نماذج الإلهام حاضرة بقوة فى النسخة الثالثة من منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، ومع تفاعل المشاركين مع هذه النماذج إلا أنهم فى نفس الوقت لا يبحثون عن مجرد الإعجاب، بل يبحثون عما هو أعمق من ذلك، وهو أن تكون تجاربهم مصدر إلهام للجميع، فالإعاقة الجسدية ليست نهاية المطاف، بل من السهل جداً التعامل معها ومواصلة الإبداع.
فى أروقة المنتدى شارك الكثير من الشباب ذوى الاحتياجات الخاصة، من بينهم محمود محمد يوسف، أحد الشباب ذوى الاحتياجات الخاصة، الذى يشارك فى منتدى شباب العالم للمرة الثانية، حيث يجول فى أروقة القاعة على كرسيه المتحرك، الذى أصبح رفيقه أن تعرض لحادث فى 2010
.
محمود حالياً يعمل فى شركة خاصة وفى نفس الوقت لاعب منتخب مصر فى التنس على الكراسى المتحركة، فهو خريج كلية تربية رياضية، وكان قبل تعرضه للحادث مدرب كونغ فو، مشيراً إلى أنه بعد الحادث احتاج لـ3 سنوات لكى يستطيع أن يواجه المجتمع بعد الحادث، وخلال هذه الفترة كان يحاول تهيئة نفسه نفسيا، ويقول "ما ساعدنى على الخروج هو الرياضة من خلال لعب التنس، وبعدها بدأت فى العمل، ولم يكن الأمر فى البداية سهل".
محمود خلال مشاركته فى المنتدى كانت لديه رسالة واضحة، ويقول فى تصريحات خاصة "فى المنتدى لمسنا تفاعل قوى جداً من الشباب معنا والرسائل تصل بشكل قوى جداً، لان فكرتنا أن الشباب يعيش نفس تحديات الأشخاص ذوى الإعاقة، وفى نفس الوقت نفكر فى الحلول لهذه التحديات، والتفاعل كان موجود من الجميع من مصريين وأجانب، ودائما ما اقول لهم أن التعاطف رغم أهميته لكنه ليس هو حلمنا، لأنه قد يساعد لكننا بحاجة إلى أن يتم توجيه للطريق الصح، فنحن لا نحتاج تعاطفى إنسانى بقدر حاجتنا للتعاطف من خلال توفير كل الإمكانيات التى تساعدنا على العمل وتفير أماكن عمل ملاءمة لطبيعتنا".
تواجد ذوى الاحتياجات الخاصة فى المنتدى خلفه الكثير من التفاصيل، جزء منها تعرضه آمنة الساعى، عضو مؤسس ورئيس مجلس إدارة مؤسسة "حلم"، التى تعمل كشريك للمنتدى فى التوعية بآليات التعامل ودمج ذوى الاحتياجات الخاصة، وقالت إن مهمتهم الرئيسية هى إحداث نوع من التوعية الكاملة للمشاركين فى المنتدى والمنظمين للتعامل مع الشباب ذوى القدرات الخاصة، لافتة إلى أنهم قبل انطلاق اعمال المنتدى بيومان عقدوا جلسات وورش عمل مع المنظمين تم خلالها شرح كيفية التعامل وتوفير كافة الإمكانيات.
وأشارت أمنة الساعى إلى أن مشاركتهم هذا العام هى الثانية كشريك للإتاحة والدمج للأشخاص ذوى الإعاقة فى منتدى شباب العالم، وقالت إن البداية كانت من أول وصول الشباب إلى شرم الشيخ وحتى مشاركتهم فى الجلسات ثم مغادرتهم للمدينة، موضحة أنه خلال مشاركتهم الأولى فى العام الماضى تم تدريب مجموعة من العاملين على التعامل مع الأشخاص ذوى الإعاقة، وهذا العام تم عمل تجارب محاكاة لكى يعيش الشباب الأصحاء تجربة الشخص ذوى الإعاقة، ويتم وضعهم مكانهم، وتم ذلك من خلال جلوسهم على الكراسى المتحركة ليتعرفوا على الكيفية التى يقوم الشاب المعاق باستخدام الكرسى والتعامل معه، كما عايش الشباب تجربة الكفيف، وكيف يستخدم الكمبيوتر والموبايل عن طريق برنامج ناطق عليهم.
وأوضحت أمنة الساعى أن "التدريبات شارك فيها الشباب من خلال ورشة ركزت على كيفية التعامل مع الأشخاص ذوى الإعاقة، وكان الشعار الذى نتعامل معه هو أن الإعاقة لا تقيد الحركة، وأن المشكلة الرئيسية حينما نضع المعوقات أمام ذوى الاحتياجات الخاصة، سواء من خلال بناء أماكن غير مؤهلة للمعاقين أو غيرها، لذلك وضعنا استراتيجية وأفكار لتخطى الحواجز"، لافتة إلى مؤسسة "حلم" تعمل مع أكثر من 900 شركة واستطاعت تحويل 1500 مبنى ليكون أكثر إتاحة للتعامل مع ذوى الإعاقة مثل الوزارات ومراكز الشباب ومكاتب تأمين، ومصانع وشركات، وأماكن خدمية مثل البنوك، مؤكدة " هذا دورنا، أن نتحدى الظروف ونساعد على دمج الشباب ذوى الاحتياجات الخاصة فى المجتمع وسوق العمل".
وقالت أمنة الساعى" لدينا مشكلة فى الـ5% الخاصة بتوظيف ذوى الاحتياجات الخاصة، لأنه حال توفير الوظائف تكمن المشكلة فى أن أماكن العمل غير مهيأة لهؤلاء الشباب، ودورنا حل المشكلة من جذورها، فبعدما نجحنا فى توفير 300 وظيفة لذوى الاحتياجات الخاصة، للأسف لم يستمروا بها لأكثر من ستة أشهر، لوجود توقعات خاطئة لدى الشاب المعاق عن نفسه وكما أنه فى الغالب ليس مؤهل لهذه الوظيفة، فضلاً عن عدم ملائمة المكان له، فالشركات لا يوجد لديها آلية للتعامل مع الموظف المعاق، ومن هنا بدأنا فى عملية رفع مساحى لأماكن العمل والامكان الخدمية ونقول لهم ما الذى يحتاج للتغير وفق المعايير العالمية، والتعرف على آليات العمل وتأهيل المعاقين على سوق العمل، من خلال نظام محاكاة"، مشيرة إلى أن المؤسسة قامت خلال الفترة الماضية بتدريب حوالى 1500 شخص من ذوى الاعاقة ليكونوا مؤهلين للعمل.
وأشارت إلى أنه أثناء تواجدها فى المنتدى لمست هناك تعاطف كبير من المشاركين مع الشباب ذوى الاحتياجات الخاصة، وزاد من ذلك أن المنتدى به قصص نجاح مثل جيسكا وغيرها من النماذج التى استطاعت تغيير منظور الجميع تجاه ذوى الاعاقة، موضحة أن المؤسسة تشارك فى المنتدى بـ22 شخص غالبيتهم من ذوى الاعاقة، خاصة أن العاملين فى مؤسسة الحلم والمتطوعين والمستشارين أكثر من نصفهم من ذوى الإعاقة.