رغم تحذيرات الأرصاد الجوية، وتنبيهات وسائل الإعلام المختلفة قبل ثلاثة أيام من موجة الطقس السيئ التى تضرب البلاد الآن، وحالة عدم الاستقرار فى الأحوال الجوية والأمطار الغزيرة، فإن العديد من المسئولين فى الأحياء والمدن والمحافظات كانوا خارج الزمن، ولم يشعروا بالأزمة إلا بعد وقوعها، فاكتشفوا فجأة أن حجم الأمطار يفوق قدرة البلاعات ومحطات الصرف، وأن سيارات الشفط محدودة وغير قادرة على التعامل مع كميات الأمطار الكبيرة التى تساقطت على مناطق مختلفة فى القاهرة والمحافظات.
مشاهد الفيديوهات التى نقلتها وسائل الإعلام بالأمس لمحافظ القاهرة ونوابه ومعاونيه ورؤساء الأحياء، أثناء محاولات إصلاح البالوعات كشفت أن الاستعداد وغرف العمليات وأساليب المواجهة لم تكن على الدرجة المثالية، وكأن الجميع فوجئوا بما حدث، فقد ظهر اللواء خالد عبد العال، وهو يرتدى "بدلة وكرافتة" وحذاء كلاسيك ويخوض فى الماء، دون أن يستعد بأى ملابس تناسب الموقف، أو حذاء رياضى يساعده على المشى وسط الكميات الكبيرة من المياه، التى ارتفع منسوبها بصورة كبيرة فى بعض المناطق، خاصة الأنفاق والمناطق المنخفضة.
قبل شهر تقريبا أكد الجميع فى صوت واحد بمختلف المحافظات وعلى رأسهم وزارة التنمية المحلية، أن البلاعات والشنايش ومخرات السيول ومحطات الصرف تعمل بكامل كفاءتها و"كله تمام"، ومستعدون لمواجهة الأمطار والسيول، وعلى أهبة الاستعداد، وتنسيق كامل وعبارات رنانة ومتنوعة تتحدث كلها عن فكرة واحدة مفادها القدرة على المواجهة والاستعداد الدائم، إلا أن الحقيقة على الأرض مختلفة تماما، فالمواجهة كانت بالبدلة والكرافتة!!
الأمطار فى حد ذاتها ليست أزمة أو مشكلة، بل يمكن استغلالها والاستفادة منها بصورة عملية خلال الوقت الراهن، وحصادها بطريقة علمية، كما يحدث فى عدد من المحافظات الحدودية شرقا وغربا، إلا أن المشكلة تتمثل فى عدم دراسة هذا الأمر بالجدية اللازمة، خاصة أن قطرة المياه فى الوقت الراهن أغلى من أى وقت مضى، ويجب المحافظة عليها، وليس كما يحدث باعتبار أن الماء أزمة كبيرة لدرجة أننا لا نستطيع تصريفها والتخلص منها.
أتمنى أن تستفيد المحافظات التى لم تسقط بها أمطار أمس مثل شمال الصعيد، من التجربة التى حدثت فى القاهرة، والقيام بمهامها فى متابعة البلاعات والصرف الصحى، ومخرات السيول، وحالة الطرق، حتى لا يتحول الأمر إلى أزمة جديدة، ولعلنا نتذكر ما حدث فى الإسكندرية عام 2015، نتيجة تعطل شبكة الصرف، وقد أقيل على أثرها المحافظ هانى المسيرى فى ذلك التوقيت، بعدما فشلت أجهزة المحافظة فى التعامل مع الأزمة، لذلك علينا أن نستعد جيدا ونتوقع الأزمة حتى نستطيع التعامل معها.