أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن دول الاتحاد الأفريقى تسعى للبناء على ما شهدته القارة من نمو اقتصادى ملموس خلال السنوات العشر الأخيرة، خاصةً من خلال المضى قدماً لتحقيق التكامل عن طريق استكمال كافة المشروعات القارية التى تهدف إلى الاندماج الإقليمى، كما تضطلع الدول الأفريقية بجهد كبير لوضع أطر لحوكمة الشركات والأسواق المالية بما يزيد من استقرار أسواقها وجاذبيتها للمستثمرين الخارجيين.
وأضاف الرئيس السيسى، فى الكلمة الافتتاحية له فى بأعمال القمة الأفريقية الروسية أننا نجتمع اليوم فى أول قمة تضم دول قارتنا الأفريقية وروسيا الاتحادية تحت شعار "من أجل السلم والأمن والتنمية"، بعد انقضاء قرابة 3 شهور على القمة الاستثنائية للاتحاد الأفريقى التى استضافتها نيامى فى 7 يوليو 2019 والتى شهدت إطلاق الأدوات التنفيذية لاتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية بعد دخول الاتفاقية حيز النفاذ. وتعد هذه الاتفاقية أحد أهم ركائز الأجندة التنموية للاتحاد الأفريقى 2063، حيث تسعى إلى تعزيز جهود الاندماج الإقليمى وزيادة تنافسية القارة الأفريقية على المستوى العالمى، وتحفيز وجذب الاستثمارات الأجنبية فى القطاعات ذات الأولوية للدول الأفريقية وعلى رأسها الصناعة والطاقة والزراعة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.
وكان الرئيس أعرب فى بداية كلمته عن الامتنان والتقدير للرئيس فلاديمير بوتين، ولشعب روسيا الاتحادية الصديق، ولمدينة سوتشى الرائعة على حفاوة الضيافة وحسن التنظيم الذى لمسته كافة الوفود الأفريقية منذ وصولها إلى روسيا. كما توجه بالشكر إلى كافة الجهات المنظمة على الإعداد المتميز وما بُذل من جهد لإطلاق النسخة الأولى من قمة أفريقيا-روسيا التى ندشن أعمالها اليوم.
وقال السيسى:"إنه لمن دواعى سرورى أن أتحدث اليوم فى هذا المحفل الهام وأمام هذا الجمع المتميز من على أرض روسيا الاتحادية، أحد أهم الفاعلين على الساحة الدولية، وأحد أهم أصدقاء قارتنا الأفريقية. لقد قطع التعاون الأفريقى الروسى أشواطاً طويلة منذ منتصف القرن الماضى الذى شهد تضامن روسيا مع الدول الأفريقية فى كفاحها ضد الاستعمار، وإسهامها مادياً ولوجستياً ومعنوياً دعماً لحركات التحرر الأفريقى على امتداد القارة. ولقد ثبت على مدار السنوات أن الشعوب الأفريقية والشعب الروسى يربطهما الكثير من ركائز التعاون ويتماثلان فى العديد من التطلعات، وكذلك التحديات، وهو الأمر الذى يؤكد صواب رؤية إطلاق تعاون أفريقى روسى أوسع وأرحب وأشمل يعكس تلك التطلعات، ويوفر مساحة أكبر للتنسيق ارتباطاً بالتحديات المتسارعة التى نواجهها فى إطار عالم ديناميكى ومتغيرة".
وأشار الرئيس إلى أننا نعى التحديات التى تواجه جهود ترسيخ الاستقرار فى القارة الأفريقية، ولعل خطتنا الطموحة لإسكات البنادق بحلول عام 2020 تعد أحد أهم الخطوات لتحقيق هذا الهدف الأسمى، وهو الموضوع الذى سيكون على رأس أولويات عمل القادة الأفارقة خلال العام القادم فى ضوء أهميته لتحقيق تطلعات الشعوب الأفريقية فى العيش فى سلام ورخاء.
وقال الرئيس إنه فى هذا الإطار تبرز الحاجة الماسة لدعم سياسة الاتحاد الأفريقى الإطارية لإعادة الإعمار والتنمية لمرحلة ما بعد النزاعات ودعم أنشطة مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية لمرحلة ما بعد النزاعات الذى تستضيفه مصر، وخطط العمل التنفيذية التى تُحصن الدول الخارجة من النزاعات ضد أخطار الانتكاس، وتسعد على بناء قُدرات مؤسسات الدولة لتضطلع بمهامها فى حماية أوطانها ترسيخاً للاستقرار والسلام.
ومن هذا المنطلق، أكد الرئيس السيسى الالتزام بالتفاعل مع الأطراف الإقليمية والدولية فى ضوء إدراكنا لأهمية تعزيز التنسيق والمواءمة بين آليات السلم والأمن القارية والإقليمية والدولية فى إطار يرتكز على مبادئ احترام القانون الدولى والمساواة فى السيادة وعدم التدخل فى الشأن الداخلى للدول وحل النزاعات بالطرق السلمية، وإعلاء قيم العمل متعدد الأطراف".
يتعين علينا أن نتذكر جميعاً أن مواجهة الإرهاب تعد أولوية متقدمة لأجندة السلم والأمن الأفريقية والدولية، ومع إدراكنا لصعوبة تلك المعركة وتعقيداتها، تظل المواجهة الشاملة هى الطريق الأمثل لاجتثاث جذور الإرهاب ومحاصرته.
وقال إن القارة الأفريقية منفتحة للتعاون مع مختلف الشركاء، وإننا نأمل من خلال قمتنا أن نرسى قواعد التعاون الأفريقى الروسى للسنوات المقبلة مع تأكيدنا أهمية توسيع وفتح آفاق هذه العلاقة لتشمل الجوانب التجارية والصناعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتى يجب أن تأتى إعمالاً لمبدأى الشراكة العادلة بين الدول الأفريقية وروسيا فى إطار يضمن المكسب للجميع، وملكية الدول الأفريقية لمقدراتها.
واتصالاً بتركيز القمة الحالية على موضوع "السلم والأمن والتنمية"، أضاف الرئيس:"لا يفوتنى فى هذه المناسبة أن أشير إلى اعتزام مصر إطلاق النسخة الأولى من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة يومى 11 و12 ديسمبر 2019، ليكون منصة إقليمية وقارية يجتمع فيها قادة السياسة والفكر والرأى وصناع السلام وشركاء التنمية فى مدينة أسوان جوهرة النيل، والتى تعبر بحق عن الهوية الأفريقية لمصر".
وقال الرئيس إننا سنعمل على أن يوفر المنتدى منصة دائمة للحوار والتفاعل بين القادة وصانعى القرار والخبراء من كافة دول القارة الأفريقية وخارجها، تُعنى بالعلاقة بين السلام من ناحية والتنمية المستدامة من الناحية الأخرى، من أجل وضع الآليات ذات الصلة القائمة بالفعل موضع التنفيذ وتفعيلها فى السياق الأفريقي.
ووجه الرئيس السيسى الدعوة للرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية وأشقائه رؤساء الدول الأفريقية للمشاركة فى أعماله وللإسهام فى مناقشاته بهدف إثراء التفاعل حول موضوعاته الرئيسية.
وفى الختام، أكد الرئيس السيسى تطلعه لخروج القمة اليوم بخلاصات تصب فى مصلحة الشعوب الأفريقية وشعب روسيا الصديق، وأن تمهد مخرجاتها للمزيد من التعاون الروسى الأفريقى فى المستقبل.
السيسى بقمة أفريقيا- روسيا (5)