خلال ساعات تحولت أخبار المطر إلى تقارير عن أعاصير، وتحول الحديث عن التغير المناخى إلى حملات وصور وفيديوهات عن هجوم فضائى، كل هذا وأكثر تعبير عن واقع يحيل الأخبار العادية إلى كوارث، ولا ينجو من هذا الهجوم أحد.
وكل هذا تأكيد لعصر يختلط فيه الواقع بالخيال بالوهم. نقول هذا وأمامنا أمثلة يومية عن عمليات التضخيم والنفخ وآخرها حالة الطقس الأخيرة، حيث تحولت فيها الأمطار إلى أعاصير.
ومثلما وجهنا انتقادات إلى بعض الأجهزة المحلية، فى التعامل مع أمطار يوم الاثنين، علينا الاعتراف بالتحرك العاجل للحكومة والأجهزة المحلية فى التعامل مع الأمطار والطقس السيئ من مساء الخميس حتى الآن.
فقد اتخذت المحافظات استعدادها لمواجهة الأمطار المتوقعة، سواء فى القاهرة أو المحافظات المختلفة، الإسكندرية والبحيرة وكفر الشيخ والغربية، حيث جاءت الأمطار فيها بكثافة، حسب توقعات هيئة الأرصاد الجوية.
وهنا مناسبة أيضا لتقدير دور هيئة الأرصاد، التى جاءت توقعاتها للطقس دقيقة إلى حد كبير،سواء فى توقعاتها لحجم وشكل الأمطار يوم الاثنين، أو الجمعة والسبت، وحتى عندما نشر موقع قناة الحرة الأمريكية نقلا عن صحيفة واشنطن بوست تقارير منسوبة لوكالة ناسا الأمريكية عن إعصار أو «شبه إعصار» مدارى نادر يمر بمصر من الشمال، وينتقل إلى الأردن وفلسطين المحتلة، يضرب الحد الشرقى للبحر المتوسط، تصاحبه عاصفة وأمطار غزيرة، وهو تقرير سبب رعبا، وسارعت هيئة الأرصاد بتكذيب هذه التقارير، كاشفة عن تلاعب فى نشر هذه التقارير بهدف إثارة الفزع، خاصة أن هذه التقارير رافقتها صور وفيديوهات زعم ناشروها أنها حديثة، ومن الإسكندرية والسواحل الشمالية.
واتضح أنها فيديوهات قديمة وأغلبها لقطات من أعاصير وأحداث من الولايات المتحدة أو دول أخرى.
واللافت للنظر أن صحفيين وإعلاميين تبادلوا «تشيير» هذه الفيديوهات، كالعادة من دون تحقق، بل إنهم بنوا عليها تنظيرات وتحليلات لاعلاقة لها بالواقع. الأمر الذى كشف عن سوء نية وتعمد لنشر الرعب.
وهناك فرق بين انتقاد الإهمال لدى بعض الجهات المحلية، وبين تحويل الأمر إلى حالة من نشر الخوف، والمبالغة فى نشر أخبار مفبركة كاذبة عن انهيارات أو أحداث مرعبة لا تمت بصلة إلى الواقع.
هناك اختلاف بين الإشارة لتغيرات مناخية عالمية وقارية تنتج تأثيرات فى الطقس وترفع من حجم الأمطار، وبين استغلال هذا فى مبالغات وتقارير غير صحيحة.
وهنا نكرر الإشارة إلى دقة تقارير الأرصاد الجوية، التى سارعت بتوضيح الصورة، ونفى التقارير المنسوبة لناسا عن إعصار أو شبه إعصار، والتى تم استغلالها بسوء نية من منصات ولجان إلكترونية، ووقع تحت تأثيرها مستخدمو السوشيال ميديا وأعادوا نشرها من خلف شاشاتهم ومن غرفهم التى لم يغادروها.
الحديث عن التحولات المناخية فى العالم والتى تغير من طبيعة الطقس، بهدف دراسة ذلك والاستعداد له شىء، والمبالغة والفبركة بهدف إثارة الفزع شىء آخر.
هناك بالفعل تحذيرات من علماء المناخ والبيئة بأن ارتفاع درجات الحرارة والانبعاثات الكربونية تسبب اختلالات فى ثوابت الطقس بالعالم، حيث تذوب جبال الجليد فى القطبين الشمالى والجنوبى، بما يرفع مناسيب المياه فى البحار والمحيطات.
وكل هذا ينتج تحولات نراها فى العالم، وفى شكل وحجم ومواقيت الأمطار خلال الأعوام الأخيرة، وهو أمر لا يتعلق بمصر وحدها، لكنه يمتد للعالم كله.
ويستدعى هذا أهمية اللجوء لآراء العلماء فيما يتعلق بالتعامل معها، وأيضا بحث إمكانية الاستفادة من كميات مياه توفرها الأمطار، والسيول فى بعض مناطق سيناء والصعيد، وهى مياه تذهب للبحر ، ولا يتم الاستفادة منها، باستثناء مشروعات وخزانات لتخزين هذه المياه فى سيناء والبحر والأحمر والسواحل الشمالية، ويمكن تحقيق استفادة إضافية من هذه المياه.
كل هذا لا يجب أن يجعلنا نقع فى فخ استقبال وبث معلومات مفبركة، أو تقارير مزيفة، حتى لو كانت منسوبة لناسا أو غيرها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة