قليلون هم المخرجون الذين تجمع أعمالهم بين القيمة السينمائية والإيرادات، وإذا تطرقنا لهؤلاء ستجد المخرج سمير سيف رحمه الله، والذى رحل عن دنيانا مساء أمس الأول الإثنين، هو أحدهم بل أبرزهم ممن قدموا الأكشن والدراما فى العصر الحديث، حيث تمكن من تحقيق المعادلة الصعبة بين إرضاء النقاد والجمهور بأعماله المميزة وفى نفس الوقت النجاح التجاري والإيرادات المرتفعة، ربما عمله كمساعد مع مدارس إخراجية مختلفة مثل شادي عبد السلام ونيازى مصطفى ويوسف شاهين وحسن الإمام، جعله يكون رؤى مختلفة ومتكاملة، حيث تمكن من أن يأخذ ميزة من كل هؤلاء الذين تتلمذ على أيديهم.
كان سمير سيف من مخرجي جيل الوسط الذين غيروا في شكل ومضمون السينما، حيث تمكن من خلق مدرسة إخراجية لنفسه خاصة به، ركز فيها على الأكشن والحركة والغموض، فكانت بداياته عام 1976 من خلال فيلم «دائرة الانتقام»، مع النجم الكبير الراحل نور الشريف، وعدد كبير من الفنانين الكبار منهم شويكار ويوسف شعبان وإبراهيم خان وصلاح قابيل، وهو العمل الذى حقق نجاحًا كبيرًا وقت عرضه، وفى نفس الوقت وضع نور الشريف فى منطقة جديدة عليه بعيدًا عن الهدوء والرومانسية، بعد هذا الفيلم وفى العام التالى مباشرة قدم المخرج سمير سيف فيلم «قطة على نار»، مع نور الشريف أيضًا ومعه زوجته بوسي، لكن لم يحقق نفس نجاح «دائرة الانتقام»، وفى عام 78 تعاون مع ملك الترسو فريد شوقى، وفى عام 79 جاء ليتعاون مع السندريلا سعاد حسنى ومؤلفها المفضل والأقرب لقلبها صلاح جاهين من خلال فيلم "المتوحشة".
كان عام 81 بمثابة الانطلاقة الفنية الجديدة وإعادة التألق والتميز من جديد للمخرج سمير سيف، والزعيم عادل إمام أيضا، عندما قدمه في فيلم «المشبوه»، والذي اعتذر عنه نور الشريف، ليأتي عادل إمام ويقدم أروع وأهم أدواره مع السندريلا سعاد حسنى، ليكون هذا الفيلم بمثابة بداية دويتو سينمائي بين المخرج سمير سيف والنجم الكبير عادل إمام، حيث تكرر تعاونهما فنيًا فى عدة أعمال شديدة التميز.
المفارقة أن سمير سيف بعدما وجد ارتياحًا شديدًا فى التعاون مع نور الشريف، خاصة أن أول أفلامه كمخرج كانت معه، بل إن نور الشريف هو الذى قدمه لفيلم «دائرة الانتقام»، بصفته منتجًا للفيلم، كرر هذا التعاون كثير، وظل متفرغًا لهذا الدويتو السينمائي بالتوازى مع الدويتو الذى جمعه مع الزعيم، فبعد نجاحه الكبير مع «المشبوه» لعادل إمام، عاد للعمل مع نور الشريف فى فيلم «غريب فى بيتى» عام 82، وهو العمل الذى جمعه بالسندريلا سعاد حسنى أيضًا، ليأتى فى العام الذى يليه ويعود للعمل مع الزعيم عادل إمام فى فيلم «الغول»، الذى اعتمد أيضًا من خلاله على الأكشن والإثارة والغموض، من خلال شخصية الصحفي عادل إمام الذى يرفض الظلم المتمثل فى الشخصية التى قدمها وحش الشاشة فريد شوقى، فيسعى لقتله حتى يتحقق هذا فى نهاية الفيلم، كنوع من الانتصار للحق وقتل الظلم.
بعد النجاح الكبير لفيلم «الغول»، ومن قبله «المشبوه»، وجد سمير سيف أن الزعيم عادل إمام بمثابة الورقة الرابحة له، فهو الفنان الذى يجد ارتياحا أيضًا فى العمل معه بجانب نور الشريف، ويخرج له ما يريده من طاقة تمثيلية وانغماس مع الشخصية كمخرج، وفى نفس الوقت يستطيعان تحقيق القيمة الفنية والنقدية والنجاح الجماهيري معًا، ليتكرر العمل بينهما ويقدم الاثنان عام 84 الفيلم الشهير «احترس من الخط»، وفى نفس العام يقدم سمير سيف مع صديقه الآخر ونجمه الآخر المفضل نور الشريف فيلم "آخر الرجال المحترمين".
خلال هذه السنوات وبالتحديد منتصف الثمانينيات مع مطلع التسعينيات، كان الزعيم عادل إمام صاحب الكلمة العليا في شباك التذاكر والنجم الأكثر تحقيقًا للإيرادات، لذلك لم يتحمس سمير سيف لنجم آخر فكرر تعاونه مع الزعيم من خلال عدة أفلام متتالية هى «الهلفوت» عام 1985، و«النمر والأنثى»، عام 1987، و«المولد» عام 1989، وفى عام 1991 قدم فيلمين من أنجح أفلام الزعيم جماهيريا هى «شمس الزناتى» و"مسجل خطر".
بالتوازي مع هذا الدويتو السينمائي المختلف والمتميز الذى شكله سمير سيف مع النجم عادل إمام، كان هناك تعاون مستمر أيضًا مع النجم نور الشريف لم ينقطع على الإطلاق، فبعد فيلم «آخر الرجال المحترمين»، والذى قدمه سمير سيف مع نور الشريف عام 84، قدم الاثنان فى نفس العام فيلم «شوارع من نار»، ومعهما مديحة كامل وليلى علوى، وفى عام 1985 قدما فيلم «المطارد»، ومعهما سهير رمزي، وفى عام 1986 قدم الاثنان «عصر الذئاب»، ومعهما ليلى علوى والعملاق عادل أدهم، وفى عام 93 قدما معا «لهيب الانتقام»، و«الزمن والكلاب» عام 96، و«عيش الغراب» عام 97.
مع بداية عام 1990 خرج سمير سيف من دائرة التواجد فقط مع عادل إمام ونور الشريف، ليكون الاثنان أبطال أفلامه، حيث تعاون مع آخرين بجانبهما، ففي هذا العام عمل مع النجمة نبيلة عبيد فى فيلم «الراقصة والسياسى»، ومع الفنان الكبير محمد صبحى فى فيلم «الشيطانة التى أحبتنى»، ومعهما لبلبة.
كان عام 2000 بمثابة مرحلة جديدة أيضا فى حياة المخرج الكبير الراحل سمير سيف، حيث قدم أول أعماله السينمائية مع النجم الكبير الراحل محمود عبد العزيز بعدما قدما معا مسلسل «البشاير»، وذلك من خلال فيلم «سوق المتعة»، للكاتب الكبير وحيد حامد، ليكرر سيف تعاونه مع وحيد حامد أيضًا بعدها بعامين وبالتحديد عام 2002، مع نجم كبير أيضا بل الأكثر موهبة فى جيل الكبار وليس الأكثر جذبا للإيرادات، وهو أحمد زكى من خلال فيلم "معالى الوزير"
خاض الراحل سمير سيف أيضًا عدة تجارب فى عالم الدراما التليفزيونية كانت بدايتها عام 1986 من خلال مسلسل «البشاير»، والذى قدم من خلاله الساحر محمود عبد العزيز شخصية أبو المعاطى شمروخ، الفلاح البسيط الذى يتغرب لجمع المال، ثم يعود لزراعة أرضه حتى يلتقى بالممثلة الشهيرة سلوى نصار، والتى قدمتها الراحلة مديحة كامل، ومن هنا تتصاعد الأحداث فى إطار درامى كوميدى، كما قدم مع النجمة الكبيرة يسرا مسلسلى «أوان الورد»، و«بالشمع الأحمر»، وقدم مع النجمة ليلى علوى مسلسل «نور الصباح»، و«نسيم الروح»، لمصطفى شعبان ونيللى كريم والسورى أيمن زيدان، كما قدم مسلسل «السندريلا»، عن قصة حياة سعاد حسنى، بصفته أحد المخرجين الذين عملوا معها فى عدة أفلام مهمة، وتولت المسلسل منى زكى، لكن لم يحقق العمل النجاح المتوقع، ربما أصبح الخطأ الوحيد فى مشوار سمير سيف الحافل بعشرات الأفلام التى حققت نجاحًا كبيرًا للغاية، فضلا عن محطات تليفزيونية متميزة رغم قلتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة