جناح المرشد الإيرانى يرضخ أمام قانون "غسيل الأموال" بعد أشهر من الرفض.. توابع العقوبات تجبر طهران على تسهيل آلية SPV الأوروبية.. والبنك المركزى يقترح حذف أصفار من العملة وتوقعات بمزيد من التراجع للاقتصاد

الثلاثاء، 08 يناير 2019 11:44 ص
جناح المرشد الإيرانى يرضخ أمام قانون "غسيل الأموال" بعد أشهر من الرفض.. توابع العقوبات تجبر طهران على تسهيل آلية SPV الأوروبية.. والبنك المركزى يقترح حذف أصفار من العملة وتوقعات بمزيد من التراجع للاقتصاد ترامب
كتبت : إسراء أحمد فؤاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى ثمانينات القرن الماضى، عندما اقترح قرار مجلس الأمن رقم 598 هدنة لإنهاء الحرب العراقية الإيرانية، التى امتدت لـ8 سنوات حقنا للدماء، اضطر مؤسس الجمهورية الاسلامية، آيت الله روح الله الخمينى، الامتثال لها، وقال جملته الشهيرة كان "أهون على تجرع السم الزعاف من قبول القرار"، وانتشر هذا المصطلح فى أدبيات السياسة الإيرانية، وصار يطلق على القرارات التى تضطر طهران قبولها رغما عنها.

ما أشبه اليوم بالبارحة، بعد نحو 8 أشهر من الجدل والرفض التام لاتفاقية CFT لمكافحة غسل الأموال، من قبل التيار المتشدد الذى شن حملة شرسة للضغط على البرلمان لإعاقة تمريرها، ورفض أحد أبرز مؤسسات الحكم فى إيران (صيانة الدستور)، وافق أخيرا مجلس تشخيص مصلحة النظام على اللائحة، فى أول اجتماع له بعد تعيين صادق آملى لاريجانى لرئاسته، فى خطوة نظر إليها وكأن طهران بدأت تتجرع كأس السم فعليا، وقبولها القيام بإصلاحات تلزمها بالأعراف الدولية من أجل للمحافظة على العلاقات التجارية والمصرفية الدولية فى مواجهة العقوبات الأمريكية.

على مدار الأشهر الماضية قسمت اللائحة إيران بين مؤيد ومعارض، وفى أكتوبر 2018 أقرها البرلمان، لكن أعادها مجلس صيانة الدستور ورفض المصادقة عليها، فى نوفمبر من العام نفسه، واعتبرها تخالف الشرع والدستور والسياسات العامة للنظام، مما أدى إلى تدخل مجمع تشخيص مصلحة النظام الذى يفصل فى خلافات البرلمان والمجلس، والذى أبدى تأييده لقرار الرفض، وبين الرفض والتأييد منحت مجموعة العمل الخاصة المعنية بغسل الأموال وتمويل الإرهاب (FATF)، مهلة 4 أشهر لتعديل قوانينها المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

 

 

 

إقرار الاتفاق أشعل الجدل بين المتشددين والمعتدلين، فوزير الخارجية جواد ظريف اعتبر أن انضمام بلاده يأتى لتخيف الضغوط الأمريكية، واتهم جهات عليا فى بلاده تقف وراء حملة لرفضها، وأكَد عبد الرضا فرجى ‌راد، المدير العام للمجلس الاستراتيجى للعلاقات الخارجية الإيرانية، وهو من الهيئات الاستشارية التى تتبع المرشد، على أن اعتماد مشروع القانون سيساعد إيران على دفع أوروبا لإنشاء الآلية المالية الخاصة (SPV) بسرعة أكبر.

غير أن المتشددون كان لهم قول آخر فى الأشهر الماضية، وكانوا يتخوفون أن تمنع طهران من مواصلة الدعم للجماعات الموالية لها فى المنطقة كحزب الله، ونجح هذا التيار فى يونيو 2018 فى تعطيل مشروع انضمام طهران إلى اتفاقية منع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر التصويت على تأجيل مناقشته لفترة شهرين داخل البرلمان الأمر الذى أثار غضب الرئيس حسن روحانى ومؤيديه، إذ رأى الموافقون على الاتفاقية أن التصويت عليها خطوة مهمة فى طريق التنظيم والشفافية البنكية فى البلاد والانضمام للسوق العالمى والنظام المصرفى الدولى، ومنع إدراج اسم إيران فى القائمة السوداء لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية FATF.

 

 

اللافت أن المتشددين التزموا الصمت أمام قرار مجلس صيانة الدستور، ما يعنى أن القرار جاء من أعلى المستويات فى النظام، الأمر الذى تمثل فى صمت الصحف المتشددة والتابعة للحرس الثورى الصادرة اليوم، الأحد، وعزوفها عن التعليق على الخبر، رغم الحملة الشرسة التى قادتها الأشهر الماضية، ضد القانون، الأمر اختلف بشكل كبير فى الصحف الإصلاحية التى علقت على الخبر على صفحاتها الأولى، على سبيل المثال علقت صحيفة "إيران" الحكومية و"آرمان" الاصلاحية وكتبت مانشيت عددها، CFT خطوة للأمام.

ونظر إلى الخطوة التى اتخذتها طهران بأنها رضوخ لقانون قد يتسبب فى وقوع محاذير يخشى منها صانع القرار، لكن وسط العقوبات الأمريكة المشددة التى فرضت على حزمتين فى اغسطس ونوفمبر الماضيين، على قطاع الطاقة والقطاع المصرفى، والتردى الاقتصادى وتقلبات سوق العملة الإيرانية (التومان) أمام الدولار لم يجد أمامه سوى اللجوء إليها علها تسرع من عملية تدشين آلية الالتفاف على العقوبات الأوروبية التى وعدت بها أوروبا طهران فى سبتمبر الماضى، لمواصلة شركاتها التجارة مع إيران دون الوقوع تحت طائلة العقوبات.

 

 

 

وتسعى إيران لاتخاذ إجراءات من شأنها انعاش الوضع الاقتصادى، فى هذا الاطار اقترح محافظ لبنك المركزى حذف 4 أصفار من العملة المحلية، بعدما هوت العملة فى عام شهد أزمة اقتصادية بفعل عقوبات أمريكية، فكرة حذف الأصفار ليست جديدة فقد تم طرحها لأول مرة فى 2008، لكنها اكتسبت قوة مع فقدان العملة ما يزيد عن 60%من قيمته فى 2018، رغم تعافيه فى الآونة الأخيرة بدعم من البنك المركزى فى تحد للعقوبات الأمريكية.

ونقلت الوكالة عن محافظ البنك المركزى عبد الناصر همتى قوله "قدم البنك المركزى للحكومة أمس مشروع قانون لحذف أربعة أصفار من العملة الوطنية، وآمل بالانتهاء من تلك المسألة فى أقرب وقت ممكن". فى الوقت نفسه أعلن مسؤول مطلع فى البنك المركزى الايرانى بان شطب الأصفار من العملة الوطنية غير ممكن خلال فترة قصيرة وهو بحاجة الى تمهیدات لفترة عامين.

وقال المصدر لوكالة فارس أن التحضير لتنفيذ مثل هذا المشروع بحاجة إلى تمهيدات لفترة عامين وأن عملية تنفيذه ليست قصيرة الأمد، وفى وقت سابق أعلن مسئولو البنك المركزى بأن شطب الأصفار رهن بالسيطرة على التضخم ورأوا بأنه لا يمكن المبادرة الى شطب الأصفار من العملة فى ظروف التضخم، وأن احتمال ارتفاع أسعار السلع والخدمات يكون قائما وكذلك امكانية عودة الأصفار بعد أعوام.

وفى السياق نفسه، توقع مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيرانى نموا اقتصادى سلبى فى إيران عام 2019 بين 2.6 و5.5%، وتوقع المركز تصدير نحو 800 ألف برميل فى المتوسط يوميًا من النفط والغاز المكثف فى عام 2019.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة