-
تحفل العلاقة بين ثلاثى الشر « نظام أردوغان والنظام القطرى وجماعة الإخوان الإرهابية» بالعديد من الأسرار والخبايا، التى يكشف بعضا منها الخبير السياسى التركى « يافوز أجار»، متحدثا عن كيفية استغلال نظام العدالة والتنمية لهؤلاء كقطع حجارة على رقعة شطرنج يحركها كيفما يشاء.
ويشيد أجار فى حوار لـ«اليوم السابع» بالدور المصرى الذى حطم حلم الديكتاتور التركى أردوغان فى تنصيب نفسه «خليفة للمسلمين»، مشيرا إلى أن هناك تفاصيل وأسرارا كثيرة فى علاقات النظام التركى بالتنظيمات الإرهابية فى سوريا وليبيا وحتى حزب العمال الكردستانى.. وإلى نص الحوار.
يرى مراقبون أن تصعيد النظام التركى ضد مصر يعد تهورا، خاصة أن نظام أنقرة اليوم بات فى أضعف حالاته.. كيف ترى ذلك؟
مع أن أردوغان لا يسمح لأحد بأن يوجه أى انتقاد، أو يتدخل فى شؤونه الداخلية، فإنه لا يتجنّب توجيه أغلظ الاتهامات إلى خصومه ويتدخل فى شؤون الدول المجاورة وكأنه شرطى المنطقة وقاضيها، دون مبالاة بالأعراف الدولية ولما يمكن أن يؤدى هذا إلى تدهور العلاقات الدبلوماسية، وقد أدى نهج أردوغان القائم على التدخل فى الشؤون الداخلية للجيران إلى طرد أردوغان وتركيا من العالم والمنطقة. إنه لوضع يبعث على الحزن بالنسبة لأداء إدارة أطلقت مشوارها فى البداية بشعار «صفر مشاكل مع الجيران» ومن ثم آلت إلى إدارة منبوذة وفرضت عليها عزلة إقليمية ودولية، ويمكن أن نقول إن تركيا فى ظل حكم أردوغان أصبحت «صفر جيران» بسبب نهج التدخلات فى شؤون المنطقة وتوقف انفتاحها على العالم الخارج بقواها الناعمة التى تتمثل فى العلاقات الاقتصادية والثقافية، حيث بدأت تستخدم قوتها الغاشمة فى ذلك، واضطرت تركيا إلى الانغلاق على ذاتها، وكل نظام ينغلق على ذاته أو يشتغل بشؤون الدول الأخرى أكثر من نفسه، فإنه يتعرض للتعفن ويبدأ بالتدهور فى كل المجالات، لذا يمكن أن نقول إن تركيا اليوم تعيش أضعف فتراتها التاريخية، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسة الداخلية والخارجية.
برأيك هل أثرت الأزمة الاقتصادية فى تركيا على إنفاق النظام مؤخرا على الجماعات المسلحة وقلصت الدعم للإعلام التركى المحرض على هدم البلدان؟
أعتقد أن ميزانية بلدية إسطنبول بالإضافة إلى بعض البلديات الكبرى الأخرى، كانت أهم مصدر أو وارد لأردوغان لتمويل وتسويق أيديولوجيته فى العالم الإسلامى وتسليح عناصره من شتى التيارات الإسلامية وتنفيذ عملياته فى مناطق النزاع بالمنطقة، خاصة فى سوريا، وهذا هو سبب الضجة الكبيرة التى أثارها عقب خسارته بلدية إسطنبول وقرر إعادة الانتخابات فيها ليذوق فى نهاية المطاف مرارة الخسارة مرتين، وقد أقدم رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام، وأمثاله من رؤساء البلديات الكبرى الأخرى على قطع تدفق الأموال إلى المؤسسات والجمعيات التى تجند عناصر محلية ودولية للقتال بمناطق النزاع والصراع. كما كشفت رئاسة بلدية إسطنبول الجديدة عن عمليات نقل الأموال إلى الإعلام الموالى لأردوغان عن طريق الفساد وانتهاك القانون، لذا أعتقد أنه كلما انقطع الدعم الواصل إلى تلك المؤسسات، فإن العمليات التدميرية سواء فى الداخل أو الخارج ستشهد تراجعًا، وهذا ما نلمسه فى الآونة الأخيرة فعلا.
ما السبب وراء دعم أردوغان اللا محدود للجماعات الإرهابية وفى مقدمتها الإخوان الإرهابية وإصراره على إمدادها بالدعم المالى واللوجيستى رغم الضربات التى تلقاها فى إسطنبول فى انتخابات البلدية جراء هذا الدعم؟
هناك حلم لأردوغان يسعى من وراء تحقيقه منذ اندلاع أحداث ما سمى بالربيع العربى، وهو أن ينصب نفسه خليفة للمسلمين أو زعيمًا للعالم الإسلامى، ويرى أردوغان التيارات الإسلامية والمجموعات الجهادية أدوات وعناصر يستخدمها لترجمة هذا الحلم إلى أرض الواقع، لذلك يقوم بدعم تلك الجماعات بكل أشكال الدعم من تسليح وتمويل.
