كانت وسائل التواصل الاجتماعى عنصرا مهما فى قضية التنمر على التلميذ السودانى جون منوتشوك جاك، ولعبت «السوشيال ميديا» دورا فى كشف الجريمة التى ارتكبها عدد من المراهقين البلطجية، كانت نفس الوسائل مكانا لمناقشات حول الموضوع، وهى مناقشات تميل بعضها إلى التطرف فى الآراء، بين يقلل من حجم هذه السلوكيات، ومن يعمم الاتهام لكل أفراد المجتمع، وكالعادة فإن بعض سكان مواقع التواصل يتخذونها حجة لمهاجمة الجميع حتى لو كانوا هم أنفسهم يزعمون أنهم ضد التنمر والعنصرية.
بالرغم من أن من يبالغ فى تعميم الاتهام بالعنصرية على المجتمع يتجاهل أن من دافع عن التلميذ، ومن نشر وتضامن على مواقع التواصل هم مواطنون أغضبهم السلوك الهمجى ودعوا لعقاب المعتدين، وأن المجتمع ليس كله ملائكة ولا شياطين، وأن الأغلبية بالفعل تدين هذه السلوكيات مثلما تدين البلطجة وتدعو لمواجهتها بالقانون.
واتخذ التعامل مع واقعة التنمر أبعادا مختلفة من قبل أجهزة الدولة، تحركت أجهزة الأمن وتتبعت المتهمين وألقت القبض عليهم وأحالتهم للنيابة، اتخذت بعض الجهات فى الدولة إجراءات أوسع عندما تمت دعوة التلميذ المعتدى عليه وأسرته إلى منتدى شباب العالم، كنوع من الاعتذار عن سلوك بعض الخارجين عن القانون، وتأكيد أن الدولة وأجهزتها ضد أى سلوك خارج أو عنصرى يمكن أن يرتكبه خارجون على القانون، وهى خطوة مهمة تؤكد وقوف الدولة ضد هذه السلوكيات بالقانون، وأيضا بالتحرك المعنوى والاجتماعى.
ووسط التنوع الذى يوجد فى المجتمع المصرى، وعند النظر إلى التنمر أو البلطجة على لاجئين أفارقة أو غيرهم، يفترض أن يثير هذا الكثير من الأسئلة والمناقشات عما إذا كانت هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات تجاه تكرار التصرفات التى تدخل ضمن التنمر والعنصرية، بالقانون أولا، وأيضا بمزيد من الإجراءات الاجتماعية والأمنية التى تحول دون تكرار هذه السلوكيات.
مواقع التواصل شهدت تنوعا فى المناقشات حول الموضوع، البعض كالعادة يبالغ فى إسباغ السلوكيات التمييزية على المجتمع كله، بالرغم من أن نفس المجتمع وحتى هؤلاء الذين يتهمون المجتمع يفترض أنهم ضد مثل هذه السلوكيات.
وربما تكون قضية جون مناسبة لمعالجة متعددة لملف التنمر بشكل عام، وبعيدا عن التطرف فى الآراء يمينا ويسارا، أو إلقاء الاتهامات للمجتمع، هناك قاعدة واسعة وأغلبية ضد هذا السلوك، وفى نفس الوقت لا يمكن القول عن المجتمع كله خال من هذه السلوكيات، التنمر أو السلوك الخارج لا يتعلق فقط بالأفارقة ولكنه يمتد إلى الضعفاء، حيث تتسع دائرة الاعتداءات ولا يتعلق الأمر باللاجئين أو باللون، ولكن بانتشار ظاهرة التنمر والبلطجة ارتباطا بتعاطى المخدرات وغيرها.
كل هذا يجعل الأمر متجاوزا للتنمر إلى سلوكيات تحتاج لتوعية وتقويم بجانب تطبيق حاسم للقانون، بأن تتيج أجهزة الأمن والجهات الاجتماعية طرقا سهلة للضعفاء، ومن يتعرضون للتهديد أو التنمر أن يشتكوا ويجدوا الحماية.
مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك حالات تنمر لا تصل إلى الجهات الأمنية فى وقتها وهناك حوادث اعتداء يخشى الضحايا فيها من أن يضرهم الإبلاغ عن الاعتداء، وبالفعل هناك حكايات تذكر بمناسبة حادث الاعتداء على جون لحالات من التنمر والسخرية ليست من قبيل الهزار، وربما يكون هناك حاجة للتحقيق فى هذه الشكاوى بشكل يجعل القانون قادرا على الردع.
وفى نفس الوقت فإن المراهقين الذين ارتكبوا الاعتداء على التلميذ السودانى، بجانب محاسبتهم بالقانون ربما يكونون وأمثالهم بحاجة إلى تقويم سلوك يمثل علاجا لاختلال نفسى، وهناك بعض المحاكم الأوروبية تحكم على أمثال هؤلاء بجانب العقوبات المباشرة، إجراءات تفرض عليهم إجراءات أخرى مثل العمل الاجتماعى أو إخضاعهم لدورات تأهيل، والتعامل معهم كمختلين يحتاجون إلى علاج بجانب كونهم مجرمين.