هل فكرت كم يستهلك "السيفون" من الماء يوميا؟! هل حسبت معدل المهدر فى ظل انخفاض نصيب الفرد من المياه، والزيادة السكانية التى تؤثر على هذه النسبة بصورة مستمرة؟! هل فكرت فى حلول عملية لتقليل الهدر فى المياه داخل المنزل أو العمل أو فى الأماكن العامة؟! هل سمعت شيئا عن حملات ترشيد المياه التى تبنتها الدولة منذ سنوات طويلة ومازال السلوك الاستهلاكى ناحية المياه كما هو دون تغيير، بل قد يكون الإسراف فى تزايد مستمر؟!
كل الأسئلة السابقة تحتاج إلى إجابات، ولكن دعنى أخبرك أولا أن السيفون الموجود داخل حمامك يستهلك 10 لترات مياه نظيفة صالحة للشرب فى المرة الواحدة، وللأسف يأخذ من نفس دورة المياه التى تشرب منها، وتمر بمراحل معالجة، ويتم تطهيرها بالشبة والكلور وفق النسب المسموحة حتى تصل إليك نظيفة آمنة.. وبحسبة بسيطة يمكن أن نعرف حجم الاستهلاك الخاص بالسيفون لو افترضنا أن المواطن لو دخل الحمام 4 مرات يوميا بواقع مرة واحدة كل 6 ساعات سيكون الاستهلاك حوالى 40 لترا يوميا، وبنفس الحسبة، حال ضرب الرقم فى 100 مليون مواطن تقريبا عدد سكان مصر، سيكون الرقم النهائى 4 مليارات لتر من الماء يتم استهلاكهم يوميا، ولا يتم الاستفادة منها أو معالجتها مرة أخرى، إلا ما ندر وفى محاولات محدودة ببعض المناطق.
قد تعتبر أن الأمر بسيط ومن باب الدعابة، إلا أنه ليس كذلك فنحن نحتاج إلى وقفة، فلو نجحت شركة "أدوات صحية" من تلك التى تنتشر بالسوق فى الوقت الراهن فى إنتاج سيفون بمواصفات خاصة، بحيث يستوعب 5 لترات فقط بدلا من 10، وتكون فيه ماكينة الضخ أكثر قدرة وكفاءة، بحيث تؤدى نفس الغرض، سنوفر نصف الرقم - 2 مليار لتر مياه - صالحة للشرب يوميا يمكن توجيهها إلى مناطق محرومة أو مجتمعات عمرانية جديدة، إلا أننا مازلنا حتى الآن لا ننظر لنقص المياه على أنه مشكلة، ونتصور دائما أن "حنفية المطبخ " ستصلها المياه كلما فتحناها، وهذا وضع صحيح الآن، إلا أن الأجيال القادمة فى 2050 عندما يقترب عدد سكان مصر من 200 مليون سيكون الأمر لديهم مختلفا وسنلجأ للترشيد والاقتصاد ربما الحرمان رغما عنا.
يجب أن نفكر خارج الصندوق فى قضية توفير وترشيد الموارد المائية بصورة تكفل للأجيال القادمة حقوقها فى الحياة، و"السيفون" مجرد مثال صغير على هدر المياه اليومى الذى نعيشه، فلم أتحدث عن كيفية إهدار الماء فى غسيل الأسنان أو حلاقة الذقن أو استخدام الدش والبانيو، فهناك مليارات اللترات من المياه تذهب يوميا دون فائدة، يجب أن نوفر لها حلولا عملية فى الوقت الراهن، بالإضافة إلى تسويق ثقافة الترشيد للمدارس والجامعات، بحيث نجعلها جزء من حياة الشباب، حتى نتمكن من إنجاح تلك الفكرة، التى تعتمد بالأساس على الوعى المجتمعى بدعم ومساندة من الحكومة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة