أكرم القصاص

30 عاما على سقوط سور برلين.. أسوار «بريكست» وقلق من توسع نفوذ موسكو

السبت، 09 نوفمبر 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحتفل أوروبا بالذكرى الثلاثين لسقوط سور برلين وتوحيد ألمانيا، ثم أوروبا، لكن الاحتفالات تأتى وسط شكوك جديدة ونظام عالمى يختلف عما كان عليه الحال قبل ثلاثين عاما، سقط سور برلين، واحتفل الغرب بانتصاره على الاتحاد السوفيتى وانتهاء الحرب الباردة، ومع الوقت بدا الحديث عن نظام عالمى جديد، وحيد القطب تسيطر عليه الولايات المتحدة، ويسوده اقتصاد السوق، وبدا هذا الأمر كأنه واقع حتى عشر سنوات مضت. 
 
ومن يراجع الفرق بين الذكرى العشرين والثلاثين لسقوط السور يمكنه اكتشاف الفرق، حيث تراجعت علامات التفوق الغربى لتحل مكانها مخاوف وقلق وشكوك، وبعد أن كانت أوروبا بعد سقوط سور برلين تتحدث عن أحلام الوحدة وسقوط الجدران، كان الاتحاد السوفيتى يواجه الفوضى والتفكك، اليوم أصبحت روسيا لاعبا رئيسيا فى عالم اليوم، وهناك مخاوف من توسع نفوذ روسيا بسياسات بوتين.
 
فى التاريخ والسياسة تتفاعل الأحداث بشكل أقرب للتفاعلات الكيماوية وتنتج مركبات وأملاح تختلف عما كان فى البدء، لقد سقط سور برلين فى 9 نوفمبر 1989، وخلال أقل من عامين انهار الاتحاد السوفيتى والكتلة الشرقية والاشتراكية، وبدأت الإمبراطورية السوفيتية فى التفكك بانفصال جمهوريات البلطيق، وتوحدت ألمانيا بعد عام واحد، وبدا أن أوروبا الغربية تتجه إلى الوحدة الاقتصادية والسياسية، فيما يعلن منظرو الولايات المتحدة بداية عصر جديد للرأسمالية باعتبارها «نهاية التاريخ». 
 
الرئيس السوفيتى ميخائيل جورباتشوف، رئيس الحزب الشيوعى السوفيتى «1985 1991»، دعا إلى إعادة البناء أو البريسترويكا التى أثمرت فى 26 ديسمبر 1991 عندما وقع بوريس يلتسن على اتفاقية حل اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية، وكان يتجه لحل الاتحاد الروسى وهو ما بدا صادما حتى لجورباتشوف الذى استقال ليكون آخر قادة للاتحاد السوفيتى.
 
 الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قال: إن جورباتشوف أخطأ فى التسليم للغرب، لكن جورباتشوف المتهم بأنه السبب فى تفكك الاتحاد السوفيتى يقول فى مقابلة قريبة مع هيئة الإذاعة البريطانية فى الذكرى الثلاثين لسقوط جدار، بأنه ما زال «يرحب بالتغيير الديمقراطى فى ألمانيا الشرقية ودول أخرى فى الكتلة السوفياتية، لكنه لم يفترض أن الجدار سوف يسقط بهذه السرعة».
 
جورباتشوف حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1990، بعد إعلان نهاية الحرب الباردة وسباق التسلح مع الرئيس الأمريكى رونالد ريجان، وفى أول 1991 قادت الولايات المتحدة تحالفا لتحرير الكويت بعد غزو صدام حسين، وبدا الموقف السوفيتى ضعيفا، فقد كان السوفييت مشغولين بفوضى الانهيارات، وتولى بوريس يلتسين رئاسة الاتحاد الروسى «1991- 1999»، وهى الفترة التى سقط فيها روسيا فى الفوضى والفساد وخرجت من أى تأثير دولى، بينما بدا أن الولايات المتحدة والغرب كانوا يعيدون تشكيل العالم وفقا للنموذج الغربى.
 
قبل عشر سنوات فى نوفمبر 2009، أحيت ألمانيا الذكرى الـعشرين لسقوط جدار برلين، وشارك فى الاحتفالات قادة الدول الكبرى الأربع التى احتلت المدينة، رئيس الوزراء البريطانى وقتها جوردن براون والرئيسان الفرنسى نيكولا ساركوزى، والروسى دميترى مدفيديف، ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، وبوجود المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التى نشأت فى ألمانيا الشرقية، وعبرت السور مع آلاف الألمانيين الشرقيين، لتتولى قيادة المانيا حتى الآن. 
 
لكن الذكرى الثلاثين بعد عشر سنوات تأتى فى واقع يبدو مختلفا سياسيا واقتصاديا، حيث تستعد بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوربى بعد استفتاء «بريكست»، وتواجه فرنسا احتجاجات، ويصعد اليمين ويحقق نتائج متقدمة فى المانيا وفرنسا وأوروبا عموما، وتقوم جدران أخرى بديلا عن جدار برلين داخل أوروبا نفسها وحسب الكاتب برونو تيرترى، مدير مساعد لمؤسسة البحوث الاستراتيجية بباريس «أثارت العولمة أملا بزوال الحدود، لكنها فى الواقع أدت إلى «صدمة ارتدادية» وتغذية «النزعات السيادية والقومية» التى تحبذ الحواجز، حيث تقوم حواجز وجدران فعلية، رصدها تقرير معهد «ترانسناشنال» أن «الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، وفى فضاء شنجن شيدت منذ تسعينات القرن الماضى نحو ألف كيلومتر من الجدران تعادل ست مرات طول جدار برلين، بهدف منع دخول نازحين«.. وبالإضافة إلى الجدران الفعلية هناك حواجز سياسية واقتصادية، ودعاوى طرحها الرئيس الفرنسى باستعادة روسيا إلى أوروبا، فيما تبدى أوروبا قلقا من توسع النفوذ الروسى فى أفريقيا والشرق الأوسط، بينما تنسحب الولايات المتحدة، بل وتواجه صراعا داخليا لم يكن موجودا وقت وجود سور برلين.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة