لم تقتصر خسائر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بعد عدوانه الآخير الذى شنه على تركيا، على إدانات المجتمع الدولى لهذا العدوان، بالإضافة إلى تزايد عدد المعارضين لحكمه داخل تركيا، بل تكبدت خسائر اقتصادية بالجملة تكبدتها تركيا منذ بدء العدوان التركى وحتى الآن.
صحيفة "زمان" التابعة للمعارضة التركية، كشفت بالأرقام والإحصائيات حجم الخسائر التى تكبدها النظام التركى منذ بدء العدوان ، سواء فيما يتعلق بالعملة التركية نفسها أو خسائر البورصة أو الاستثمارات.
الصحيفة التركية المعارضة، ذكرت أن الليرة التركية تأثرت بشكل مباشر بالعملية العسكرية التركية فى شمال شرق سوريا منذ أن أعلن الرئيس التركى باقتراب موعد انطلاق تلك العملية فى 5 أكتوبر 2019، لتصبح الأسواء أداءا بين العملات الرئيسية في العالم، وتراجعت من 5.69682 ليرة للدولار فى 5 أكتوبر إلى 5.93624 للدولار فى 14 أكتوبر، أى بواقع 4.2% خلال تلك الفترة، وهو ما دفع إلى قيام عدد من البنوك التركية ببيع نحو مليار دولار لكبح ارتفاع الدولار أمام الليرة يومى 14 و15 أكتوبر، وذلك قبل الارتفاع الضعيف للغاية فى 17 أكتوبر بعد إعلان وقف إطلاق النار لتصل إلى 5.89217 ليرة للدولار، ورغم التحسن الضعيف جدا حتى وصلت إلى 5.7749 دولار فى 25 أكتوبر إلا أنها ظلت متراجعة عن يوم 5 أكتوبر.
وأوضحت صحيفة "زمان"، أن البورصة التركية تكبدت خسائر كبيرة منذ إعلان اقتراب العملية العسكرية فى شمال شرق سوريا لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ 6 سبتمبر نفس العام، وهبط مؤشرها الرئيسى BIST 100 خلال الفترة 7-14 أكتوبر نحو 8.7%؛ نتيجة لضغوط عمليات البيع.
وأشارت الصحيفة التركية المعارضة، إلى أنه في ظل الانتقادات الدولية للعدوان التركي على شمال سوريا والتخوف من وجود تداعيات محتملة تؤثر الاستثمارات فى تركيا، أعلنت شركة فولكس فاجن عملاق صناعة السيارات الألمانية فى 15 أكتوبر 2019، تأجيل قرارها النهائى بشأن بناء مصنع للسيارات في تركيا باستثمارات تقدر بنحو 1.4 مليار دولار، خوفاً من وجود تداعيات تؤثر على سمعة الشركة او تهدد استثماراتها.
وأشارت صحيفة "زمان"، إلى أنه على الرغم من التزام أردوغان بإتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش التركي وقوات قسد والذى تم التوصل إليه بعد جلسة مباحثات عقدها الرئيس التركي مع وفد أمريكي والذى كان شرطاً لعدم فرض عقوبات أمريكية تم التهديد بها من قبل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب التى بدأت بالفعل بإدراج الإدارة الأمريكية وزراء الدفاع والطاقة والداخلية على لائحة العقوبات فى 15 أكتوبر 2019 قبل رفعها فى 24 أكتوبر 2019، إلا أن الاقتصاد التركى مازال مهدداً باحتمالية فرض تلك العقوبات حال نقض الجيش التركى للاتفاق باستئناف أردوغان التوغل العسكري التركي في العمق السوري، بعد اتمام انسحاب قوات قسد من المنطقة الحدودية وكذلك بعد اتمام انسحاب القوات الأمريكية، ما سينعكس على الاقتصاد التركى الذى سيواجه مسارين للتأثير السلبى عليه الأول يتمثل فى زيادة حدة تراجع الأداء الاقتصادى والضغط علي الموارد التركية في حالة استمرار الحرب التي تتكلف ماديا مبالغ طائلة في ظل أزمة اقتصادية مستمرة بتركيا، والمسار الثاني هو تأثر الإقتصاد التركي بفرض العديد من العقبات عليه بشكل مباشر حيث سيتم فرض عقوبات أمريكية وأوروبية نظرا لرفض المجتمع الدولي لاستمرار العملية العسكرية.
ولفتت الصحيفة، إلى تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر بأنقرة تخوفاً من تراجع الاقتصاد التركى واحتمالية فرض عقوبات اقتصادية عليه، وهو الذى يشهد تراجعاً بالأساس؛ حيث انخفض إجمالي رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى أنقرة عام 2018 إلى نحو 134.5 مليار دولار مقارنة بـ 196.5 مليار دولار عام 2017، وذلك بانخفاض قدره 62 مليار دولار، وفقا لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية.
وأكدت صحيفة زمان، زيادة عجز الموازنة التركية، قائلة إنه بلا شك أن العملية العسكرية التركية بسوريا ستطلب زيادة الانفاق العسكرى بناءاً على طول أمد تلك العملية، والذى بلغت نسبته 7.1% من إجمالى الإنفاق الحكومى عام 2018 مرتفعة بما يقرب من نقطة مئوية عن عام 2017، وفقاً لبيانات البنك الدولى، وهو ما سيزيد عجز الموازنة العامة للدولة والذى بلغ نحو 64.8 مليار دولار فى الشهور الثمانية الأولى للعام الحالى.
وأشارت الصحيفة إلى انقطاع الاقتصاد التركى بشكل كبير عن الاقتصاد العالمى وذلك فى حالة فرض العقوبات الاقتصادية التى هدد بها الرئيس الأمريكى والدول الأوروبية، والتى ستعرقل الاقتصاد التركى وتزيد من أزمته الحالية وتعوق محاولات إنعاشه من قبل الحكومة التركية، حيث صرح وزير الخزانة الأمريكى ستيف منوتشين فى 16 أكتوبر أن بلاده مستعدة لتعزيز الضغوط الاقتصادية على أنقرة حال عدم موافقة القوات التركية على وقف هجومها في شمال سوريا بناءاً على توجيه من الرئيس الأمريكى، ومن المقرر أن تشمل تلك العقوبات على فرض عقوبات على مسؤولين أتراك حاليين وسابقين متورطين في العدوان التركي على الحدود الشمالية السورية بما فيهم أردوغان، وقف المحادثات التجارية بين واشنطن وأنقرة والتى تستهدف رفع التجارة بين البلدين من 25 مليار دولار إلى 100 مليار، فرض عقوبات على الأنظمة المالية التركية، التي تسهل عمليات تحويل الأموال إلى الجيش والمؤسسات الدفاعية التركية، وزيادة التعريفة الجمركية المفروضة على صادرات الصلب التركي إلى الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى 50% من قيمة الصادرات.
وأوضحت صحيفة زمان، أن وضع الاقتصاد التركى كان متراجعاً بالأساس قبل انطلاق تلك العملية، حيث لم تستطع تركيا والتى يحتل اقتصادها الترتيب الـ 18 من بين اقتصادات العالم، الحفاظ طويلاً على الأداء والأوضاع الاقتصادية الجيدة التى استطاعت تحقيقها منذ عام 2000 والتى بموجبها استطاعت ان تنتقل إلى دولة فى الشريحة الاعلى للدخل المتوسط منذ أكتوبر 2015، وهى الدول التى يتراوح فيها نصيب الفرد من إجمالى الدخل القومى بالقيمة الحالية للدولار الأمريكى (من 3896 إلى 12055 دولار أمريكى) وفقا لتصنيف البنك الدولى، حيث ارتفع نصيب الفرد بها من الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من الضعف من 200 4 دولار إلى 9445 دولار خلال الفترة (2000-2018)، فقد أدت نقاط الضعف الاقتصادية المتزايدة إلى تقويض الانجازات الاقتصادية التى تحققت حينها، وأصبح الاقتصاد يشهد تراجعاً منذ نهاية عام 2016، ومنذ عام 2018 أصبحت تشهد تركيا حالة من الركود الاقتصادى وبيئة تضخمية وديون متراكمة وتدهور الليرة التركية وتزايد مديونية الشركات بالعملة الأجنبية، إلى جانب تراجع التصنيف الائتمانى ففى أغسطس 2018 خفضت وكالة “موديز” التصنيف الائتماني السيادي لتركيا من (Ba2) إلى (Ba3)، وفى 15 يوليو 2019 خفضته مرة آخرى إلى (B1) والإبقاء على نظرة مستقبلية سلبية، مما يعنى ارتفاع مخاطر عجز الحكومة التركية عن سداد ديونها واحتمالية خفض هذا التصنيف مرة آخرى وارتفاع تكلفة الدين الخارجى، كما يعكس تزايد المخاطر الاقتصادية والسياسية التي تواجهها تركيا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة