"التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر"، فما يمكننا ترسيخه فى عقول أبنائنا الصغار الآن، من الصعوبة بمكان ترسيخه لديهم فى الكبر، حيث عقول الأطفال أكثر استيعاباً فى السنوات الأولى، لكن للأسف بعض المدارس الخاصة تتجاهل ذلك.
الاهتمام بالأنشطة المدرسية حل مكان التعليم وتلقى الدروس، وترسيخ قواعد القراءة والكتابة ومخارج الحروف لدى الأطفال، فبعض المدارس لا يشغلها سوى حشو اليوم الدراسى بأكبر عدد من الأنشطة المدرسية والترفيهية، وجمع الأموال من أولياء الأمور، بزعم تنظيم يوم ترفيهى لمكان كذا، وعمل نشاط "كذا"، للحصول على أكبر كم من الأموال، وإنهاك الأطفال بأنشطة طوال اليوم الدراسى دون استفادة علمية حقيقية، فـ"المهم الطفل يرجع لأهله مبسوط".
هذه المدارس تفعل ذلك تحت زعم الاهتمام بالجانب العقلى وعدم الاعتماد على الحشو والتلقين، فى حين أنها فى حقيقة الأمر لا تملك مدرسين أكفاء لتعليم الأطفال وترسيخ قواعد الكتابة والقراءة السليمة سواء فى اللغة العربية أو الإنجليزية، وإنما يلجأ هؤلاء المدرسين لأجهزة الكمبيوتر الصماء ليردد خلفها الطلاب الكلمات والدروس دون استيعاب أو فهم.
هذه المدارس بالرغم من أنها تجنى آلاف الأموال من أولياء الأمور الطامحين فى تعليم أطفالهم بطريقة حديثة ومتطورة، تمهيداً لالتحاقهم بكليات القمة وتقلدهم مناصب كبيرة، تتبخر أحلامهم عندما يكتشفون أن نسبة التحصيل ضعيفة، وعقول الأبناء فارغة، وأن ما تعلموه فى هذه المدارس لا يسمن ولا يغنى من جوع، وأن أموالهم الطائلة ذهبت مع مهب الريح، وأنهم لم يجنوا من التحاق ذويهم بهذه المدارس سوى الاستعراض أمام أقاربهم وذويهم والتفاخر بالتحاق أطفالهم بمدارس خاصة.
هذه المدارس تحتاج لمراقبة دورية من قبل المسئولين بالتربية والتعليم، والوقوف على ما يتم تدريسه للأطفال وصغار السن، والتأكيد على الاهتمام بالجانب التعليم، وعدم اعتباره أمراً هامشياً بالمقارنة بالأنشطة المدرسية، واختبار التلاميذ فى المناهج الدراسية خاصة الحكومية، والوقوف على مدى تحصيلهم منها، والحرص على الاهتمام باللغة العربية وقواعدها ومخارج الحروف لدى الأطفال، الذين يصلون لسنوات متقدمة فى هذه المدارس ولا يعرفون القراءة أو الكتابة نظراً لاهتمامها باللغات الأجنبية على حساب العربية.