أكرم القصاص

سور برلين وأسوار أوروبا وشروخ حلف واشنطن.. قلق ما بعد اختفاء «العدو المفضل»

الأحد، 10 نوفمبر 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل 30 عاما سقط سور برلين، يومها تم التبشير بعالم أمريكى وغربى، اليوم تبدلت الأحوال والأدوار، وموازين القوة والنفوذ، يومها بدا أن الولايات المتحدة بعد سقوط الاتحاد السوفيتى تصعد قطبا وحيدا، اليوم تنسحب أمريكا وتتعدد القوى، الصين تتقدم فى سباق القوة الاقتصادية، وتحتل روسيا مكانة متقدمة فى التأثير الدولى، لدرجة أن أوروبا تبدى قلقا من اتساع النفوذ الروسى فى أفريقيا والشرق الأوسط، روسيا دخلت بعد سقوط السور خريفا امتد خمسة عشر عاما، قبل أن تستعيد على يد فلاديمير بوتين ما فقدته مع ميخائيل جورباتشوف وبوريس يلتسين. واليوم ترتفع دعاوى فرنسية باستعادة موسكو إلى أوروبا. 
 
فى أوروبا تقوم جدران حقيقية و سياسية واقتصادية، خلافات تجارية بين أوروبا والولايات المتحدة، تشرخ تحالفا نال قوته من الحرب الباردة. الولايات المتحدة نفسها تواجه صراعا داخليا غاب وقت سور برلين. يرصده جنان جانيش فى فايننشال تايمز ويشير إلى أن الولايات المتحدة خسرت العدو الموحد، عندما سقط جدار برلين، وأصبح لدى الأمريكيين الوقت للشجار فيما بينهم بعدما زال العدو الخارجى. 
 
يشار إلى أن التحزب فى السياسة الأمريكية بدأ بسقوط الجدار والشيوعية ، وزوال الاتحاد السوفيتى، ويرى جانيش أن الولايات المتحدة شهدت عدة محاولات لعزل الرئيس خلال العقدين الأخيرين أكثر مما شهدته خلال القرنين السابقين وكبرت الأحقاد السياسية منذ تسعينيات القرن الماضى،  ويرى أن غياب التهديد الخارجى جعل  الأمريكيين يوجهون سهام السياسة فيما بينهم، والدليل أن الولايات المتحدة لم تنتخب رئيسا حقق «إجماعا وطنيا» منذ نهاية الحرب الباردة.
كان منظرو القرن الأمريكى يشيرون إلى أن الولايات المتحدة ربما تبحث عن «عدو بديل» ظهر مرة فى الإرهاب، ومرة مع الصين، لكن الكاتب يرى أنه من الخطأ الاعتقاد أن التهديد الصينى سيعيد السياسة الأمريكية إلى ما كانت عليه قبل سقوط جدار برلين، لأن الصين دولة رأسمالية اقتصاديا، ولا تهدد الأمريكيين مثلما كان السوفيت، والنموذج الصينى غير قابل للتصدير، بينما كان الاتحاد السوفيتى «عدو أمريكا المفضل، الذى يمنحها الشعور بنفسها، وعندما سقط الجدار سقط معه الشعور بالأمة الأمريكية.
 
وفى الذكرى الثلاثين لسقوط سور برلين تستعد بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبى، وتواجه فرنسا ودول أوروبا احتجاجات ذات طابع اقتصادى، وتمردا من الطبقات الوسطى، وسياسيا استعرض الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى أغسطس الماضى أمام سفراء فرنسا قائلا: «إن دفع روسيا بعيدا عن أوروبا يعد خطأ استراتيجيا عميقا، ولن تكون القارة مستقرة وآمنة أبدا إذا لم نحسن علاقتنا مع روسيا» ويطالب ماكرون بإعادة النظر فى علاقة الريبة التى استمرت مع موسكو ما بعد سقوط جدار برلين، ويدعو لإعادتها لمجموعة السبع «مجموعة الثمانى بوجود روسيا» بعدما أقصيت منها فى 2014 إثر ضم موسكو لشبه جزيرة القرم الأوكرانية.
 
روسيا حاضرة فى أوروبا ليس فقط فى دعوة ماكرون، لكن فى تقارير تتضمن مخاوف أوروبية، وفى الذكرى الثلاثين لسقوط جدار برلين عبرت التايمز البريطانية عن مخاوف أوروبا، مما أسمته توسع روسيا فى أفريقيا والشرق الأوسط، وتشير إلى أن بوتين استضاف الشهر الماضى القمة الروسية الأفريقية فى منتجع سوتشى على البحر الأسود، بحضور 50 من القادة الأفارقة، بينما انسحبت القوات الأمريكية من سوريا، دخلت روسيا لملء الفراغ. 
وتقول التايمز: إن روسيا كانت منذ 5 أعوام دولة معزولة على المستوى الدولى، لكنها توسع نفوذها واستطاعت أن تستميل دولا فى أفريقيا والشروق الأوسط وتضعها فى صفها، وتشير التايمز إلى التحركات الروسية فى ليبيا لدعم قوات الجيش الوطنى الليبى بما يضمن استراتيجية موسكو، و بوتين الذى كان يتحرك بشكل خفى أصبح يتحرك علنا.
 
 فيما يبدو أن بوتين الذى صعد بروسيا خطوة وراء أخرى، أصبح اليوم لاعبا أساسيا، حتى وإن لم يكن ذلك بقوانين الحرب الباردة، لكن بقواعد عالم جديد تتفاعل فيه قواعد القوة والتأثير، استنادا للمصالح والنفوذ، وتوازنات استراتيجيات تتغير وتضع موسكو فى مكانة أكثر تأثيرا مما كانت عليه قبل 30 عاما.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة