نهاية التنظيم "السرطانى".. كيف أصبحت جماعة الإخوان قاب قوسين أو أدنى من قائمة الإرهاب الأمريكية؟ واشنطن تضع الجماعة والحرس الثورى فى كفة واحدة.. والخطوة هامة لتضييق الخناق على "مثلث الشر" لإجبارهم على الرضوخ

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2019 08:00 م
نهاية التنظيم "السرطانى".. كيف أصبحت جماعة الإخوان قاب قوسين أو أدنى من قائمة الإرهاب الأمريكية؟ واشنطن تضع الجماعة والحرس الثورى فى كفة واحدة.. والخطوة هامة لتضييق الخناق على "مثلث الشر" لإجبارهم على الرضوخ ترامب والبيت الأبيض
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"اجتماع بين كيانين إرهابيين".. هكذا وصف المبعوث الأمريكى لدى إيران براين هوك، الاجتماع الذى عقد بين قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، والحرس الثورى الإيرانى فى تركيا عام 2014، وذلك بعد التسريبات التى نشرها أحد المواقع الأمريكية بهذا الصدد، وهو التصريح الذى يفتح الباب أمام تساؤلات عدة حول ما إذا كان إدراج الجماعة الإرهابية فى قائمة التنظيمات الإرهابية بالولايات المتحدة بات قريبا للغاية، فى ضوء العديد من المعطيات، وأبرزها الانتصارات الأخيرة التى حققها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، على التنظيمات الإرهابية، وأخرها مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابى، أبو بكر البغدادى، فى سوريا، فى خطوة تمثل انتصارا كبيرا للإدارة الحالية، خاصة وأنها جاءت بعد دحر التنظيم فى شمال سوريا بدعم الميليشيات الكردية.

ولعل رؤية ترامب حول "إرهابية" جماعة الإخوان ليست جديدة تماما، حيث كانت واضحة منذ حملته الانتخابية فى 2016، والتى وعد خلالها بإدراجها فى قائمة التنظيمات الإرهابية، وهو الأمر الذى أثار امتعاض غريمته آنذاك هيلارى كلينتون، وأنصارها من الحزب الديمقراطى، والذين اعتمدوا نهجا يقوم على مهادنتها، وغيرها من التنظيمات المسلحة، وهو ما بدا واضحا خلال حقبة الرئيس السابق باراك أوباما، من خلال تمكينهم من السلطة فى العديد من بلدان الشرق الأوسط، مقابل ضمان ولائهم لواشنطن، خاصة فيما يتعلق بتطبيق مخطط التقسيم، والمعروف باسم "الشرق الأوسط الجديد"، بالإضافة إلى التوقف عن تهديد الولايات المتحدة، وهو النهج الذى دفع الرئيس الأمريكى إلى اتهام إدارة أوباما مباشرة بتأسيس داعش ورعايتها خلال سنوات وجوده بالبيت الأبيض، ليصبح التنظيم تهديدا ليس فقط للمصالح الأمريكية فى محيطه الإقليمى، ولكن أيضا للمواطن الأمريكى فى الداخل.

مثلث الشر.. واشنطن تواصل الضغط على خصومها

إلا أن التصريحات الأخيرة، والتى صدرت عن مسئول معروف بتقاربه من دوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة، يبدو استثنائيا للغاية، بعيدا عن المواقف السابقة، خاصة وأن الاجتماع محل الجدل، يضم ما يمكننا تسميته بـ"مثلث الشر"، فى رؤية الإدارة الحالية، وهو الإخوان، والحرس الثورى، والذى سبق وأن صنفته واشنطن رسميا تنظيما إرهابيا، فى خطوة غير مسبوقة بوضع فرع من القوات المسلحة الرسمية لأى دولة فى قائمة التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى مكان انعقاد الاجتماع، وهو تركيا، والتى تحولت فى السنوات الأخير من دورها كحليف إلى خصم للولايات المتحدة، وهو ما بدا واضحا فى العديد من الاختلافات بين البلدين، والتى دفعت واشنطن إلى التلويح بعصا العقوبات تجاه أنقرة، فى ظل إدارة أردوغان (الداعم الأكبر لتيارات الإسلام السياسى فى المنطقة).

ترامب وهيلارى
ترامب وهيلارى

وهنا يمكننا القول بأن الخطوة الأمريكية المرتقبة تمثل محاولة جديدة من قبل ترامب، لممارسة المزيد من الضغط على خصومه فى منطقة الشرق الأوسط، عبر تجريدهم من أحد أهم الأذرع التى يعتمدون عليها، لدعمهما عالميا، باستخدام أفرع التنظيم "السرطانى"، والمنتشر فى العديد من دول العالم، لتحقيق مآربهما السياسية، فى ظل الرفض الإيرانى لتقديم المزيد من التنازلات فيما يتعلق بالاتفاق الذى ترغب واشنطن فى إبرامه معها كبديل للاتفاق النووى الذى سبق وأن وقعته طهران مع القوى الدولية الكبرى، برعاية إدارة أوباما، بالإضافة إلى الخلافات العميقة بين واشنطن وأنقرة حول سلوكيات الأخيرة المشبوهة، فيما يتعلق بدعمها للإرهاب، وكذلك سياساتها التى تمثل انتهاكا لقواعد حلف الناتو.

تحديات كبيرة.. الكونجرس أكبر العوائق

يبدو أن الخطوة الأمريكية تواجه تحديات كبيرة، وعلى رأسها موقف الكونجرس الأمريكى، ذو الأغلبية الديمقراطية، والذى يسعى إلى عرقلة الرئيس الأمريكى، خاصة قبل حوالى عام من الانتخابات الرئاسية، والمقررة فى نوفمبر 2021، فى ظل هيمنة قضايا أخرى، وعلى رأسها ما يسمى بـ"مساءلة الرئيس"، على خلفية حديثه التليفونى مع الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلنيسكى، حول شبهات تتعلق بنجل منافسه المحتمل جو بايدن، فى كييف، بالإضافة إلى التحالف الضمنى بين الديمقراطيين والجماعة، والذى يرجع تاريخه إلى حقبة أوباما، حيث يبقى التنظيم الإرهابى بمثابة ورقة التوت التى يمكن من خلالها العودة إلى حقبة الفوضى فى الشرق الأوسط.

الحرس الثورى على قائمة التنظيمات الإرهابية بواشنطن
الحرس الثورى على قائمة التنظيمات الإرهابية بواشنطن

ولكن بالرغم من ذلك تبقى أمام الرئيس الأمريكى فرصة اتخاذ القرار دون العودة للكونجرس، على غرار ما حدث مع الحرس الثورى الإيرانى، خاصة وأن الرئيس الأمريكى لا يبدو متوائما فى توجهاته مع مجلس النواب الأمريكى، ليس فقط فى مواقفه الدولية، ولكن حتى فيما يتعلق بالداخل الأمريكى، حيث سبق وأن تجاهله فى العديد من المواقف السابقة، وعلى رأسها قراره ببناء حائط عازل على الحدود مع المكسيك، وذلك لاحتواء التدفق الكبير للمهاجرين غير الشرعيين إلى الأراضى الأمريكية، وهو ما يراه ترامب تهديدا أمنيا مباشرا لبلاده، فى ظل احتمالات تسلل عناصر إرهابية، أو الزيادة الكبيرة فى معدلات الجريمة فى المناطق الحدودية، وهى الخطوة التى أثارت استفزاز الكونجرس بدرجة كبيرة.

رؤية ترامب.. الأمن يتجاوز المؤسسات

وهنا تصبح التهديدات التى تواجه واشنطن، فى رؤية ترامب، تتجاوز المؤسسات، وعلى رأسها الكونجرس، فى ضرورة التعامل معها، وهو ما يبدو فى إدراج الحرس الثورى كتنظيم إرهابى تارة، أو الشروع فى بناء حائط المكسيك، تارة أخرى، نظرا لما تمثله من خطر حقيقى، وبالتالى فإن جماعة الإخوان ربما ليست بعيدة تماما عن الرؤية الأمريكية نفسها، فى ظل تحالفها مع طهران، والتى تمثل أبرز خصوم الإدارة الحالية، وهو ما بدا فى اجتماع تركيا المسرب، بالإضافة إلى الخطورة الأمنية المترتبة عن التحاق معظم عناصرها بالتنظيمات الإكثر تطرفا، سواء القاعدة أو داعش، وهى التنظيمات التى ولدت فى الأساس من رحم الجماعة الإرهابية.

خصومة كبيرة بين ترامب والديمقراطيين بالكونجرس
خصومة كبيرة بين ترامب والديمقراطيين بالكونجرس

ويبقى توقيت القرار الأمريكى محلا للتساؤل، حيث يسعى الرئيس ترامب إلى تحقيق أكبر قدر من وعوده قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، ليتمكن من حسم الصراع الشرس لصالحه، فى ظل حملات مكثفة تهدف إلى النيل منه من قبل خصومه الديمقراطيين، وهو ما بدا واضحا فى قراره بالانسحاب العسكرى من سوريا، وهو ما يتوافق مع رغبات المواطنين الأمريكيين، بالإضافة إلى سعيه المتواتر لإنهاء أزمة كوريا الشمالية فى المستقبل القريب، ليكون بمثابة وعدا جديدا نجحت الإدارة فى الوفاء به قبل المواجهة الحاسمة.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة