أكرم القصاص

قصة «الخرتيت» وسارق التورتة.. والعالمون الافتراضيون ببواطن «الولا حاجة»!

الجمعة، 04 أكتوبر 2019 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك من صدق أن الخرتيت يتجول فى شوارع القاهرة، أو يتعاطف مع شخص لا يعرفه ويهاجم آخر لا يعرفه أيضا بناء على «بوست» مجهول على مواقع التواصل، ونفس هؤلاء هم من يمكن أن يصدقوا وينقلوا معلومات وأخبارا يطلقها «عالمون ببواطن الولا حاجة»، حول قرارات اقتصادية أو اجتماعية أو تعديلات وزارية، ويغرقون فى التحليلات بناء على معلومات مشكوك فيها من الأصل. 
 
والأمر مع السوشيال ميديا، يتجاوز نشر شائعات أو إطلاق الأخبار والتقارير المفبركة، إلى انتشار أنواع من القصص غير الموثقة التى بلا أصل تتحول إلى دراما ومجال للتعليقات، بل إن بعضها ينتقل إلى بعض المواقع، وتتحول إلى قصص منشورة من مواقع التواصل دون أن تتأكد منها.
 
هناك قصتان وأكثر تمثلان نموذجا لحالة الاندفاع الافتراضى خلف أخبار ووقائع غير حقيقية، وتقود مجاميع من المستخدمين لاتخاذ مواقف بناء على وقائع افتراضية أو مزيفة، الأولى قصة وحيد القرن أو الخرتيت فى شوارع القاهرة، وقصة الشاب الذى هرب من خطيبته بعد أن سرق التورتة. 
 
قصة الخرتيت، فقد ظهر فيديو لاثنين من الخرتيت «وحيد القرن» يسيران فى شارع وسط السكان، وتعليقات بأصوات سيدات مصريات «الخرتيت جاى منين»، المهم أن الفيديو انتشر على صفحات فيس بوك وتويتر وباقى مواقع التواصل، باعتبار أن عددا من «الخرتيت» غادرت حديقة الحيوان، وانطلقت فى شوارع القاهرة.
 
 أول من نشر فيديو «وحيد القرن» وضع عنواناً «الخرتيت فى شوارع القاهرة»، وانهالت التعليقات والسخرية والمناقشات التى تحلل ظاهرة ظهور وحيد القرن فى شوارع القاهرة، وحدد البعض مكان الخرتيت بدقة وثقة أنه فى شوارع إمبابة.
 
 وبعد ساعات من الهرى ومئات التعليقات و«الشير» اتضح أن «الخرتيت» والمشهد كله ليس فى القاهرة ولا إمبابة ولا فى مصر من الأساس، وأن الفيديو مصور فى محمية فى نيبال، وهى دولة تقع فى جبال الهملايا، بين الهند والصين، وحسب شهادة صاحب الفيديو لعمرو أديب، الرجل كان مع آخرين فى سياحة فى نيبال، وضع الفيديو فى مجموعة مغلقة للسياحة والسفر، وفوجئ بمن نشره باعتباره فى القاهرة، وقال: إن المصريين فى خلفية الصوت سياح فى نيبال، وأن ظهور الحيوانات أمر طبيعى فى محمية. 
 
ولم يظهر ما إذا كان ناشر الفيديو المنسوب لمصر فعل هذا متعمدا، أو بسوء نية، لكن القصة كانت مثالا على الاندفاع الافتراضى خلف قصة وهمية.
 
أما قصة العريس الذى هرب بالتورتة وترك خطيبته، فقد شغلت وما تزال مواقع التواصل، مصدر الحكاية «بوست» منسوب لفتاة تحكى فيها أن هذا الشاب تقدم لخطبتها، وطوال فترة الخطوبة وهو لا يعيرها اهتماما ولم يصطحب أهله، وعند الخطوبة ادعى أن خاله مريض وانصرف هو وأهله بعد أن سرق الشبكة والتورتة، القصة أثرت فى عدد من المستخدمين الذين انهالوا باللوم والهجوم على الشاب، وأبدوا تعاطفهم من الفتاة، وظهرت فيديوهات وصفحات تهاجم العريس الهارب وأهله، وتتهمه بقلة الأصل والخيانة.
 
 وكل هذا من دون أن تظهر أى علامات على أن هذه القصة حقيقية، فلم تظهر الفتاة ولا الشاب طوال أربعة أيام، وهناك قليلون تساءلوا عما إذا كانت القصة حقيقية، أو أن لها جانبا آخر لدى الشاب المذكور، وكان المعلق يسأل زميله المستخدم: هل تعرف الفتاة أو الشاب؟ والرد: لا أعرف، ولكننى نقلتها من فيس بوك ثم يواصل انفعالاته، قليل ممن تفاعلوا بَحَث أو تَسَاءل عن الطرف الأول أو الثانى. 
 
بصرف النظر عن صحة أو زيف القصة، فهى نموذج للاندفاع وتبنى موقف دفاع أو هجوم، من دون التأكد من وجود الحدث نفسه، هناك احتمالات لأن يكون حساب الفتاة وهميا «فيك»، أو أن هناك جانبا آخر من القصة لدى الطرف الثانى، ومع مراعاة مشاعر التعاطف مع الفتاة ومهاجمة الشاب وأهله فإن كل هؤلاء الذين علقوا على حكاية لم يثبت حدوث وقائعها، وحتى الأحاديث والتعليقات المنسوبة للطرفين تظل بين الوهم والحقيقة.
 
وعلى طريقة «يصلح راديوهات»، انضم عدد من المستخدمين ليساندوا الفتاة بهدايا ذهب ورحلات، بينما دافع آخرون عن الشاب وطلبوا شهادته، فيما افترض آخرون أن يكون الموضوع كله لعبة من أجل التريند، خاصة أن قضية التورتة جذبت الأنظار وشغلت العالم الافتراضى، وتفوقت على كل الأحداث. وظهرت أحاديث منسوبة للفتاة تكرر الحكاية، وأخرى منسوبة للشاب يقول فيها إنه غادر لأنه اكتشف مرض خاله، لكن تظل الحكاية ناقصة ومثيرة، ومع هذا فقد تواصلت التعليقات وانتقلت إلى مرحلة السخرية والإفيهات، لتظل واحدة من نماذج السير خلف الضجة. 
 
وتمثل حكاية الخرتيت أو سارق التورتة، نماذج لإمكانية جر الجموع للتعاطف أو التفاعل مع حدث مزيف أو قصة غير مؤكدة، وبأعداد كبيرة، وهم نفس زبائن العالمين ببواطن «الولا حاجة»، وينشرون معلومات وأخبارا مضروبة تجد دائما من يصدقها على طريقة الخرتيت.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة