رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية اليوم الثلاثاء أن حق النقض "الفيتو" الذي مارسه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضد بدء محادثات ألبانيا ومقدونيا الشمالية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى فى الأسبوع الماضى يمكن اعتباره خطأ تاريخيا يُضعف أوروبا ويقوض طموحاتها في أن تصبح قوة جيوسياسية.
وقالت الصحيفة –عبر افتتاحيتها التي نشرتها اليوم على موقعها الالكتروني- إن ماكرون تسبب، من خلال قيامه بعمل من أعمال التعصب الكونفوشيوسية الجديدة، فى نسف سياسة توسيع الاتحاد الأوروبى، وحرمانه من إحدى أدوات السياسة الخارجية الأساسية، وتقويض الثقة في تعهداته، إلى جانب زعزعة استقرار منطقة البلقان برمتها. وجاء ذلك كله على لسان قائد يدعي أنه يجسد روح التضامن والتعاون الأوروبية.
وأوضحت الصحيفة: "أن مقدونيا الشمالية وجارتها ألبانيا في غرب البلقان حصلتا على موافقة مؤقتة لبدء محادثات العضوية في يونيو من العام الماضي ولكن مع تأخير لمدة عام، وقبل أربعة أشهر، علق الاتحاد الأوروبي القرار مرة أخرى، ووعد بإلقاء الضوء الأخضر في قمة الأسبوع الماضي التي عُقدت في بروكسل، وذلك قبل أن يأتي الفيتو الفرنسي والرد بـ"لا".
ورفض ماكرون السماح لمقدونيا الشمالية، بالبدء فى محادثات للانضمام للاتحاد الأوروبى، وقاد مجموعة من زعماء التكتل المعارضين لبدء محادثات مع ألبانيا في الشأن نفسه، وذلك على الرغم من مخاوف بشأن توسع النفوذ الصينى والروسى فى منطقة البلقان.
يُشار إلى أن دولتي مقدونيا الشمالية وألبانيا وأربع دول أخرى فى منطقة البلقان هى البوسنة وكوسوفو والجبل الأسود وصربيا تحاول جاهدة الانضمام للاتحاد الأوروبى بعد الحروب العرقية التى نشبت فى التسعينيات وأدت لتفكك يوغوسلافيا.
وتابعت الصحيفة أن "ماكرون قدم سببين لقرار رفضه، الأول هو أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى تعزيز سياساته ومؤسساته الحالية قبل إضافة أعضاء جدد ، والثاني هو أن عملية التوسيع هى نفسها معيبة لأنها تقدم للأعضاء الجدد فوائد كاملة من البداية، دون أي وسيلة لتصحيح السلبيات الراهنة ، وهذه جميعها تعد، مع ذلك، حجج صالحة".
وقالت "إن الاتحاد الأوروبى يحتاج بالفعل إلى تبسيط عملية صنع القرار، وتعزيز منطقة اليورو، وأشياء أخرى كثيرة ، كما يحتاج إلى آليات جديدة لمحاسبة الأعضاء على انتهاك المعايير الديمقراطية وأن يكون الإنضمام بالامتثال الفني هو أقل أهمية من ارسال تغييرات أساسية لثقافة التعددية والمساءلة وسيادة القانون. ولكن لا يوجد سبب لعدم معالجة هذه الأمور بمجرد أن يبدأ الاتحاد الأوروبي مفاوضات الانضمام الرسمية مع مقدونيا الشمالية وألبانيا، وهي عملية قد تستغرق عقدا من الزمان".
وأخيرا، أردفت "فاينانشيال تايمز" قائلة "إن هناك أيضا مخاوف عميقة بشأن معدلات الجريمة المنظمة والفساد وحكم القانون، خاصة في ألبانيا، التي أصبحت مافيا بارزة ومنتشرة فى بعض دول الاتحاد الأوروبي، كما انضمت الدنمارك وهولندا إلى فرنسا في رفضها لمساعي تيرانا وسكوبي".