مش عاوز أخد الوقت كله.. الشجرة هتخرج من هنا المحبة والمودة والتآخى بينا وبين بعضنا.. ولازم نكون عارفين أن الفتن لن تنتهى.. ولكن اليقظة والوعى.. وهنا اقتبس من كلام قداسة البابا فى عام 2013 بعدما تم الاعتداء على الكنائس.. وكان رد قداسة البابا : "وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن".. الكلمة دى بتحمل معانى عظيمة جدًا جدًا.. نتوقف كلنا عندها".
وتابع الرئيس السيسى خلال افتتاح كاتدرائية ميلاد السيد المسيح قائلا : حافظنا على وطنا مش بقى بنصلح إللى اتدمر.. لا احنا بنبى جديد .. إحنا بنبنى 14 مدينة فيها المساجد والكنائس وفيها كل حاجة.. والأصل فى الموضوع المعنى العظيم اللى قاله قداسة البابا عنينا ووعينا وحرصنا على بلدنا.. ونخلى بالنا منها.. فى قمة الاحتفال الجميل والرائع أقولكم أيوا متنسوش أبدًا تخلو بالكم من بلدكم".
البابا تواضروس والدور الوطنى للأقباط على مر التاريخ
وخطب قداسة البابا تواضروس بابا الإسكندرية، من مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية ليلقى كلمته ويؤكد أن مصر تسطر صفحة جديدة فى تاريخ الحضارة الإنسانية مضيفا اليوم يوم فرح ويوم ابتهاج نفرح فيه ونحن نرى مصرنا العزيزة تسجل صفحة جديدة فى كتاب الحضارة المصرية العريقة، فمصر التى علمت العالم فن الأعمدة فكانت المسلة فى العصور الفرعونية والمنارة فى العصور المسيحية، وكانت المئذنة فى العصور الإسلامية.
وقال البابا، خلال كلمته من داخل مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة: "إننا نشهد اليوم مناسبة غير مسبوقة فى التاريخ، نحتفل فيها حيث نرى ونشاهد ونعاين وسط هذا الحضور الكريم، مآذن هذا المسجد الكريم، تتعانق مع منارات كاتدرائية ميلاد السيد المسيح".
وأضاف: "إننا نرى افتتاح هذه الصروح العالية فى هذه العاصمة الجديدة التى تفتح آفاق المستقبل أمام مصرنا الحبيبة، ونرى فى رمزية هذا الافتتاح، أن مصر ترى وتهتم بالقوة الناعمة فيها"، وتابع قائلا: "إننا فى هذه المناسبة السعيدة وهذه الصروح التى نفتح بها بنيت بأموال وتبرعات المصريين، وكان السيد الرئيس أول المتبرعين فيها، وبنيت بجهود وإبداع المصريين، من مهندسين وفنيين وعمال، وبنيت بإخلاص وأمانة".
واستكمل قداسة البابا: "إننى كمواطن مصرى أقف فى هذا المسجد الكريم وأفرح مع كل إخوتى الأحباء بهذه المناسبة السعيدة التى تسجل فى تاريخ مصر".
وتابع قداسة البابا: "إننا نرى ونهتم بالخبز كغذاء للأجساد، ولكن أيضاً الأرواح تجد غذاءها فى هذه المؤسسات الروحية والدينية.. سيادة الرئيس لقد وعدت فى يناير 2017 بهذا الوعد الكريم وبناء المسجد والكنيسة وكان هذا يعتبر دربا من المستحيل لأنها صروح ضخمة وكيف أنها تبنى فى هذا الوقت الوجيز، ولكننا فى هذا اليوم نرى سيادتكم وفيتم بهذا الوعد وها نحن نشهد هذا الافتتاح العظيم فى هذه المناسبة الجليلة".
ووجه الشكر للرئيس ولكل الشركات التى عملت وشاركت فى هذه الأبنية من مهندسين وفنيين وعمال والمكاتب الاستشارية، وقال: "أقدم شكرا خاصا للقوات المسلحة والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، التى خططت وأشرفت على عملية التنفيذ واهتمت بإنجاز هذا العمل العظيم فى هذه الفترة الوجيزة.. نصلى لله من أجل أن يديم وحدتنا وحبتنا جميعاً وليشهد العالم فى هذه الليلة المباركة كيف أن مصرنا تعيش فى هذه الوحدة والمحبة.. نصلى من أجل أن يحفظكم الله جميعاً.. تحيا مصر".
شيخ الأزهر يعظ من صحن الكنيسة
فيما كان للإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، كلمة ألقاها من قلب كاتدرائية ميلاد المسيح حيث يشهد شيخ الأزهر لأول مرة قداس عيد الميلاد بعدما اعتاد تقديم التهنئة بنفسه ليلة العيد طوال السنوات الماضية فقد قال الشيخ إن الدولة الإسلامية ضامنة شرعا لكنائس المسيحيين ومعابد اليهود والشرع يكلف المسلمين بحماية المساجد والكنائس بالقدر نفسه والمسلمون يتقدمون فى حماية الكنائس على اخوتهم المسيحيين بناء على آية صحيحة فى القرآن الكريم تكلف بالقتال للدفاع عن دور العبادة.
وقال شيخ الأزهر، فى كلمته خلال افتتاح كاتدرائية المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، إنه يحق لمصر أن تفخر بها على سائر الأمصار، موجها الشكر للرئيس السيسى على هذا الإنجاز، ولقداسة البابا وإخوتنا المسيحيين بأجمل التهانى بمناسبة هذه الكاتدرائية الجديدة التى ستقف دون شك الى جوار المسجد فى صمود يتصديان لكل محاولات العبث باستقرار الوطن أو الفتنة الطائفية.
وأعرب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، عن سعادته بافتتاح مسجد الفتاح العليم ، وكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، قائلا: "أعتبر أن هذا الحدث حدث استثنائى ربما لم يحدث من قبل على مدى تاريخ المسيحية والإسلام".
وأضاف: "إنى لسعيد فى هذه الليلة المباركة فى صحبة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وسيادة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين الشقيقة والأخ العزيز قداسة البابا تواضرواس بابا الإسكندرية ، لأشارك فى افتتاح صرحين كبيرين بل أكبر صرحين من دور العبادة فى مصر من أقصاها إلى أقصاها".
وأكد شيخ الأزهر، أن الدولة الإسلامية ضامنة شرعا لكنائس المسيحيين ومعابد اليهود، والشرع يكلف المسلمين بحماية المساجد والكنائس بالقدر نفسه والمسلمون يتقدمون فى حماية الكنائس على اخوتهم المسيحيين بناء على آية صريحة فى القرآن الكريم تكلف بالقتال للدفاع عن دور العبادة ، مؤكدا أنه يحق لمصر أن تفخر بها على سائر الأمصار، موجها الشكر للرئيس السيسى ،على هذا الإنجاز، ولقداسة البابا واخوتنا المسيحيين بأجمل التهانى بمناسبة هذه الكاتدرائية الجديدة التى ستقف دون شك الى جوار المسجد فى صمود ويتصديان لكل محاولات العبث باستقرار الوطن أو الفتنة الطائفية.
وشهدت كاتدرائية السيد المسيح، فرحة عارمة ظهرت على وجوه المشاركين فى قداس عيد الميلاد ولاسيما الأطفال الذين توافدوا على فريق الكشافة للحصول على علم مصر ، وتتصدر الأيقونات القبطية صورة مارمرقس الرسول، كاروز الديار المصرية، بالإضافة إلى عدد من صور القديسين ، وتعد كاتدرائية "ميلاد المسيح" بالعاصمة الإدارية الأكبر في الشرق الأوسط، وتسع لـ8200 فرد، وهي عبارة عن طابق أرضي وصحن ومنارة بارتفاع 60 مترا.
محجبات يشاركن: "محدش هيقدر يفرقنا"
وشهد القداس مشاركة عدد من المحجبات، حيث أكدت همت مصطفى، منسق عام مبادرة سفراء الوطن، أنها حرصت على مشاركتها وتشعر بسعادة غامرة لتواجدها وسط اشقائها واصدقائها الأقباط لمشاركتهم فرحة العيد.
وأضافت "همت" أنها دائما ما تحرص على تقديم التهنئة لإخوانها المسيحيين، لافتة إلى أنها تقدمت بطلب إلى إدارة الكنيسة للحصول على دعوة للحضور إلى كاتدرائية العاصمة الإدارية، مشيرة إلى أن سوء حالة الطقس لم تمنعها من تأديتها الواجب تجاه أشقاء وشركاء الوطن، قائلة: "كلنا مصريين ومحدش يقدر يفرقنا ودايما هنكون مع بعض فى كل المناسبات".
فيما رفرفرت أعلام مصر داخل الكاتدرائية، واستقبل المحتفلون الرئيس والبابا تواضروس بالزغاريد والهتافات.