صعدت تظاهرات لبنان السلم الموسيقى بنوتة متنوعة توزعت بين الأناشيد الوطنية وحلقات الدبكة الشعبية والأغانى التى تم تحوير كلماتها بما يتلاءم مع مقتضيات الحالة السياسية.
وقد أجرى المتظاهرون بعفوية تامة تعديلا على أغنية الفنان فضل شاكر "فاكر لما تقولي" لتصبح أقرب إلى "نشيد الثورة" التى تعبر عن رفض المتظاهرين لبقاء السلطة.
وأعادت هذه الأغنية الفنان المتوارى عن الأنظار إلى الساحة الغنائية حيث يصدح صوت شاكر فى كل الساحات بكلمات تقول "فاكر لما تقولى هسيبك يعنى أنا هجرى وراك / ولا هموت فى هواك ولا أنا هترجاك / روح يا حبيبى مع ألف سلامة روح والقلب معاك / خد لياليك وياك أنا مش هستناك / أنا مش فاضى أعيش ع الفاضى وأضيع عمرى معاك".
وتوجه بعض المتظاهرين بهذه الأغنية إلى وزير الخارجية ورئيس التيار الوطنى الحر جبران باسيل الذى يرأس أكبر كتلة نيابية فى البرلمان اللبناني.
ولليوم الرابع على التوالى تواصلت الاحتجاجات على السياسة الاقتصاد للبلاد. وتدثر بعض المتظاهرين بالعلم اللبنانى أو لوحوا به وتدفقوا على الطرق ودعوا إلى ثورة على غرار الثورات العربية التى أطاحت بأربعة رؤساء فى 2011.
وردد مئات آلاف من المحتجين فى وسط بيروت مع الفنان محمد إسكندر أغنية "من أين لك هذا؟ عم تلعب بالملايين، ملايين المغرومين ناصب على مين ومين، من أين لك هذا؟ دخلك قلى يا كبير، سرك هيضل ببير (بئر)دمرت قلوب كتير".
وانعقدت حلقات الدبكة فى الكثير من المدن التى شهدت تجمعات مناهضة للحكومة وردد المتظاهرون أغنيات حماسية لكل من فيروز وجوليا وماجدة الرومى وزكى ناصيف ومرسيل خليفة وغيرهم. وقد شارك خليفة المتظاهرين الذين تجمعوا بالآلاف فى مدينة طرابلس بشمال لبنان.
وبمشاركة من فريق كورال الفيحاء اعتلى خليفة منصة تشرف على تجمع كبير فى ساحة النور والتى غالبا ما كان يتظاهر فيها إسلاميو المدينة ليغنى لهم بعضا من أغانيه الوطنية.
وفى مفارقة لافتة من فنان يسارى قدم خليفة للمتظاهرين بصوته أغنيات (انى اخترتك يا وطني) و(يا بحرية) وسط حماسة الجمهور الذى لم يحمل سوى الإعلام اللبنانية دون سائر الأحزاب والتيارات.
وانتشر فنانون لبنانيون على امتداد المحافظات من طرابلس شمالا إلى صور جنوبا فوسط العاصمة بيروت مشاركين بالتظاهر وحاملين مطالب الناس.
وفى وسط بيروت امتشق الفنان جاد خليفة شاحنة صغيرة عليها مكبرات للصوت وبدأ بتأدية الأغانى الوطنية ومنها لوديع الصافى وعاصى الحلانى وفيروز. وكذلك فعل الفنان سعد رمضان فى نقطة أخرى من الاحتجاجات.
كما تحلق الممثل بديع أبو شقرا حول مجموعة من الفنانين فى وسط بيروت وانشدوا معا أغنية قديمة للفنان المصرى الراحل الشيخ إمام وتقول كلماتها (شيّد قصورك ع المزارع ... من كدنا وعمل ادينا /والخمارات جنب المصانع / والسجن مطرح الجنينة).
وقال أبو شقرا متوجها إلى رئيس الحكومة سعد الحريرى الذى أعطى لنفسه مهلة 72 ساعة لاتخاذ قراره "شد حالك، انت رجال ورئيس حكومة، قوم خود قرار مصيري".
وعلقت الممثلة كارمن لبس على المهلة بالتساؤل "قبل 72 ساعة شو كان في؟ ما كان ممكن يتزبط الوضع اقتصاديا؟ ثلاثة أرباع الزعماء مهربين مصرياتهن (أموالهم) على سويسرا، يجيبوا جزء منها".
وقالت الممثلة أنجو ريحان إنها جاءت إلى التظاهر للمطالبة بحقوق بديهية وعادية ومن أبسط مقومات العيش. وأضافت "جئت للمطالبة بمياه نضيفة، هواء نضيف، بدى ما موت بالكانسر (السرطان) بدى مستشفيات متل الخلق، مدارس وطرقات، والأهم بدى كل الحكومة الفاسدة ترجع المصريات المنهوبة للدولة".
وأصطحب الفنان رامى عياش زوجته داليدا إلى ساحة رياض الصلح وسط بيروت وهى ترتدى زيا هو عبارة عن العلم اللبنانى وقال عياش "زوجتى خايفة على مستقبل ولادنا، نحن اليوم وراء الناس وليس قدامهم ومصداقيتهم ممكن أن تكون أصدق من مصداقيتنا، هذا وجعهم، قررنا أن نكون مع الناس إلى جانبهم من جانبهم لأن مصداقية الفنان ممكن تكون كذابة، وديع الصافى وصباح ماتوا فقراء والفنان ممكن يجوع إذا ما انتبه لأولاده".
وكان الفنان راغب علامة من أوائل المشاركين فى التظاهر قبل يومين معلنا خلال مسيرة فى وسط بيروت أن مطالب الناس تشكل همه الدائم ويعكسها فى اغنياته وقال "أنا كنت من أول الذين خافوا على الوطن عندما غنيت طار البلد". ونشط لاعب اسطوانات (دى جي) لتقديم الأغنيات الحماسية فى ساحة الشهداء ببيروت فيما تحلق البعض حول بعضهم البعض وشبكوا الأيادى لتقديم رقصة الدبكة الفلكلورية.
وقالت رنا الحلبى وهى تلف العلم اللبنانى على كتفيها وترقص مع كل أغنية "ماذا نريد أحسن من هذا، حفلة ببلش وأحسن الفنانين، وهذا الجمهور الضخم، نحن فينا نوصل صوتنا بالفرح أيضا".