وأعتقد أن أردوغان كان يرى جماعة الإخوان العنصر الرئيسى الذى من شأنه أن يساعده فى تحقيق هذا الحلم، إلا أن هذا الحلم تحطم على يد مصر عقب إبعاد الجماعة من السلطة، بعدما بدأت تحذو حذو أردوغان وتنفذ مشروعه فى مصر، وربما هذا يفسر عداوة أردوغان الشخصية للسلطات المصرية على وجه الخصوص.
إسطنبول لفظت حزب العدالة والتنمية الحاكم فى انتخابات البلدية بعد نحو ٢٥ عاما من السيطرة.. ما السبب فى رأيك فى ظل استياء الأتراك من هذا الحزب وما هو مستقبل أردوغان والنظام؟
أعتقد أن هناك سببين رئيسين، الأول التدهور الاقتصادى واعتقاد المواطنين أن قصة نجاحات أردوغان الاقتصادية وصلت إلى نهايتها، والثانى تحول القضاء أو القانون إلى سيف يسلطه أردوغان ليس على خصومه السياسيين فقط، وإنما على المواطنين المدنيين أيضًا، لذا فإن كثيرًا من أنصار أردوغان تركوه وصوتوا لصالح المعارضة احتجاجا على انتشار الظلم غير المسبوق بذريعة الكيان الموازى أو حركة الخدمة، بحيث طالت عمليات الفصل والاعتقال مئات الآلاف من المدنيين، بينهم حوالى 18 ألف امرأة ومعهنّ حوالى ألف طفل رضيع وصغير، كما ورد فى تقارير دولية موثقة.
ما هى العلاقة التى تربط النظام التركى بالقطرى وتجعل أردوغان يتجاهل تنقيب الدوحة فى شرق المتوسط؟
أردوغان بسط سيطرته على تركيا ليس من الناحية السياسية فقط، وإنما من الناحية الاقتصادية كذلك، فهو يفرض على أفضل الشركات فى مجالاتها حراسة قضائية بشتى الحجج والذرائع، ومن ثم يبيعها إلى رجال أعمال قريبين منه، وقد تجاوز عدد الشركات التى استولت حكومة أردوغان عليها بعد مسرحية الانقلاب عن 1000 وفقا للتقارير الموثقة فى هذا الصدد.
أما قطر فأعتقد أن العلاقة بينهما علاقة مصلحة قبل كل شىء، هو يستخدمها كستار على عملياته الاقتصادية فى تركيا، فالشركات ذات الأموال العملاقة لو منحها أردوغان رجاله فى الداخل التركى لقوبل برد فعل كبير من قبل الرأى العام التركى، لذا يبيعها لشركات قطرية للحيلولة دون مثل الاعتراضات المحتملة، لكن أردوغان وعائلته ورجاله هم أصحاب تلك الشركات الكبرى فى الحقيقة مثل شركة مصنع السلاح المثير للجدل.
بالنسبة للأزمة السورية.. كيف تفسر تصعيد أردوغان المباشر خلال السنوات الأخيرة على الأراضى السورية؟ وتشديد حربه أيضا ضد الوجود الكردى بما فيه استهداف العمال الكردستانى؟ وفى العراق أيضا كيف تصف التجاوز التركى للعراق وشن حرب مياه تهدد استقرار هذا البلد؟
أردوغان يتدخل فى شؤون العراق وسوريا بحجة أنه يكافح ضد عناصر حزب العمال الكردستانى وامتداداته المختلفة، لكنه فى الحقيقة من يتسبب فى نشاط هذه التنظيمات على حدود تركيا المشتركة مع كل من سوريا والعراق، من خلال دعم المعارضة المسلحة التى بدورها تقوم بإضعاف الإدارة المركزية فى البلدين. بل هناك كثير من الوثائق تكشف أن بين حكومة أردوغان وقيادة العمال الكردستانى أخذ وعطاء، وينفذ عمليات بتكليف منها على أهداف تركية لكى تتشكل الذريعة التى تبرر وجودها وتدخلها العسكريين فى هذين البلدين، فقد كان هاكان فيدان، رئيس استخبارات أردوغان، الذى يصفه بـ«كاتم أسراره»، هو من قال فى اجتماع سرى عام 2014 تم تسريبه: «من الممكن أن أرسل أربعة من رجالى إلى الجانب السورى ليقوموا بإلقاء عدة قنابل أو صواريخ من هناك على الجانب التركى لخلق الذريعة المطلوبة للتدخل العسكرى فى سوريا»، وهذا الأمر ينطبق على جميع عمليات أردوغان الخارجية فى المنطقة بما فيها ليبيا والسودان والصومال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة