الهلاوس وألاعيب العقل البشرى فى فيلم " The Lighthouse "

الإثنين، 25 نوفمبر 2019 08:00 م
الهلاوس وألاعيب العقل البشرى فى فيلم " The Lighthouse " الفيلم الأمريكي "الفنار – The Light House" إخراج روبرت إيجرز
تحليل يكتبه : جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عرض مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 41 الفيلم الأمريكي "الفنار – The Light House" إخراج روبرت إيجرز، والمشارك بالقسم الرسمي خارج المسابقة، وشهد الفيلم إقبالا كبيرا لكونه من أهم الأفلام بالمهرجان والمرشح بقوة لعدة جوائز بالأوسكار المقبل.

تأتي أهمية الفيلم من موضوعه الذي يأخذنا فيه مخرجه روبرت إيجرز لرحلة داخل النفس البشرية المصابة بالهلاوس من خلال تتبع اثنين من حراس الفنار، هما: ويليم دافو في شخصية "توماس ويك" وروبرت باتينسون في شخصية "إفرايم وينسلو"، ويبدأ الحارسان في فقدان عقليهما عندما تقطعت بهما السبل في الجزيرة النائية التي يتمركزون فيها وهي جزيرة "نيو إنجلاند" المعزولة في أواخر القرن الـ19، فالبحر بما يحمله من عمق وحرية هو بطل من أبطال الفيلم صدره المخرج في عدة مشاهد ليعمق الاحساس بمأساة البطلين مع تلاطم أمواجه أيضا رمزية الطيور ومشاهدها تحمل دلالات عن سلب حرية البطلين في تلك الجزيرة وذلك الفنار المهجور .

الفيلم يتعمق في النفس البشرية للحارسين، فنرى الهلوسة مسيطرة عليهما والتي تختلف عن الوهم، فالهلوسة إدراك لموجود غير موجود أما الوهم فتأويل مغلوط لواقع حقيقي، وقد تكون الهلوسة تلبية لرغبة مكبوتة مثلما يحدث مع الحارسين للفنار " توماس ويك وإفرايم وينسلو " فهما لم يصلا لحد الجنون فالهلاوس ليست مرتبطة بالضرورة بالجنون أو الأمراض النفسية كما هو شائع فالهلوسة قد تحدث نسبيا لأي شخص عادي .

فيلم المنار مرشح للأوسكار
فيلم المنار مرشح للأوسكار

الفيلم واقعي وفانتازي في نفس الوقت وهذه القيمة الفنية والعبقرية التي وضعها المخرج في السيناريو فهو مشارك في كتابته مع شقيقه ماكس إيجرز، فنحن أمام حدث واقعي في فنار بجزيرة مهجورة لكن داخل الحدث ذاته تحدث الفانتازيا نتيجة الهلوسة التي تصيب البطلين فالرغبة تفرض نفسها على العقل بقوة حتى تتجسد بالواقع، وهو ما يحدث حتى للناس العاديين الذي يفقدون شخصا عزيزا، فيستمرون في رؤيته أحيانا فالعقل يخدم رغبات الإنسان على نحو يتخيل فيه ما يرغب في رؤيته، ويصدق ما يرغب في تصديقه فهكذا كان بطلي الفيلم .

الفيلم يتعمق في اغوار النفس البشرية
الفيلم يتعمق في اغوار النفس البشرية

المخرج اختار الابيض والاسود ليزيد من القيمة الفنية والجمالية للفيلم والواقعية في الأحساس بالزمن الذي تدور فيه الأحداث في القرن الـ 19، كما أن المخرج اختار ارتفاع وعرض للصورة السينمائية يختلف عن أفلام الفترة الحالية فقد اختار نفس مواصفات أفلام تلك الفترة وهذه أيضا من العوامل التي تضفي جمالا فنيا، وواقعية أكثر فالفيلم برغم أنه لا ينتمي لأفلام الرعب إلا أنه قد اعادنا للأفلام الكلاسيكية المرعبة التي ظهرت عن تلك الفترة .

أداء النجمين روبرت باتينسون و ويليم دافو أحد أهم عناصر تميز وقوة الفيلم وأهميته فأدائهما غيرعادي بل شديد الصعوبة فكلا منهما يجسد شخصية مصابة بالهلاوس السمعية والبصرية ومثل هذه الشخصيات يحتاج دراسة وتدريب كبير إضافة لأداء مختلف، وبالفعل نجحا الثنائي في جذب الجمهور وشعور كل من يشاهد الفيلم بحالة من الدهشة لما يقدماه من أداء متميز ومتفرد وعبقري فنحن أمام مباراة تمثيلية ينتصر فيها الطرفين فلا خسارة لأحد وفوز لآخر بل المبارة ينتصر فيها الممثلان ويتفوقان سويا . 

أداء النجمين روبرت باتينسون و ويليم دافو أحد أهم عناصر تميز وقوة الفيلم
أداء النجمين روبرت باتينسون و ويليم دافو أحد أهم عناصر تميز وقوة الفيلم

" The Lighthouse " هو أحد أهم أفلام السنة والأكثر تأثيرا في النفس البشرية فنحن أمام فيلم ملىء بالتفاصيل يستحق المشاهدة أكثر من مرة، وفي كل مرة ستكتشف عناصر جمالية مختلفة عن المشاهدة الأولي فلم يتسلل الملل أثناء المشاهدة لأيا من الجمهور ولم يخرج مشاهد من الفيلم أثناء المشاهدة ونا شخصيا ظللت مدة الفيلم ساعة و50 دقيقة منتبه منبهر بكل عناصره بدء من الصورة الغير عادية لمدير التصوير  Jarin Blaschke والموسيقي الخاصة التي صنعها مارك كورفين تدخلنا في عالم الأبطال وقصصهم . 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة