ما زالت قضايا الثأر هى القضية الأخطر أمنيا فى المجتمع المصرى لأن هذه الظاهرة ارتبطت بالعادات والتقاليد وأصبحت موروثا يتم معالجته بمنتهى الصعوبة رغم المحاولات للقضاء على هذه الظاهرة، وتحاول الدولة متمثلة فى وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة الأوقاف، ورجال الدين الإسلامى والمسيحي، وكافة الجهات المعنية القضاء على الخصومات الثأرية، ومحاربة هذه العادة التى أصبحت متجذرة فى المجتمع الصعيدى.
فى محافظة أسيوط التى تعتبر واحدة من أكثر المحافظات التى تشهد وقائع قتل بسبب الخصومات الثأرية أطلقت مديرية الأوقاف، تنفيذا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وتحت رعاية اللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط. وبالتنسيق مع مديرية أمن أسيوط " مبادرة أسيوط بلا ثأر " وهى واحدة من المبادارات التى تم إطلاقها بعد وقوع حادث ثأر وقيام أحد الأشخاص بإطلاق النار على آخر داخل مسجد أثناء صلاة الجمعة لوجودة خصومة ثأرية بينهما وحضر إطلاق المبادرة حينها اللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط واللواء عمر عبد العال هندى مساعد وزير الداخلية لمنطقة وسط الصعيد والدكتور عاصم محمود قبيصى والدكتور سعيد عامر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف وعدد من القيادات الأمنية والتنفيذية وأعضاء مجلس النواب، والمئات من أئمة المساجد وعلماء الأوقاف والأزهر الشريف وممثلين لجامعة الأزهر وجامعة أسيوط ولجنة الفتوى، وذلك بمسجد ناصر بوسط مدينة أسيوط.
وقال الدكتور عاصم قبيصى وكيل وزارة الأوقاف ان المبادرة التى أطلقناها تحت مظلة أمنية وبالتنسيق مع جامعتى الأزهر وأسيوط أتت ثمارها بشكل كبير حيث تمكنا من القضاء على التخلص من 120 خصومة ثأرية شائكة من خلال مجهود مشترك مع مديرية امن اسيوطورجال المصالحات وبيت العائلة وعددكبير من رجال الدين الإسلامى والمسيحي.
وأضاف القبيصى أن هذه المبادرة تبنتها وزارة الأوقاف بعد الحادث المؤسف الذى وقع داخل أحد مساجد المحافظة، وراح ضحيتها أحد الأشخاص داخل مكان الوضوء داخل المسجد مما ترك أثرا نفسيا صعبا للحرمة الكبيرة للقتل أولا وزيادة الحرمة بعدم مراعاة بيوت الله، مضيفاً:" المديرية تمد يد العون لكل الجهات التى ترغب فى المساعدة والمساهمة فى انهاء الخصومات الثأرية بين المتخاصمين وأنها تطلع عل كافة البيانات الخاصة بالخصومات وموقف هذه الخلافات وإلى أين وصلت لمحاولة التدخل فى الوقت المناسب وإنهائها بلا عودة".
فى محافظة الغربية، لعبت الأجهزة الامنية بمديرية امن الغربية بقيادة اللواء محمود حمزة مدير الامن واللواء السعيد شكرى مدير المباحث الجنائية دورا هاما خلال الفترة الماضية فى انهاء الخصومات الثأرية بين عدد من العائلات وحقن الدماء، بالاستعانة باللجان العرفية والتى تم عدد من العمد والمشايخ والعقلاء، حيث نجحوا مؤخرا فى حقن الدماء والصلح بين المتخاصمين فى قضايا الدم لمنع انتشار نار الفتنة خاصه فى القرى والنجوع وارضاء طرفى النزاع حتى لا تتصاعد وتيرة الخلافات مما يترتب عليه شحن النفوس وتربص كل طرف للأخر..
وأنهت اللجنة العرفية لمركز ومدينة المحلة بمحافظة الغربية، آخر الخصومات بين عائلتى خليل وشعنونة بقرية بلقينا مركز المحلة، بعد مصرع أحد أفراد عائلة خليل على يد الطرف الثانى ويدعى" عبد الهادى شعنونة" بالخطأ فى شهر رمضان الماضى، وقررت اللجنة إلزام الجانى بدفع دية قدرها 300 ألف جنيه تعويض لأسرة القتيل على أن يتنازل الطرف الأول على القضية المرفوعة ضد المتهم والصادر ضده حكم غيابى فيها.
واستمعت اللجنة إلى أقوال الجانى وأقارب المجنى عليه وشهود الاثبات والنفى وخلدت اللجنة بعد ذلك إلى المداولة فيما بينهما واستقرت على حكمها بسداد مبلغ 500 ألف جنيه كتعويض لأسرة المجنى عليه على أن يتم تخفيض المبلغ لـ 300 ألف جنيه نظرا لظروف القاتل العائلية، وقام الطرفان بالتصالح فيما بينهم على أن يقوم الطرف الأول المتهم بسداد المبلغ خلال شهر ونصف من تاريخ الاتفاق ويقوم الطرف الثانى بالتنازل عن الدعوى الجنائية والمدنية المقامة ضد المتهم بعد استلام مبلغ الدية، وتعانق الطرفان
وفى محافظة الأقصر، يقول الشيخ محمد عبد الباقى أحد كبار لجنة المصالحات بالمحافظة، أنه يجرى العمل على قدم وساق لإنهاء كافة الخصومات الثأرية بين العائلات المتخاصمة والتخلص من العادات والتقاليد السيئة بإقتلاع ظاهرة "الثأر" من جذورها والتفرغ للبناء والتنمية الحقيقية وإعادة التسامح والمودة والحب، مشيراً إلى العمل على تكاتف كافة فئات المجتمع فى نبذ العنف ونشر التسامح وبناء مستقبل الوطن وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، موجهاً تحية شكر وتقدير للقيادات الأمنية ورجال المصالحات وأفراد العائلتين فى إنهاء الخصومات الثأرية بالتصالح وتحكيم العقل وتجنيب الخلافات والمشاحنات.
ويضيف الشيخ محمد عبد الباقي، أنه تم مؤخراً إنهاء خصومة ثأرية بين أبناء العمومة بعائلة الهلالية بمنطقة أرمنت الحيط فى ساحل الجرف غربى محافظة الأقصر، وذلك بحضور عشرات الأهالى من أبناء العائلتين وسط اجواء من المحبة والسعادة بين الطرفين، وأضاف الشيخ محمد عبد الباقى لـ"اليوم السابع"، أن وقائع الخصومة تعود لمشاكل عائلية بين أبناء عائلة الهلالية فى مشاجرة أسفرت عن وقوع مصابين من الطرفين، وتم الإتفاق بين العائلتين طرفى الخصومة الثأرية على الصلح بحضور كل من رجال لجنة المصالحات والأزهر والأوقاف والكنيسة، وأهالى القرية.
وخلال الأسابيع الماضية شهدت المحافظة جلسة إتمام الصلح وإنهاء خصومة ثأرية بين عائلتى "ال عبد المجيد بالبغدادي" وال عرقان " بالحبيل بمركز البياضيه بالسرادق المقام بمنطقة نجع العرب بقرية منشيه النوبه بمركز الطود وذلك فى إطار فعاليات مبادرة "ألاقصر بلا ثأر"، بحضور القيادات الأمنية والقيادات التنفيذية والشعبية بالمحافظة والعشرات من أفراد العائلتين والقرى المجاورة، حيث نجحت لجنة المصالحات بالتنسيق مع القيادات الأمنية بالمحافظة بإتمام الصلح وإنهاء الخصومة بين أفراد العائلتين.
كما شهد قيادات الأقصر، مراسم الصلح بين عائلتى آل أبو النور بالعديسات بحري، وآل مكى بالطود، والتى أقيمت فى قرية الطراخين بمدينة الطود جنوب الأقصر، تحت رعاية لجنة المصالحات والأزهر الشريف، وأجريت مراسم الصلح بين العائلتين بحضور القيادات الأمنية والتنفيذية بالمحافظة، وعدد من أعضاء مجلس النواب عن محافظة الأقصر، وأعضاء لجنة المصالحة، ورجال الأزهر والأوقاف والكنيسة، وعدد كبير من القيادات التنفيذية والشعبية، والآلاف من المواطنين فى مدينة الطود والقرى والمدن المجاورة، وتم التأكيد على ضرورة سرعة السعى فى إنهاء أى خصومات ما بين أهالى القرية الواحدة لضمان التعايش فى سلام وطمأنينة، وعدم تطور الخلافات مما يؤثر بالسلب على استقرار أى مجتمع
وفى قنا قال اللواء عبد الحميد الهجان محافظ قنا أن محافظة قنا أحرزت تقدما كبيرا فى مجال الأمن والسلام الاجتماعى حيث تم انهاء الخصومة الثأرية الـ 127 خلال خمس سنوات، وذلك نتيجة جهود لجان المصالحات ومديرية أمن قنا وشيوخ وقبائل العائلات بالمحافظة.
وأكد "الهجان" أن القضاء على العدد الكبير من الخصومات مؤشر جيد يؤكد تغير ثقافة المواطن القنائى نحو انهاء الخلافات الثأرية بالصلح مشيرا الى ان ذلك ما كان ليتم لولا جهود رجال الأمن وأعضاء لجان المصالحات والدور التوعوى لوسائل الإعلام ودور الثقافة ومراكز الشباب ووزارة التربية والتعليم والجامعة ودور العبادة .
وقال محافظ قنا: نحرص على حضور كافة المصالحات التى تتم على ارض المحافظة ايمانا بأن الأمن والسلام الاجتماعى هما اساس تحقيق التنمية المستدامة والسبيل لتوفير حياه كريمة للمواطنين، ونولى اهتماما كبيرًا لملف الخصومات الثأرية وتعمل وفق خطة متكاملة بالتعاون مع مديرية الأمن، وأعضاء لجنة المصالحات والقيادات الشعبية لإنهاء كافة الخلافات للوصول نحو قنا خالية من الخصومات الثأرية ..
وعلى الرغم من أن محافظة الإسكندرية محافظة ساحلية إلا أن الجزء الغربى بدءا من العامرية وحتى الحدود مع المحافظات المجاورة لها يتشبع بالطبيعة القبلية من عادات وتقاليد سواء الايجابية والسلبية ويعيش أهل غرب الإسكندرية مثل باقى المحافظات القبلية بين عائلات قد يحدث مشاحانات بينهم .
وخلال الفترة الأخيرة نجحت مديرية أمن الإسكندرية بقيادة اللواء أشرف الجندى مدير أمن الإسكندرية فى إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين فى نطاق قسم شرطة ثان العامرية غرب الإسكندرية.
وعقدت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الإسكندرية جلسة صلح بين أطراف عائلتين بمنطقة الناصرية دائرة قسم شرطة ثانى العامرية فى النزاع القائم بينهما وذلك فى حضور قيادات المديرية وقوات من الشرطة وأعضاء لجنة المصالحات وكبار رؤوس العائلات وأفراد العائلتين، حيث تم التوفيق والصلح بين الطرفين، وأقروا جميعاً بالصلح النهائى وتعهد كلاً منهما بعدم التعرض للآخر.
وفى سياق آخر تقوم مديرية الأوقاف بالإسكندرية بعقد لقاءات توعوية وارسال قوافل من مشايخ الأوقاف الى المساجد والأهالى لعقد لقاءات مستمرة معهم فى المساجد بالإضافة الى دور الواعظات وتوعية السيدات بالتربية السليمة للأسرة والأطفال وكيفية توعية الشباب بخطورة الثأر واعتبارها عادات سيئة لابد أن يتخلص المجتمع منها وتوعية الشباب بها .