المرأة المصرية حظيت باحتفاء رباني، منذ أمنا "هاجر"، والدة إسماعيل عليه السلام أبو العرب، وكرمها المولى عز وجل بإلزام الحجاج بالسعي بين الصفا والمروة إقتاءً بها، بعد قصتها الشهيرة في رحلة البحث عن الماء عندما تركها سيدنا"إبراهيم" في صحراء جرداء، ولم يتوقف الإحتفاء بالمرأة المصرية عند هذا الحد، وإنما أراد الله لها أن تدخل بيت النبوة، فكانت أم المؤمنين ماريَّة بنت شمعون القبطية ضمن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنجبت له ثالث أبنائه إبراهيم ، وكان أبوها عظيم من عظماء القبط، كما ورد على لسان المقوقس في حديثهِ لحامل رسالة الرسول إليه.
مكانة المرأة المصرية، جاءت من نجاحاتها التي لا تتوقف في كافة المجالات، حيث نجحت في خطف الأضواء من الجميع، وإثبات نجاحها كلما حلت في موقع أو مسئولية.
وبعيداً عن الأضواء، وكاميرات التوك شو، تبقى المرأة الصعيدية، نموذج فريد، تغرد خارج السرب، بكفاحها وقوتها وصلابتها في مواجهة التحديات، وعقلها المتزن وإحتوائها لغيرها.
كنت أحد هؤلاء الذين من الله عليهم بالنشأة في ريفنا الطيب بصعيد مصر، ورأيت بأم عيني قصص نجاحات وكفاح للمرأة الصعيدية، لو كلفنا القلم بسردها لتعب ومل وما إستطاع من كثرتها، هذه النماذج التي لم تلتفت إليها كاميرات التليفزيون ووسائل الإعلام، وظلمتها الدراما عندما جسدت المرأة في بعض أعمالها على أنها سلبية، لا يعترف المجتمع الجنوبي بها، ولا تحمل ملامح الجمال، في حين أنها جميلة الروح والجسد.
إذا حالفك الحظ لزيارة إحدى محافظاتنا في الجنوب، وتوغلت في القرى والنجوع، ترصد قصص كفاح لسيدات عظيمات، مات الزوج، وتقمصت المرأة دور الرجل، كافحت وعاندت الظروف الصعبة، وصدرت للمجتمع أسرة سوية، وأبناء ساهموا في دعم مؤسسات الدولة.
في الصعيد لا فرق بين سيدة أمية، تذهب برفقة زوجها للحقل تعمل معه "كتفها في كتفة"، وبين سيدة متعلمة تتبوء أعلى المناصب القيادية، وتسطر نجاحات كبيرة.
الأهم من كل ذلك، نجاح المرأة الصعيدية في تربية أولادها على القيم الأصيلة التي اندثر بعضها وتلاشى في زحام المدن، فضلاً عن رزانة عقلها وإحتوائها لزوجها، والمرور بمنزلها لبر الأمان، صبورة تتحمل، وذكية تحل مشاكلها وتحتوي غيرها.
ابحثوا عن قصص النجاح والكفاح لأمهاتنا وجيراننا في الصعيد، صدروا هذه النماذج الناجحة للمجتمع، حتى تتعلم بناتنا وزوجاتنا منهن فن إدارة المنازل، والحفاظ على الميثاق الغليظ، وإقتحام عالم الرجال وتسيطر نجاحات في كافة مواقع المسئولية، علموهن أن الصعيد سيظل مصنع الرجال طالما فيه هؤلاء السيدات الفضليات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة