ليست المرة الأولى التى يتم فيها الإعلان عن قتل أبو بكر البغدادى، خليفة داعش المزعوم، فقد تم الإعلان فى يوليو 2017 عن قتل البغدادى، من دون تأكيد أو نفى، وتكرر الأمر مرات من دون تأكيد، الولايات المتحدة أعلنت على لسان الرئيس دونالد ترامب بأنه تم قتل البغدادى فى عملية ناجحة، وقال ترامب إنه شاهد تسجيلا لعملية مطاردة وقتل البغدادى وعدد من مساعديه فى مجمع سكنى، وأضاف للتأكيد، وقال ترامب إن القوات كانت لديها بالفعل عينات من الحمض النووى لقائد التنظيم، استخدموها للتحقق سريعاً من أنهم أسقطوا الرجل الصحيح.
وحول كيفية اكتشاف مكان البغدادى، هناك أكثر من رواية، منها ما نشرته نيويورك تايمز «الأمريكية»، أن تحديد مكان بكر البغدادى، جاء بعد اعتقال إحدى زوجاته وساعى بريد يعمل معه، وأن «سى آى إيه» عملت مع مسؤولى الاستخبارات العراقية والكردية فى العراق وسوريا، لتحديد مكان البغدادى بدقة وزرع جواسيس لمراقبة تحركاته، وأن الخطة وضعت فى الصيف الماضى،
هناك رواية أخرى منسوبة لأحد مسؤولى الأمن العراقيين «أن إسماعيل الغيثاوى، أحد مساعدى البغدادى وشى به، بعد القبض عليه ونقله إلى العراق وأن الغيثاوى»، قدم معلومات ساعدت فريق الوكالات الأمنية المتعددة فى العراق على معرفة تحركات البغدادى، والأماكن التى كان يختبئ فيها، وأن فرق المخابرات العراقية حصلت على معلومات من أحد كبار مساعدى البغدادى عن كيفية إفلاته من القبض عليه لسنوات عديدة، وهنا إشارة إلى دور عراقى فى عملية تحديد مكان البغدادى.
وأوضح المسؤولون الأمريكيون أن تخطيط العملية قام بتكليف وحدة كوماندوز تابعة لقوة «دلتا» الخاصة فى وضع خطط للتدريب على القيام بمهمة سرية لقتل خليفة «داعش» أو القبض عليه، وأن العملية واجهت عقبات هائلة، حيث كان الموقع عميقًا داخل أراض يسيطر عليها تنظيم «القاعدة»، وسماء ذلك الجزء من البلاد كانت تحت السيطرة السورية والروسية، لدرجة أن المهمة تم إلغاؤها مرتين.
وعن مكان وجود البغدادى نقلت نيويورك عن اثنين من المسؤولين الأمريكيين، أن البغدادى كان يقيم فى قريةٍ بعمق الشمال الشرقى لسوريا تحكمها مجموعات من تنظيم القاعدة، وتكررت الإشارة إلى القاعدة عندما ذكرت مقتل عدد من أعضاء القاعدة ضمن عملية البغدادى، مما يشير إلى احتمالات قيام تحالف ما بين داعش والقاعدة، خاصة أن وزير الدفاع الأمريكى مارك إسبر ذكر أن البغدادى «كان يقطن فى مجمعٍ سكنى، مع بعض الرجال وبعض النساء، وعددٌ كبيرٌ من الأطفال»، فيما قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قال أثناء المؤتمر الصحفى فى البيت الأبيض: «لقد شاهدت معظم ما حصل، لقد مات بعدما ركض إلى نفقٍ مسدودٍ وهو يصرخ، لقد سحب معه ثلاثة أطفالٍ وفجر نفسه والأطفال الثلاثة معه».
فعليا كان البغدادى مختفيا منذ 5 سنوات، منذ نصب نفسه خليفة عام 2014، وظهر فى فيديو مرة، وفى تسجيل صوتى مرة أخرى، لكن اختفاءه الطويل جعل من احتمالات توزيع مهام القيادة على آخرين إذا تأكدت أنباء وفاة زعيم تنظيم «داعش» الإرهابى أبو بكر البغدادى فمن المحتمل أن يخلفه عبد الله قرداش، وهو ضابط سابق فى الجيش العراقى وأحد نجوم الإرهاب. لكن استمرار التنظيم نفسه مرهون بمدى إمكانية توفير تمويل ونقاط تمركز يمكن فيها إعادة تجميع الفلول المنتشرة فى سوريا والعراق لإعادة التنظيم. وهو أمر يبدو صعبا فى الوقت الحالى، خاصة مع تلقى التنظيم لهزائم، وظهور أوراق كثيرة عن علاقة الرئيس التركى أردوغان وقطر بتمويل القاعدة وداعش، بمعرفة الأجهزة الأمريكية فى عهد أوباما، وهو ما أشار إليه الرئيس الأمريكى علنا فى حملته الانتخابية وما بعدها عندما أكد أن هيلارى كلينتون وأوباما ساعدا فى قيام داعش وتوسع النصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية. لكن استعادة داعش تبدو صعبة فى حال غياب التمويل، لكن هذا لا يمنع من بعض التحليلات التى تتوقع أن يحاول التنظيم القيام بعمليات انتقامية لمقتل البغدادى، مع احتمالات لحدوث انقسام فى التنظيم.
ويأتى هذا متزامنا مع تقارير توقعت أن يكون هناك خلايا لداعش مختفية فى العراق وسوريا، وأنها قد تسعى لعقد تحالف مع القاعدة لإعادة بناء تنظيم يمكنه البقاء، لكن يظل الأمر مرونا بالتمويل، والأهم مدى إمكانية الكشف عن أسرار جديدة عن نشأة ونشاط داعش وعلاقته بالقاعدة، ودول إقليمية، وقد أعلن ترامب أنه تم العثور على أوراق مهمة فى مكان إقامة البغدادى قبل مقتله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة