قبل أكثر من اسبوع، أرسلت تركيا سفينة تنقيب عن النفط إلى المياه القبرصية وأعلنت عزمها بدء الحفر، مدعية حقوقا زائفة فى اكتشافات الغاز قبالة السواحل القبرصية، بل ذهبت حكومة نظام رجب طيب أردوغان إلى إعلان أنها تخطط لحفر حوالى 80 كيلومترا من الشواطئ القبرصية، مما دفع نيقوسيا إلى اتهام أنقرة "بتصعيد حاد".
التجاوزات والاعتداءات التركية بحق جيرانها فى منطقة الشرق الأوسط باتت صارخة وتحتاج تدخل دولى سريع لضبط جموحها وتهذيب اطماع النظام التركى فى غاز شرق المتوسط، لاسيما تجاه قبرص منذ الاكتشافات الكبيرة للغاز الطبيعى فى جنوب المنطقة الاقتصادية.
مندوب قبرص فى الأمم المتحدة
وفى تعليقات خاصة لـ"اليوم السابع"، قال سفير جمهورية قبرص لدى الأمم المتحدة أندرياس مافرويانيس، إن بلاده تطالب مجلس الأمن والمجتمع الدولى بإرسال رسالة قوية ضد أعمال التنقيب عن الغاز غير القانونية التى تقوم بها تركيا فى المياه القبرصية، وأضاف أنه لابد للجميع أن يمارس نفوذه على تركيا لتفهم جيدا أنها ليس بإمكانها ممارسة هذا النوع من التعديات على المنطقة البحرية لقبرص والذى يخالف بوضوح القانون الدولى.
وعن الإجراءات التى يجب اتخاذها حيال الاعتداءات التركية، رفض السفير الحديث عن رد عسكرى فى الوقت الحالى، لكنه أشار إلى أن الاتحاد الأوروبى يتخذ تدابير للتعامل مع الأمر معربا عن آماله أن يكون رد فعل المجتمع الدولى بشكل عام، مناسبا لوقف تلك الأنشطة غير القانونية.
لكن سوء السلوك البحرى من قبل تركيا يمتد إلى المياه اليونانية أيضًا، إذ هبت السفن التركية للتنقيب بشكل غير قانونى عن النفط قبالة السواحل اليونانية، مما دفع وزير الخارجية اليونانى نيكوس ديندياس إلى تحذيرها فى يوليو الماضى، قائلا إن "اليونان لا تتسامح مع تهديدات الحرب". ورداً على الاستفزاز الأخير، أدان المسؤولون اليونانيون تركيا، محذرين من أن الاتحاد الأوروبى من المرجح أن يتخذ المزيد من الإجراءات.
ويؤكد أندرو جابيل وميخائيل سميتس، الباحثان لدى مركز القوى السياسية والعسكرية، فإنه يجب على الولايات المتحدة أن تقف قوية فى الدفاع عن القوانين والقواعد الدولية التى تحكم الحقوق البحرية والطاقة، من خلال الاستمرار فى التعبير عن الدعم الكامل لشركائها اليونانيين والقبارصة فى مواجهة الاستفزازات التركية. إذ ستكون هذه الخطوة متوافقة مع سياسة الولايات المتحدة القديمة.
ومنحت وزارة الخارجية الأمريكية أولوية لأمن الطاقة فى اجتماعات مع شركاء شرق المتوسط. العام الماضى، وتعهد وزير الخارجية مايك بومبيو بدعم حق قبرص السيادى فى تطوير المنطقة الاقتصادية الخالصة. وخلال رحلة إلى أثينا نهاية الأسبوع الماضى، قال إن "الحفر غير القانونى لتركيا أمر غير مقبول".
وبعيدا عن الكلام، فبحسب مقال نشر مؤخرا للباحثين، فإنه يجب على الولايات المتحدة أن ترفع رسميا حظر الأسلحة لعام 1987 على الحكومة القبرصية، وهى سياسة تم وضعها فى ظل ظروف مختلفة لم تعد سارية. افترضت واشنطن فى ذلك الوقت أن إبقاء الأسلحة الأمريكية خارج الجزيرة سيمنع سباق التسلح بين الحكومة الشرعية للبلاد وقوات الاحتلال التركية. ومع ذلك، يدرك الكثيرون اليوم أن قبرص شريك مهم للأمن الإقليمى والاستقرار الاقتصادى. وبالتالى فإن دور قبرص لا يستحق حظراً بل دعمًا عسكريًا أمريكيًا أعمق.
وحذرا من أن الفشل فى الرد على الاعتداءات التركية لن يؤدى إلا إلى مزيد من العدوان. يجب على الولايات المتحدة مواصلة العمل عن كثب مع شركائها الإقليميين فى تقديم جبهة موحدة لردع مناورات تركيا فى المنطقة الاقتصادية الخالصة. كما أن زيادة المبيعات العسكرية الأجنبية الأمريكية والتنسيق الدبلوماسى المستمر يمكن أن يعزز أمن الطاقة والتجارة المشروعة فى شرق البحر المتوسط.