بين فترة وأخرى تطل علينا الوكالة المصرية لمكافحة المنشطات أو الوكالة الدولية بخبر "صادم" عن إيقاف لاعب أو مجموعة من اللاعبين، لثبوت إيجابية العينة الخاصة بهم، ما يهدد مسيرتهم الرياضة، فكم من لاعب تم حرمانه من المشاركة فى بطولات مهمة دولية وأولمبية وأفريقية بسبب المنشطات التى أصبحت خطراً يهدد الرياضة المصرية .
انتشرت المنشطات بصورة كبيرة حتى أصبحت وباءً يطارد الرياضيين، فهناك من تم إيقافه لتناوله ساندوتش كبدة أو برجر أو تناول "صينية بسبوسة" أو من تناول عصير، حيث تحتوى هذه المأكولات على بعض المواد الحافظة التى تدخل ضمن المنشطات، فيما يكمن الخطر الأكبر بالمكملات الغذائية التى أصبحت لا غنى بالنسبة لعدد كبير من اللاعبين والتى تشير أصابع الاتهام إليها فى كما حدث فى واقعة الإيقاف الأخيرة.
ومن أشهر اللاعبين الذين تم إيقافهم بسبب المنشطات كل من إيهاب عبد الرحمن لاعب منتخب العاب القوى، وسارة سمير بطلة رفع الأثقال، وإسلام الشهابى بمنتخب الجودو، ورضوى عرفة من الكاراتيه وغيرهم الكثير.
ولأن الصمت أمام العدو يجعله يتقدم بقوة كان لابد من التواصل مع أفراد المنظومة الرياضية والطبية، سواء لاعبين أو مدربين أو رؤساء اتحادات وأطباء، بالإضافة إلى الوكالة المصرية لمكافحة المنشطات، وهو ما نرصده فى التقرير التالى:
ضعف الثقافة أحد أسباب "كارثة المنشطات"
كشف حسن كمال، رئيس اللجنة الطبية باللجنة الأولمبية، أن اللاعبين فى مختلف المنتخبات يلجأون لتناول المنشطات نتيجة ضعف الثقافة وعدم الفهم بخطورة هذه المنشطات، فهناك اتحادات رؤساؤها لا يدركون الفرق بين الطبيب وأخصائى العلاج الطبيعى والمدلك، كما أن العدد الأكبر من الاتحادات الرياضية ليس لديها طبيب مسئول عن الأدوية، فمصر دولة ليست "موبوءة بالمنشطات"، موضحاً أن هناك أسباباً أخرى، منها الموروثات بأن كل الدول تتناول المنشطات، وهذا غير صحيح، فالمكملات الغذائية أو المنشطات ليست فرضا أو ضرورة على اللاعبين.
حسن كمال 1
وحول أسباب انتشار المنشطات فى الفترة الأخيرة، قال رئيس اللجنة الطبية، إن هناك لاعبين يحتاجون مكملات بسبب تغيير أوزانهم فى المنافسات، فيجعلهم مضطرين لإجراء عملية تخسيس، وبذلك يحتاجون لتناول المكملات لتعويض فقدان الوزن، مشددا على أنه "ليس كل مكمل غذائى شرير"، فالكالسيوم مكمل غذائى وفيتامين سى ودى مكمل غذائى وهى ليست منشطات.
وأكد كمال أن علاج انتشار هذا الخطر لن يكون أمرا مستحدثا، فالأولمبية كثيراً ما تُطالب الاتحادات بحضور الندوات والمؤتمرات الخاصة بالمنشطات والتوعية بها، ولكن لا يحضرها إلا القليل، لذا سيتم إرسال الدعوات بصفة إلزامية وليست ودية، مشددا على كل اتحاد يجب أن يكون به طبيب يتم تدريبه وإخطاره بالمكملات التى تحتوى على منشطات والمواد المحظورة أيضاً، فمنذ أن توليت مهمة طبيب اتحاد التايكوندو لم تظهر أى حالة واحدة إيجابية وذلك منذ 2005.
زيادة التوعية وعدم المنع المطلق
من جهته شدد محمد إيهاب، البطل الأوليمبى فى رفع الأثقال وصاحب برونزية أولمبياد ريو دى جانيرو الأخيرة بالبرازيل، على أن أزمة المنشطات مسئولية اللاعب والمدرب حال علمه بأنها تحتوى على مواد محظورة .
وقال إيهاب، إن الاتحاد مسئول عن حماية اللاعبين من الوقوع فى أى أخطاء، ومعه اللجنة المصرية لمكافحة المنشطات بدورها فى مراقبة الاتحادات.
وأشار إيهاب إلى أنه فى حالة العينات الإيجابية لرفع الأثقال الحالية التى ظهرت فى دورة الألعاب الأفريقية بالمغرب فإن التحقيقات ستظهر المخطئ، ويجب معاقبته، سواء اللاعب أو المدرب أو غيرهما، مؤكداً أن هذه مسئولية بلد ويجب الفصل فى الأزمة سريعاً، موضحاً أنه لم يحصل على أى عقار مطلقاً ولم يتم مطالبته بالحصول على أى مكملات، مشيراً إلى أنه لا يوجد مدرب يمكنه إجبار لاعب على تناول أى مكملات غذائية.
الجهل والغباء الرياضى فى "قفص الاتهام"
ولأن الشهر الماضى شهد إيقاف إسلام الشهابى لاعب منتخب الجودو، تم التواصل مع مطيع فخر الدين رئيس الاتحاد لاستطلاع رأيه فى الأزمة.
وأكد رئيس اتحاد الجودو أن اللاعبين يلجأون للمنشطات كنوع من الجهل والغباء الرياضى فى المقام الأول، ويرجع إلى المدرب الذى يوجه اللاعبين بضرورة تناول المكملات، موضحا أن اللاعب متسرع ويرى أن السبيل الوحيد ليصبح بطلاً هو المكملات والفيتامينات لذا يقع فى المحظور، مشددا على أن كثرة المنشطات فى الفترة الأخيرة ترجع لجهل المدربين والانفتاح على العالم واستيراد المنشطات من بعض الدول الخارجية بأسعار رخيصة ما يُسهّل الحصول عليها .
وكشف مطيع فخر الدين أنه يجب على الاتحادات تنظيم دورات تثقيفية للاعبين والمدربين، وشرح مدى خطورتها على صحتهم، فبالنسبة للجودو لدينا خبير وهو مجدى الصباغ له دور فى تثقيف اللاعبين وتحذيرهم من تناول المنشطات و بعض الأدوية التى قد تدخلهم فى دوامة المنشطات.
مطيع فخر الدين
"منشطات فى ساندوتش كبدة"
وبالانتقال إلى رضوى عرفة لاعبة منتخب الكاراتيه والتى تم إيقافها على خلفية تناول "ساندوتش كبدة" يحتوى على مادة الركتوبمين، فقالت إنها لم تتناول منشطات ولا تعرف أسباب تناولها من جانب اللاعبين، ولكن يجب تجنبها بإجراء كشف طبى شامل فى الاتحادات قبل البطولات بفترة كافية حتى يتم اكتشاف الأمر مبكراً، فعلى سبيل المثال عندما يتم اكتشاف حالة مثل حالتى يتم منع اللاعبين من تناول اللحوم.
رضوى عرفة لاعبةالكاراتيه
إيقاف 6 لاعبين "مؤامرة"
من جهته استنكر محمد موسى الديب، مدرب منتخب رفع الأثقال، الاتهامات التى وجهها له بعض اللاعبين بأنه وراء الأزمة الأخيرة فى رفع الأثقال بمنح اللاعبين مكملات غذائية بها مواد ملوثة تحتوى على منشطات، مؤكدا أنه برىء تماماً من ثبوت 6 حالات إيجابية لأن دوره التدريب فقط .
وقال مدرب منتخب الأثقال، إن تناول اللاعبين مكملات غذائية يمر بمراحل مختلفة تنتهى عنده كمدرب يمنحها للاعبين، ولكن هناك فى البداية لجنة تشرف على شراء هذه المكملات وعرضها على الجهاز الطبى ليكون مسئولا عن محتويات هذه المكملات ومدى إمكانية خطورتها على اللاعبين من عدمه، لذا فهو مسئول مسئولية كاملة عما حدث .
محمد موسى
كما يرى محمد موسى الديب أن ما يحدث للاتحاد المصرى للعبة فى ظل إيقاف الاتحاد من المشاركات الدولية "مؤامرة واضحة" يجب البحث عن أطرافها، وقال الديب فى تصريح لـ"اليوم السابع"، إن توقيت الإعلان عن عينات المنشطات الإيجابية للاعبى مصر يكشف سر المؤامرة، مؤكداً أن إعلان حرمان مصر من المشاركة الدولية جاء قبل انطلاق بطولة العالم بتايلاند بيومين فقط، والإعلان عن الـ6 عينات الإيجابية الجديدة بدورة الألعاب الأفريقية جاء بعد تقديم الاتحاد المصرى استئنافا عن قرار الإيقاف.
وكشف محمد موسى عدم ثبوت أي عينات إيجابية جديدة فى بعثة دورة الألعاب الأفريقية بالمغرب بخلاف الـ 6 عينات التي ثبتت، وقال مدرب الأثقال، إنه تم الكشف على 17 لاعبا من أصل 20 وثبت المنشطات على 6 فقط، موضحا أن الغريب فى الأمر أن اللاعبين جميعهم يتناولون نفس المكملات والمادة التى ظهرت ليست هرمونا ولكنها فقط مادة محظورة، هذه المادة ثبتت أنها توجد فى أدوية البرد والتخسيس، مبديا اندهاشه من ثبوت وجود هذه المادة لدى بعض اللاعبين وليس جميعهم.
وتابع مدرب الأثقال قائلا، هذه المادة مختلفة تماما عن الهرمون الذى ظهر على 7 لاعبين فى بطولة أفريقيا 2016 وأدى إلى إيقاف مصر وحرمانها من المشاركة فى بطولة العالم 2019 بتايلاند.
كيف تطلب مكملا غذائيا سليما؟
أكد أسامة غنيم، المدير التنفيذي للوكالة المصرية لمكافحة المنشطات، أن المكملات الغذائية خطر يهدد اللاعبين، وتم إرسال خطابات على جميع الاتحادات لتحذيرهم من خطر المكملات التى يحتوى العدد الأكبر منها على مواد محظورة ومنشطات، ولكن لا يوجد استجابة من بعضهم، مشيرا إلى أنه حال الحاجة لتناول مكملات غذائية يجب على الاتحادات مخاطبة الوكالة المصرية لمعرفة مدى سلامة هذا المكمل من عدمه لتجنب وتفادى خطر الإيقاف والوقع فى بئر المنشطات .
أسامة غنيم
"وهم" زيادة القوة والطاقة
وفى السياق ذاته، كشفت نرمين رفيق، عضو مجلس إدارة اتحاد المصارعة وعضو المكتب التنفيذي بالاتحاد العربى ولجنة المرأة بالاتحاد الدولى، أن اللاعبين يلجأون للمنشطات لزيادة الطاقة والقوة لديهم ليتحملوا التدريبات خلال فترة الإعداد وحمل الأثقال، بالإضافة إلى مدرات البول التى يتم تناولها للتخسيس .
وعلى مستوى انتشار المنشطات فى مصر قالت نرمين رفيق، هذا يحدث لأن الأفراد يلجأون إليها كطريق سهل لزيادة الطاقة لديهم وهذا اعتقاد خاطئ، فهناك بعض المدربين يلعبون فى تفكير اللاعبين أن يتناولوا المنشطات حتى يزول تأثير المنشط في البول الذى يخرج من الجسم وهذا خطأ لأن التحاليل تكشف أثر المنشط على فترات بعيدة .
وأضافت نرمين رفيق أنه يمكن التغلب على هذا الوباء الذى انتشر بين اللاعبين بالقانون الذى يجب أن يتم تطبيقه على الجميع لمنع الخروج عن النص ، و طالما هناك عدالة ، فلن يلجأ اللاعبون إلى هذه الأساليب .
نرمين رفيق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة