حجزت قضية مقتل طالب بمدينة تلا فى المنوفية على يد آخر، والمعروفة إعلامياً باسم "شهيد الشهامة" مساحة كبيرة بمنصات التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية والصحف، خاصة بعد إطلاق عدد ضخم من الهاشتاجات فى هذا الصدد.
كنت أول من أجرى حواراً مع والدة القتيل بمنزلها، قاطعاً نحو 80 كيلو مترا من القاهرة لمدينة تلا، للوقوف على الحقيقة من مصدرها ومنبعها، بعد حوار مطول مع والدة القتيل وأصدقائه وشهود العيان الذين حضروا الجريمة ووثقوها، حتى نكتب الحق، ونقدم ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض.
تابعت القضية عن قرب، منذ وقوعها وحتى كتابة هذه السطور، بعين متخصص فى الشئون الأمنية، على مدار أكثر من عقد من الزمان، وأستطيع التأكيد على مجموعة من النقاط:
1 ـ تعد الجريمة الأسرع فى ضبط المتهمين، حيث لم يمر سويعات على وقوعها، وكان المتهم داخل قسم الشرطة يدلى بأقواله.
2 ـ بذل أعضاء النيابة العامة جهوداً خرافية فى التحقيق، حيث عكفوا على مشاهدة المقاطع المصورة لكاميرات المراقبة المنتشرة بأماكن حدوث الجريمة، واطلعوا على رسائل التهديد والوعيد المرسلة من المتهم إلى المجنى عليه، وتحققوا من جميع ما قدم من مستندات رسمية بالدعوى، بما لا يدع مجالًا للشك فى صحتها، فضلًا عن استجواب المتهمين جميعًا ومواجهتهم بأدلة الإثبات.
3ـ النيابة العامة برئاسة المستشار الجليل حمادة الصاوى نائب عام مصر، حرصت على إنجاز التحقيقات، وإحالة المتهمين فى أيام معدودات، دونما إخلال بما توجبه التحقيقات لكشف الحقيقة ودونما تمييز بين خصوم الدعوى، فهى أشد حرصًا على احترام إجراءات القانون للوصول إلى محاكمة عادلة ينال فيها كل جانٍ جزاءه وفقًا لأحكام القانون.
4 ـ ما تردد عبر السوشيال ميديا من مزاعم عن تزوير أقارب القاتل لأوراق للنزول بسنة لأقل من 18 سنة، هو حديث عبثى، فلا أحد يستطيع التلاعب فى أوراق رسمية، ولم يثبت فى تاريخ مصر تزوير بطاقة رقم قومى واحدة.
5 ـ المتهم تم تقديمه لمحكمة الطفل لأنه أقل من 18 سنة، بحسب الأوراق والمستندات، والقانون ينص على أقصى عقوبة 15 سنة، فيغل يد الجميع، ومن ثم حديث البعض عن الإعدام يؤكد عدم درايتهم بالقانون، الذى نطمح فى تعديله لاحقاً والنزول بسن الحدث لـ 16 سنة.
6 ـ القضاء لا يعرف الهاشتاجات، ولا الوقفات، وإنما يعرف الحق والعدل وتطبيق بنود القانون.
7 ـ تعاملت النيابة العامة مع القضية باحترافية، وأرست قيم العدل، من خلال مناشدتها للمواطنين بالتريث والتعقل واحترام القانون؛ فإن حضارات الدول لا تقوم إلا على احترامه وإعلاء قيم الشرعية الإجرائية، وإن النيابة العامة فى مقام مباشرتها إجراءات الدعوى ممثلة عن المجتمع؛ لن يكفيها أداء لأمانتها إلا المطالبة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين جميعًا، فضلاً عن تأكيدها أنه لا مجال لأى تدخلات من أى طرف كان؛ فالجميع أمام القانون سواء؛ مما يتعين على المواطنين التحقق من الأخبار قبل نشرها وتداولها، والتأكد من أن المساواة جوهر العدل، وأن العدل أساس الملك.
8 ـ كلنا متعاطفون مع أسرة محمود البنا، ونتمنى توقيع أقصى عقوبة على محمد راجح، لكن العقوبات بمواد القانون لا الأمنيات.
9 ـ تجاهل البعض لدور الجهات المعنية وتصدير مشاهد الإحباط على السوشيال ميديا فتنة معلون من أيقظها وتداولها وساهم فى نشرها.
10 ـ ثقوا فى بلدكم ومؤسساتها، وناموا مطمئنين، فلدينا قضاء عادل، ونائب عام محترف، وشرطة معتدلة.