الرائد باسم فكرى، رئيس مباحث مركز قوص بمحافظة قنا، لن يكون الأخير فى مسلسل استشهاد رجال المباحث بأقسام ومراكز محافظات الصعيد، مات باسم بطلا، شجاعا، ليس ليجنى مجدا أو ينال تكريما ولكنه مات من أجل قاتله، أراد تقويمه وحمايته من نفسه وممن يعتدى عليهم فطالته رصاصات غدر من مجرم لقى حتفه لينال عقابه عند ربه.
والشهيد باسم فكرى سبقه إلى الجنة أخرون من زملائه فى مراكز أخرى جميعها بالصعيد وما كان له أو لغيره من الضباط ان يعيش بمنأى عن الخطر ذلك أن العقلية الصعيدية متيبسة، تسيطر عليها القبلية والمكايدة وحب الظهور ولو بالافتراء.
وأتصور أن لا أحد يستطيع الحديث عن طبيعة عمل الشرطة فى الصعيد إلا إذا عايش الواقع، ومن ثم لا يجب عليك أيا ما كنت أن تهاجم أو تنتقد رجال المباحث، لا تتحدث مطلقا أرجوك عن حقوق الإنسان فى الصعيد، أقولها صريحة مدوية، بل أطالب قيادات الداخلية بإطلاق يد رجال المباحث فى التنكيل، نعم التنكيل وأقصد الكلمة، بكل من تسول له نفسه استغلال قبيلته وتاريخه الإجرامى فى العيش بقانون الغابة.
يا سادة، اعلموا تماما بأن القانون وحدة لا يقهر الجريمة فى الصعيد، وأن موروثا شعبيا وقبيلا يجب أن يتغير بالتوعية الإعلامية والثقافية والدينية وأن يقينا راسخا يجب أن يخترق العقول بأن الانتقام ليس عملا إنسانيا ولا أخلاقيا وأن الدولة وحدها ممثلة فى جهازها الأمنى والقضائى هى المنوط بها وحدها إعادة الحقوق لأصحابها والقصاص من المجرمين.
إن عقلا مستنيرا يجب أن يجتاح قرى ونجوع الصعيد ليقرر بأن القوى لا يحق له ابدا يأكل الضعيف وأن المتجبر لا يستهين بالغلبان وأن الرحمة والمودة وحسن الخلق والصفح عند المقدرة هى من شيم الكرام وأن تعاليم السماء تأبى أن نعيش بدون التسامح والصفاء واحترام القانون.
وحسنا يدرك رجال الأمن ضباطا وقيادات طبيعة العقلية الصعيدية فيتعاملون بالعرف مع القانون يستعينون برجال يثق فيهم الناس لحل المشكلات والصلح بين المتخاصمين، لكن حتى العرف لا يصلح مع القلة من المارقين اللذين تجبروا وهؤلاء القلة يستحقون من العقاب أرذله دون النظر إلى أية اعتبارات لأن التسامح معهم يضر بهم قبل غيرهم ويحول الصعيد إلى ساحة صراعات قبلية وعائلية لا يحمد عقباها.
وتخيل أن قاتل الشهيد باسم فكرى رئيس مباحث قوص واسمه "أبو الحسن صديق"، عمره لم يتجاوز 37 عاما ومع ذلك سبق اتهامه في 12 قضية قتل وإطلاق أعيرة واستعمال قوة وحيازة أسلحة وذخائر وسرقة سيارات بالإكراه وتهديد بالخطف بل ومطلوب سجنه 37 سنة فى 4 جنايات قتل عمد وشروع فيه وحيازة أسلحة وإحداث عاهة مستديمة".
إن الحديث عن أفضل السبل لمواجهة الجريمة الجنائية فى الصعيد يحتاج تفهما ووعيا بطبيعة ونمط التفكير هناك ومن ثم لا يمكن لأحد أن يحلل أو ينتقد إلا إذا عايش صعوبة التعامل الأمنى مع المجرمين وفى مقال لاحق سأروى لكم تفاصيل ساعتين قضيتهما فى مكتب رئيس مباحث وستكتشفون أن تطبيق قانون الطوارئ على محترفى الإجرام اللذين فشلت كل محاولات تقويمهم ضرورة حتمية لحماية أهلنا البسطاء فى صعيد مصر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة