نشر موقع "العربية.نت" تقريرا عن الجنرال كلود فرانسوا دي ماليت (Claude François de Malet) الذى أفلت من مصحة نفسية وكاد أن يتسبب في عزل نابليون بونابرت بعد قيادته عملية انقلاب ضده خلال خروجه لحملة عسكرية ضد روسيا .
وذكر التقرير أنه حينما انطلق نابليون بونابرت في حملته العسكرية على روسيا بداية في يونيو 1812، والتي استمرت لأكثر من خمسة أشهر وانتهت بانهيار قواته وخسارته لنحو نصف مليون جندي، وخلال انغماسه في حربه ضد الروس، عاشت العاصمة الفرنسية باريس في 22 و23 أكتوبر 1812 على وقع محاولة انقلاب فاشلة قادها جنرال أفلت من مصحة الطبيب دوبويسون (Dubuisson) التي سجن خلف أبوابها منذ عامين.
قاد هذه العملية الانقلابية الجنرال كلود فرانسوا دي ماليت (Claude François de Malet) البالغ من العمر حينها 58 سنة. فبعد سجل عسكري حافل أثناء سنوات الثورة الفرنسية، قاد خلاله قوات الحرس الوطني بمنطقة دول (Dole) وجيش الرين (Rhin) عام 1792 قبل أن يحصل على رتبة جنرال سنة 1799، عارض دي ماليت المعروف بميوله الجمهورية هيمنة نابليون بونابرت على البلاد أواخر القرن 18 وإعلانه نفسه إمبراطورا سنة 1804، ليبدأ بالمشاركة بسلسلة من الانقلابات التي قادته في النهاية للوقوف وجها لوجه أمام فرقة الإعدام.
صورة للجنرال كلود فرانسوا دي ماليت
وذكر التقرير أنه ما بين عامي 1807 و1808، سجن كلود فرانسوا دي ماليت مرات عديدة بسبب معارضته لنظام نابليون بونابرت قبل أن يرسل في النهاية بحلول سنة 1810 إلى مصحة الطبيب دوبويسون بسبب اضطرابات نفسية قيل إنه عانى منها عقب مؤامرة ضد الإمبراطورية.
واستغل الجنرال دي ماليت فرصة تواجد الإمبراطور نابليون بونابرت بالجبهة الروسية وغيابه عن العاصمة باريس، وأفلت من مصحّة الطبيب دوبويسون برفقة اثنين من أصدقائه، واتجه لثكنة الحرس الوطني بوبنكورت (Popincourt) بباريس، مرتديا ثيابه العسكرية ليعلن لكل من كان بها عن مقتل الإمبراطور، مؤكدا على أهمية تشكيل حكومة جديدة وإعادة النظام للبلاد. في الأثناء، لم يتفاجأ أي من الجنود عند سماعهم للخبر، حيث كان الجميع حينها على دراية بأخبار هزائم قواتهم وتراجعها على الجبهة الروسية.
صورة لنابليون بونابرت
بناء على ذلك، رافقت خمسة فرق مسلحة من الحرس الوطني الجنرال دي ماليت نحو سجن لافورس (la Force) ، حيث عمد لتحرير اثنين من رفاقه وهما الجنرال لاهوري (Lahorie) وزميله غيدال (Guidal)، بعد أن أقنعهما بموت الإمبراطور وضرورة تشكيل حكومة لتسيير شؤون البلاد. وخلال ساعات الصباح الأولى، اعتقل المتآمرون مدير شرطة باريس، الذي قبض عليه وهو نائم بفراشه، وقائد الشرطة السرية ووزير الداخلية ، تزامنا مع ذلك، فتح فروشوت (Frochot) المسؤول بالعاصمة قاعة بلدية باريس للمتآمرين ليجعل منها مقر اجتماعات الحكومة الجديدة، والتي اتجهت بدورها لإرسال تعزيزات عسكرية هيمنت بفضلها على القصر الملكي ومقرات مجلس الشيوخ وبنك فرنسا، وبحلول الساعة العاشرة صباحا يوم 23 تشرين الأول / أكتوبر 1812، كان الجنرال دي ماليت سيدا على الجزء الأكبر من العاصمة باريس.
لوحة تجسد شخصية نابليون الثاني ابن نابليون بونابرت
وحاول دي ماليت الاستيلاء على قيادة فيلق الحرس الوطني الأولى بباريس، فاتجه لقائده الجنرال هولان (Hulin)، بطل حصار سجن الباستيل، وطالبه بالاستقالة بأمر من مجلس الشيوخ ليندلع بذلك خلاف بين الطرفين، أطلق خلاله دي ماليت رصاصة تجاه هولان استقرت عند مستوى فكّه.
ولم تدم فترة استيلاء الجنرال دي ماليت على العاصمة طويلاً، حيث كشف عدد من قيادات الجيش خدعته بشأن وفاة نابليون بونابرت عن طريق مراسلات الأخير لجنرالاته ليقع بذلك الانقلابيون في قبضة سلطات العاصمة باريس التي عجّلت بمحاكمتهم قبل عودة نابليون.
صورة لإمبراطور فرنسا نابليون بونابرت
وفى يوم 29 أكتوبر 1812، تم إعدام كل من دي ماليت ولاهوري وغيدال رمياً بالرصاص و11 آخرين من المتآمرين، ومع عودته من الجبهة، استشاط نابليون غضبا عند سماعه لخبر الانقلاب ولام مسؤولي باريس تجاهلهم لوصيته بمنح عرش فرنسا لابنه نابليون الثاني، البالغ من العمر حينها عاما واحدا، حال وفاته.