تمر اليوم ذكرى رحيل أمير الشعراء أحمد شوقى، وبهذه المناسبة أتذكر سنوات طويلة مرت، على معرفتى بـ شوقى، ففى مكتبتنا المنزلية البسيطة، استقر كتاب معد للأطفال غلافه أخضر، عليه صورة رجل يجلس حزينا يضع يده على جانب وجهه، ومكتوب عليه "أحمد شوقى أمير الشعراء" طبعا استغربت ملابسه التى لا تشبه ملابس الأمراء فى باقية القصص التى أقرأها، واستغربت من كونه حزينا وهو أمير.
قرأت الكتاب وحفظت معظم ما جاء به من معلومات، ومن ذلك ما يتعلق بطفولته، والتى وجدت لها أصلا بعد ذلك ففى مقدمة الطبعة الأولى لديوان الشوقيات يقول "شوقى" حدثتنى جدتى أنها دخلت بى على الخديوى إسماعيل، وأنا فى الثالثة من عمري، وكان بصرى لا ينزل عن السماء من اختلال أعصابه، فطلب الخديوى بدرة من الذهب، ثم نثرها على البساط عند قدميه، فوقعتُ على الذهب أشتغل بجمعه وألعب به، فقال لجدتي: اصنعى معه مثل هذا فإنه لا يلبث أن يعتاد النظر إلى الأرض. قالت: هذا دواء لا يخرج إلا من صيدليتك يا مولاى. قال: جيئى إلى به متى شئت.
كنت وأنا أقرأ أضحك من مكر الجدة فى الرد ومن ذكاء الخديوى الذى لم يستسلم لما يمكن أن نطلق عليه "ابتزاز" من جانب الجدة.
ومما أذكره من الكتاب أيضا، أن أول شعر قاله شوقى حدث عندما سأله مدرس الجغرافيا أن يعبر عن أفريقيا فقال "أفريقيا شيء فى الوجود فى شكل أشبه بالعنقود".
جعلنى الكتاب أحب أحمد شوقى وعالمه وزمنه وشعره، وقد اختتم صفحاته بصورة مشابهة لصورة الغلاف، شوقى يجلس ويده على جانب وجهه، وكان القصد من الصورة أنه يفكر، لكن فى الحقيقة وحتى الآن كلما رأيت الصورة أو مررت على تمثال شوقى أراه حزينا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة