خسر الاثنان، محمد على وBBC.. هذه كانت المحصلة النهائية لحوار أمتد لـ26 دقيقة بثته هيئة الإذاعة البريطانية عصر أمس الأربعاء مع المقاول الهارب محمد على، وهو الحوار الذى حاولت القناة البريطانية أن تروج له قبل أن تذيعه بأيام، علها تبحث عن مشاهد تائه ليضيع دقائق من وقته وهو يتابع إحدى حلقات الجدل الإعلامى الذى تتبناه BBC هذه الأيام.
مذيعة "الأنا" متأففة لإجباره على محاورة كاذب
فى برنامج "بلا قيود" الذى تقدمه المصرية "رشا قنديل"، ظهر المقاول الهارب مرتبكاً، وجلس أمام المذيعة التى يحفل تاريخها فى القناة البريطانية بالحوارات المثيرة للجدل حول أهدافها ومساعيها أيضاً، لكن هذه المرة ظهرت فى حالة بدت عليها غريبة، فالتأفف كان واضحاً على وجهها، وكأنها "أجبرت" على إجراء هذا الحوار، الذى تعتبره غير مناسب لها، وهى المذيعة المعروف عنها وسط العاملين فى القناة بـ"الأنا"، فكيف يصل بها الحال إلى محاورة هذا الشخص "الكاذب وعديم الثقافة والعلم والمعرفة"!.
"أنقلب السحر على الساحر".. فقد أرادت BBC من هذا الحوار إعادة تسويق المقاول الهارب، بعد سقوطه المذرى الأيام الماضية، لدرجة أنه بات أضحوكة لمن يتابعونه، لكن مع الدقيقة الأولى للحوار، لم يخلف "الإضحوكة" ظن المتابعين به، فإعادة التسويق التى أرادها القائمين على القناة البريطانية انقلبت عليهم، وأزالت ما تبقى من غطاء كان يتدثر به المقاول الهارب، فتأفف "رشا قنديل" من الحوار وضيفها جعلها بقصد أو بدون قصد، تضع المقاول الهارب فى خانة لم يستطع أن يخرج منها الا منهزماً كعادته، إما بالكذب أو بالمراوغة أو حتى بالتهكم على المذيعة.
توقيت اتصاله بأيمن نور فضح ارتباك وكذب المقاول الهارب
كذب المقاول الهارب تأكد حينما سألته رشا قنديل عن اتصاله بالمعارضة، فقد نسى محمد على أنه فى فيديوهاته السابقة وأيضاً فى حواره الأخير مع موقع "ميدل أيست" قال أنه لم يتعرف على المعارضة الا منذ أيام وبعد انتشار فيديوهاته، لكنه اليوم وفى حوارع مع BBC قال نصاً "جميع قوى المعارضة بتحبنى جدا وانا باحبها جدا وكلها اتفقت معايا، وبدأ اتصالى بقوى المعارضة بعد اسبوع من الفيديو الأول"، وحينما سألته عن علاقته بأيمن نور قال "أيمن نور رجل محترم جدا، وأول ما أخدوا منى الصفحة وصلتنى رسالة على الواتس أب، وقالى "محمد على ماتخفش انا ممكن أعملك صفحة"، وكلمنى واحد من طرفه واتفقت معاه على أن انشر الفيديو عنده، وجربتهم وبعد أسبوع قالى فيه ناس من قوى المعارضة عاوزة تقابلك منهم أيمن نور، وكلمتهم كلهم، وبدأ يأتى لى الدعم منهم وظهورى على قنواتهم".
أذن نحن أمام روايتان لواقعة واحدة، والراوى لهما شخص واحد وهو المقاول الهارب محمد على، فقبل أيام قال أنه لم يلتقى بالمعارضة وتحديداً أيمن نور الا منذ أيام، وها هو اليوم يقول أن تواصله معهم بدأ منذ الأسبوع الأول لظهوره فى الفيديوهات، أى منذ شهرين تقريباً!.
نصدق مين؟!.. الجيش حلو بس فيه فساد بس.. أنا كسبت منه بس مش باحبه.. بس ادنى فلوسى
الارتباك كان واضحاً أيضاً حينما تحدث عما أسماه بمنظومة الفساد بالقوات المسلحة، وحينما قالت له المذيعة أنه كان شريكاً فى هذه المنظومة قال "مضبوط وكان ممكن أكمل قد كده عشر مليارات، وده اللى هايجننى"، ثم بعدها بدقيقتين تقريباً عاد وقال أن له أصدقاء كثيرين فى القوات المسلحة، وأنه كان يحصل على كل أمواله عن المشروعات التى يقوم بتنفيذها للجيش وقال نصاً : فى الجيش مفيش حاجة اسمها مش هايدونى فلوسى، كانوا هايدونى فلوسى وزيادة، انا اللى وقفت العملية وقولت لهم عاوز أمثل اتجه للتمثيل ومش عارف اركز لأن الشركة كبرت عليا ودى كانت الخدعة علشان أمشى.. هما كانوا بيحبونى جداً"، ثم عاد وتحدث عن وقائع فساد، وبعدها قال "الحمد لله احنا كسبنا من الجيش".
ما بين الفساد والحصول على كافة أمواله، تاه الخيط من المقاول الهارب، الذى يبدو أن الأمر أختلط عليه، فحينما تحدث صدقاً عن إعطاء القوات المسلحة لكل ذى حق حقه، أدرك مسرعاً أن هذا الحديث لن يفيده، فعاد مرة أخرى إلى "حديث الفساد" الذى يراه مربحاً له، ثم عاد إلى الحديث عن حب الضباط له، ثم يعود إلى الفساد، وهكذا تعددت الروايات، فتأكد كذب الهارب.
فضح نفسه والإخوان.. 4 آلاف فقط خرجوا فى 20 سبتمبر
بدون قصد أو بغباء يعبر عن شخصية المتحدث، فضح أيضاً المقاول الهارب نفسه وكل الداعمين له سواء كانوا أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، وأتحدث هنا تحديداً عن الدعوة المشبوهة من محمد على والتى تم دعمها من إعلام الجماعة الإرهابية للمصريين بالخروج للشوارع فى 20 سبتمبر الماضى، ففى هذا اليوم أدعى الإخوان ومعهم محمد على أيضاً أن الاف وربما ملايين خرجوا إلى الشوارع، كما أدعوا أن الأمن القى القبض على 2000 متظاهر، وكاد البعض أن يصدق هذه الرواية، إلا أن الهارب محمد على فضح نفسه ومن معه حينما قال فى لقاءه على BBC "الشوية اللى يا عينى نزلوا وحبوا يعملوا حاجة تقريباً قبض على نصهم، فمين هاينزل طبعا".
بحسبة بسيطة، ومن واقع أرقام محمد على والإخوان، وأيضاً ما قاله المقاول الهارب لـBBC فإن من نزلوا يوم 20 سبتمبر كانوا 4 الاف شخص فقط فى كل محافظات الجمهورية، لأنه قال أنه تم القبض على نصف من نزلوا إلى الشوارع، ووفقاً لأرقام الإخوان هناك 2000 شخص تم القبض عليهم، لتكون حصيلة من نزلوا 4 الأف فقط!.
حاولت BBC تسويقه فاستهزأ بالمذيعة
الأمر الأخر فى هذا الحوار أن المقاول الهارب لم يفهم كثير من أسئلة "رشا قنديل" فكان يرد عليها مستهزأ منها ومن أسئلتها، وظهر ذلك حينما سألته عن كيف يعتبر نفسه مشروع بطل شعبى فى حين أنه لا تتوافر فيه هذه الصفات، فرد عليها باستهزاء " اه علشان أحب وطنى لازم أكون سياسى.. دى وظيفة دى ولا أية، أول مرة أسمع الموضوع ده، يعنى ايه بطل شعبى، هو انا داخل عليهم اقولهم مساء الخير انا بطل شعبى، أفتح على جوجل أدور على مواصفات البطل الشعبى".. وحينها ظهر الضيق على وجه رشا قنديل، التى ضاقت ذرعاً بالحوار مع مدعى لا يملك تأكيداً ولا توثيقاً لأقواله، فبدأت فى توجيه السهام له من خلال أسئلة كشفت جزء من التناقض فى أقوال الهارب محمد على.
المذيعة سألته عن الاتهامات الموجه له بالفساد والتهرب الضريبى، ولأنه لا يملك تكذيب هذه الوقائع المثبتة بالأوراق والمستندات راح يشتت المذيعة والمشاهد أيضاً بالحديث عن خروج زوجته من مصر رغم أنها كانت تتولى منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة "أملاك"، فكيف تم السماح لها بالخروج، وهنا ردت عليه المذيعة بقولها أن خروج زوجته دون أن يعترضها أحد يحسب للحكومة المصرية وليس عليها، لأنه لم ينكل بها أحد.
المحصلة النهائية لهذا الحوار أن BBC أرادت له أن يكون بلا قيود ومعيداً لتسويق "ظاهرة صوتية" ماتت قبل أن تولد، فتحول بغباء من الضيف، وتأفف المذيعة إلى حلقة جديدة ضمن سلسلة حلقات الغباء الإعلامى الذى تمارسه BBC ضد مصر، ويؤكد أن موقفها لم ولن يتغير، وأنها ستظل دوماً فى خانة "الأعداء".