هل نقبل الحلول التى تقدمها إسرائيل وأمريكا؟..كيف نواجه محاولات إجبارنا على أن نعتبر القضية مصرية – إسرائيلية، وليست قضية عربية إسرائيلية؟.. هل نستجيب لإلحاح أمريكا بعودة علاقتنا الدبلوماسية معها؟.. كيف نصبح أقوياء عسكريًا، ونجعل إسرائيل فى مواجهة استنزاف يومية حتى يحين موعد الحرب ضدها لتحرير الأرض المحتلة؟.
كانت هذه الأسئلة وغيرها محور مناقشات اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكى العربى «التنظيم السياسى الوحيد فى مصر وقتئذ» فى اجتماعه برئاسة جمال عبدالناصر يوم 12 نوفمبر، مثل هذا اليوم، عام 1968، وفقًا لمحضر الاجتماع المنشور فى كتاب «من محاضر اجتماعات عبد الناصر العربية والدولية 1967-1970»، إعداد عبدالمجيد فريد الذى كان أمينا عاما فى رئاسة الجمهورية من 1959 حتى وفاة عبد الناصر يوم 28 سبتمبر 1970، وكلفه عبدالناصر بمهام سرية عربية، وتولى لفترة مسؤولية الشؤون العربية برئاسة الجمهورية، غير أن الرئيس السادات سجنه ثلاث سنوات ونصف فى السجن الحربى، وسجن طره فى قضية «15 مايو 1971» التى أطاح فيها بكبار المسؤولين الذى عملوا إلى جوار عبدالناصر، وقضوا سنوات فى السجون.
بعد خروج «فريد» من السجن، استدعاه الرئيس الجزائرى هوارى بومدين، للعمل مستشارا له عام 1975، ثم انتقل بعد ذلك للعيش فى لندن وأسس مركز الدراسات العربية، وتوفى يوم 16 سبتمبر 2010 ودفن فى القاهرة.. يذكر «فريد» فى مقدمته لكتابه الصادر عام 1979 عن «مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت»، أنه وخلال إحدى عشر عاما حضر جميع لقاءات عبد الناصر داخل مصر وخارجها.. يؤكد: «كنت حريصا على أن أسجل بقلمى جميع أقواله وهمساته يقينا منى أنى أعيش لحظات خالدة من تاريخ أمتنا العربية».
كانت الفترة من بعد نكسة 5 يونيو 1967 وحتى رحيل عبدالناصر، هى الفترة التى حاول فيها عبدالناصر أن يراجع ويحاكم من موقع النقد الذاتى، ويشهد بذلك مجمل المحاضر للاجتماعات التى عقدها داخليا وخارجيا أثناء هذه الفترة، ومنها محضر اجتماع اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكى يوم «12 نوفمبر 1968».
يذكر «فريد» أن المناقشات كانت استمرارا لمناقشات طويلة أثيرت فى جلسات سابقة، حول التحركات التى شهدتها المنطقة بعد نكسة 5 يونيو 1967 بشأن الصراع مع إسرائيل، أهمها تحركات مبعوث الأمم المتحدة «يارنج».. بدأ عبدالناصر الاجتماع قائلا: «يلوح لى أنه لا فائدة من حركة وسيط الأمم المتحدة يارنغ، لقد سبق أن قدرت لحركته فى المنطقة حوالى 18 شهرا على اعتبار أن سياسة إسرائيل كانت وستبقى دائما كما خطط لها، وهى إجبارنا على حل لصالحهم» asettement to force».. «ذكر عبد الناصر هذه الكلمة مرة أخرى بالإنجليزية» من جانبنا، فقد تنازلنا إلى أقصى حد ممكن، وذلك بضغط من الأردن ومن أجل أهالى الضفة الغربية، ولكن لايمكننا التنازل أكثر من ذلك».
تدخل الدكتور محمود فوزى «مساعد رئيس الجمهورية» متحدثا عن طول الوقت المنتظر لحل القضية، وعن احتمال وصول إسرائيل إلى استخدام الرؤوس الذرية حول عام 1970، وعن الآمال المرتقبة عن الحكم الجديد برئاسة نيكسون للولايات المتحدة الأمريكية، على اعتبار أنه مطالب بحل مشكلتى فيتنام والشرق الأوسط، ثم تساءل الدكتور فوزى عما إذا كان من الممكن التفكير جديا فى عودة العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية خاصة أن الأمور ستتحسن هنا وهناك».
رد عبدالناصر: «يجب ألا يغيب عن بالنا مطلقا أن هدف إسرائيل كان وسيبقى وسيستمر إجبارنا على أن نعتبر القضية، قضية مصرية إسرائيلية، وليست قضية عربية إسرائيلية..هذا كلام غير مقبول من جانبنا، أما عن عملية إعادة العلاقات مع أمريكا، فلابد أن يكون لعودة العلاقات أساس.. كيف نعيدها ولم توافق أمريكا على مبدأ الانسحاب إلى خطوط 5 يونيو 1967، إن الكلام حول هذا الموضوع لابد من مراجعته مع باقى الدول العربية بما فيها موريتانيا ..يادكتور فوزى، لابد أن يكون هناك ثمن سياسى لإعادة العلاقات بيننا وبين أمريكا، إنهم منذ شهر فبراير يطلبون ويلحون على إعادة العلاقات، ولكن فى الوقت نفسه لم يتجاوبوا مع شروطنا، لذلك من رأيى أن نتريث ونشوف نيكسون هيعمل إيه، بعد تأليف جهاز حكمه فى شهر يناير المقبل، وطبعا احنا مازلنا مستمرين معهم فى الديالوج السياسى عن طريق أشرف غربال «كان رئيسا لمكتب رعاية المصالح المصرية فى أمريكا»، المهم الآن أن نسأل أنفسنا سؤالين: السؤال الأول، هل نستطيع أن نتنازل أكثر مما تنازلنا؟.السؤال الثانى:هل نستطيع أن نقبل الكلام المقدم من إسرائيل؟.. أنا سبق وقلت للروس لما تكلموا معنا عن الحل السياسى، إن هناك موضوعين لا يمكن التفريط فيهما.. الموضوع الأول، أننا لن نترك أونتنازل عن أى شبر من أراضينا.. والثانى هو إعادة حقوق الفلسطينيين».
واستمر الاجتماع وتواصلت المناقشات، فماذا جرى فيها؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة