ظهرت قوة السياسة الخارجية لمصر واضحة جلية فى كل المحافل الدولية التى تواجدت بها مصر، وكانت التحركات الدبلوماسية المصرية قوية ووفق خطط العمل والأهداف التى سعت لتحقيقها على مدار عام 2018، لتتضح أبرز ملامح السياسة الخارجية المصرية بعد 30 يونيو، وهو الحرص على تحقيق الاستقرار الإقليمى، وتعاطت السياسة الخارجية المصرية مع معطيات التاريخ والجغرافيا فوضحت للعالم رؤية مصر المعنية بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
وانطلاقًا مما تحقق العام الماضى للدبلوماسية المصرية فإنها تتطلع لاستكمال مسيرتها فى الدفاع عن المصالح الوطنية المصرية فى الخارج من خلال عملية مراجعة دقيقة وتحديد الأهداف التى سوف تحرص على تحقيقها خلال عام 2019، وذلك فى ظل رؤية واستراتيجية شاملة تضع ملامحها الحكومة وتقرها القيادة السياسية لكافة أجهزة ومؤسسات الدولة.
تسعى الخارجية المصرية خلال عام 2019 إلى الاستمرار فى تطوير العلاقات المصرية مع الدول الأوروبية والآسيوية والأمريكية، وتعميق التعاون الثنائى مع الاقتصاديات البازغة والدول الكبرى ذات العلاقة الاستراتيجية مع مصر، بجانب تأمين المصالح المصرية فى المحافل الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، وبما يخدم أهداف أجندة التنمية الوطنية فى مصر 2030، وطبقا لأولوياتها من أجل غدٍ أفضل يلبى تطلعات الشعب المصرى نحو التنمية والأمن والاستقرار والسلام، وهذه الأهداف كانت واضحة فى بيان الإنجازات العام الماضى والذى كان خريطة متكاملة للسياسة الخارجية المصرية فى عام مضى حققت مصر خلاله الكثير من الأهداف، فقد شهد عام 2018 جهودًا كبيرة من وزارة الخارجية فى تأمين المصالح والأهداف الوطنية فى دوائر السياسة الخارجية المصرية العربية والأفريقية والإسلامية، فضلًا عن باقى الدوائر الجغرافية الأخرى، أيضًا المحافل الإقليمية والدولية التى تنشط فيها مصر، بما يخدم تنفيذ برنامج عمل الحكومة وتحقيق أهدافه.
كان تحرك الدبلوماسية المصرية فى الخارج انطلاقا من تطورات الأوضاع الداخلية فى البلاد وأولويات برنامج عمل الحكومة خلال الفترة من 2018 - 2022، والتى يأتى على رأسها تحقيق التنمية الشاملة من خلال زيادة معدلات نمو الاقتصاد، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتخفيض البطالة، فضلا عن تطوير أداء كافة القطاعات والمؤسسات بالدولة.
اتسمت السياسة الخارجية المصرية، واستكمالا لما بدأه الرئيس السيسى، بإقامة علاقات متوازنة قائمة على المصالح المشتركة مع الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة وروسيا والصين.
كانت آسيا حاضرة وبقوة فى علاقات مصر الخارجية، بلورتها زيارة الرئيس للهند واليابان والصين وهى علاقات تزيد من فرص التبادل التجارى وشرح فرص الاستثمار فى مصر.
أوروبا ربطتنا بها علاقات أكثر توازنًا من أى وقت مضى.. علاقات قائمة على الندية وعلى المصالح المشتركة والتجارة، فسعت الخارجية لتكثيف التعاون مع الدول الأوروبية، حيث تم تنظيم عدد من الزيارات الرئاسية والوزارية.
أما عربيًا فشاركت مصر فى إطار عضويتها فى جامعة الدول العربية فى العديد من القمم والاجتماعات الوزارية والفعاليات سواء فى الإطار العربى، أو فى أطر عربية مع أطراف إقليمية ودولية، وذلك بهدف تعزيز مكانة مصر، وتفعيل اتصالاتها الإقليمية والدولية وبما يحقق المصالح المصرية والعربية.
كما سعت مصر لدعم المنظومة الأمنية العربية عبر تحديث التشريعات العربية لمكافحة الإرهاب واستصدار قرار مصرى من قمة الظهران بشأن تحديث المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، كذلك المشاركة فى منتديات التعاون العربى الوزارية مع كل من الصين، واليابان، والهند، و«أذربيجان ودول آسيا الوسطى»، والاتحاد الأوروبى.
الموقف المصرى ثابت من القضية الفلسطينية، وداعم لكافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى الشقيق، كما أن الجهود المصرية المُستمرة واضحة من أجل الدفع لتحقيق المُصالحة الوطنية وتوحيد الصف الفلسطينى، وتهدف الدبلوماسية المصرية إلى خلق المناخ الملائم والأرضية المناسبة بُغية الدفع بإعادة إحياء عملية السلام وتحقيق حل الدولتين على أُسس عادلة، وصولاً إلى استعادة الحقوق التاريخية والمشروعة للفلسطينيين، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية مُستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما حرصت وزارة الخارجية على إبراز ثوابت الموقف المصرى المتوازن إزاء الأزمة السورية، وهو ما حظى بتقدير المجتمع الدولى، خاصة أنه موقف مبنى على مجموعة من المبادئ التى تصبو لتحقيق الاستقرار والحفاظ على الدولة الوطنية فى سوريا، وفى العراق قدمت مصر سلة من التعهدات الدولية للشعب العراقى الشقيق فى مجالات الصحة والتعليم العالى، وكذلك فى المجال الثقافى، رغبةً فى الاستفادة من الخبرات المتبادلة بين مصر والعراق فى مجالات تخطيط وبناء المدن، أما فى ليبيا فقد قامت مصر باستضافة وعقد العديد من الاجتماعات مع مختلف الأطراف الليبية والإقليمية والدولية المعنية بالأزمة فى ليبيا، بهدف كسر الجمود السياسى ودفع جهود التوصل لحل شامل للأزمة، وجار استكمال تلك الجهود حتى تحقيق الهدف بتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية ومن الحدود الغربية للحدود الجنوبية، حيث جاء انعقاد اللجنة الرئاسية المصرية السودانية المشتركة فى الخرطوم برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس السودانى عمر البشير فى أكتوبر 2018، ليتوج ما شهدته علاقات البلدين الشقيقين من زخم خلال العام الحالى.
أيضا العلاقات المصرية الخليجية خاصة السعودية والإمارات والكويت والبحرين، إذ كان هناك تنسيق كبير فى المواقف والتى تبلورت فى الكثير من المناورات العسكرية المشتركة للتدريب على مكافحة الإرهاب على سبيل المثال.
وأفريقيًا عملت السياسة الخارجية على تطوير التعاون مع الأشقاء الأفارقة واستعادة الدور المصرى الرائد فى أفريقيا فى إطار الاستراتيجية التى تتبناها الحكومة نحو الانخراط الكامل والتعاون مع الدول الأفريقية، وذلك لما تمثله العلاقات المصرية الأفريقية من أهمية للأمن القومى المصرى. ركزت وزارة الخارجية على تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وكافة الدول الأفريقية، خاصة دول حوض النيل ومنطقة القرن الأفريقى. كما تتابع وزارة الخارجية عن كثب كافة التطورات بالقارة الأفريقية، وكذا دراسة تداعياتها على الأمن القومى المصرى والمصالح المصرية بصفة عامة.