ليس هناك شعب فى العالم، لديه هذا العدد الهائل من المناسبات والأعياد سواء التاريخية أو الدينية أو السياسية، مثل الشعب المصرى، ففى مصر نحو 25 عيدا رسميا فى العام، بالإضافة إلى عدد كبير من الأعياد والمناسبات غير الرسمية خاصة المرتبطة بالدين سواء الإسلامى أو المسيحى، مثل شهر رمضان والمولد النبوى الشريف وعاشوراء و27 رجب ونصف شعبان ووقفة عرفات وشم النسيم وأحد السعف مثلا للمسيحيين، وغيرها الكثير من الأعياد المصرية الأصيلة المتفردة.
ورغم هذا العدد الكبير من الأعياد، لم تقم أى حكومة مصرية سابقة، بمحاولة استغلال هذه الأعياد اقتصاديا والترويج لها سياحيا سواء على المستوى المحلى أو الخارجى، مثلما نرى في بعض الدول التى ليس لديها إلا يوما واحدا أو يومين مميزين فى العام، ورغم ذلك يتم الترويج له بشكل منظم محليا ودوليا ليستفيدوا من عائدات السياحة به، مثل "عيد الهلوين" مثلا في أمريكا الذى لا يتجاوز عمره 100 عام ومع ذلك استطاعت أمريكا ليس الترويج له فيها فحسب، بل قامت أيضا بتصديره للخارج وأصبح هناك عدد كبير من الدول تحتفل به من كثرة الترويج له.
وللأسف مصر رغم وجود عدد من الوزارات والهيئات التابعة لها، من المفترض أنها معنية بهذا الإرث الثقافى العظيم، مثل وزارات السياحة والثقافة وحتى التعليم والاستثمار، وهيئاتها التابعة، إلا أن أى من هذه الوزارات لم تنتبه لهذا الكنز المفقود، بل والمهدر بشكل كامل، ولم تقم أي وزارة منها بطرح هذه الأعياد والمناسبات فى برامجها السياحية والتثقيفية والاستثمارية على الجمهور المحلى والأجنبى لخلق مقاصد سياحية مستمرة طوال العام وتتمتع بشعبية عالية ويوجد بها فاعليات واحتفالات تتميز وتنفرد بها مصر عن باقى دول العالم.
فعيد "شم النسيم" مثلا الذى احتفل به المصريون منذ أيام، لا يوجد مثيل له فى أى دولة بالعالم، وله طقوس وفاعليات، ليست موجودة فى أى مكان بالعالم، وكان من الممكن بسهولة الترويج له سياحيا فى الداخل والخارج، وتنظيم رحلات خاصة وبأسعار خاصة للعالم كله فى هذه المناسبة المصرية المتفردة والاستفادة منها بشكل كبير جدا، لكن للأسف لم يحدث ذلك، بل على العكس يتم تصديره فى وسائل الإعلام على أنه مناسبة للتسمم بالأسماك المملحة والتحرش بالفتيات، وغير ذلك من السلبيات التى يتم التركيز عليه، وتتنافس الوزارات فى عرض إجراءاتها الأمنية والصحية لمواجهة الكارثة الآتية، كما يصورنها، دون أى وازع وطنى، وعدم قدره على معرفة أن هذه الإجراءات يجب أن تحدث طوال العام ومع كل المناسبات بدون إعلان أو تخويف للداخل والخارج.
ونتيجة جهل هؤلاء المسئولين، تهدر مقدرات أصيلة لهذا الشعب، بعدما يتناسوا الجانب الأهم والأكبر والأحسن فى هذه المناسبات الشعبية المهمة، والتى يمكن استثمارها لصالح الوطن بسهولة وقليل من الوعى الوطنى، وشىء بسيط من الاهتمام والاستعداد.
ويكفى أن نعلم أن مناسبة مثل "رحلة العائلة المقدسة" مثلا فى مصر والتى اعتمدها بابا الفاتيكان كمناسبة للحج مؤخرا، كانت كفيلة بتغيير شكل السياحة الدينية فى مصر، رغم ذلك لم تلقى الاهتمام الذى يتناسب معها، ورغم أنها تضم نحو 8 أماكن أو مزارات فقط، إلا أن أغلب هذه المزارات غير معد للزيارة، ومهمل، وليس له طرق معبدة، ولا يوجد بها أى نوع من الاهتمام أو الاستعداد لاستقبال آلاف الزوار من الحجاج المسيحيين من العالم، متوقع أن يتجهوا لها بعد اعتماد البابا.
هذه نماذج بسيطة جدا، ويوجد غيرها الكثير جدا، سواء لدى المسلمين أو المسيحيين، لكنها لا تجد أى مسئول يهتم بها أو يعرضها كوجهات سياحية...فهل سنجد يوما حكومة تستطيع أن تستفيد من هذه الكنوز المهدرة والمهملة؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة